بصمتها عن تفسير تأجيل حوار مرسى المسجل مع عمرو الليثى ست ساعات كاملة، أشعلت مؤسسة الرئاسة بورصة الشائعات حول تدخل مكتب الإرشاد فى إجراء عمليات «مونتاج» على الحوار، وذهب البعض إلى القول أن المكتب تدخل بالحذف والإضافة فى إجابات الرئيس، وهو ما يثير الجدل مرة اخرى حول من يحكم مصر فعلا؟.. وهل الرئيس مجرد واجهة لمكتب الإرشاد ولا يستطيع ان يتخذ أى قرارات إلا بموافقته ومباركته؟.. وهل صحيح فعلا أن خيرت الشاطر قال لمرسى خلال جدل ساخن بينهما، بحضور عدد من قيادات مكتب الإرشاد، ان الجماعة صرفت على حملته الانتخابية 600 مليون جنيه، وان الرئيس لو أراد الاستقلال عن رأى الجماعة فعليه دفع هذا المبلغ لها؟!
كان أمام الرئيس فرصة لوقف سيل هذه الشائعات التى تهدد شرعيته، بأن يصدر بيانا يوضح فيه الأسباب الحقيقية لتأخير إذاعة حواره هذا، لا أن يضع نفسه فى بؤرة اتهامات تنتقص من قدره كرئيس لكل المصريين، وتضاعف من أعداد المعارضين له شخصيا لعدم حفاظه على استقلالية مؤسسة الرئاسة، وتزيد عدد المناوئين لسياساته التى لم ينجح خلالها فى تحقيق انجاز واحد طوال السبعة أشهر الماضية!
والمثير للأسى أيضا، أن الحوار ــ رغم تأخير إذاعته طوال هذه الساعات ــ أظهر الرئيس وكأنه يحكم بلد فى «كوكب تانى»، فالرئيس لم ير فى عصيان بورسعيد المدنى الذى يمتد فتيله للعديد من المحافظات، سوى بلطجة وخروج عن القانون، مهددا بأنه سيتعامل معه بحسم، دون أن يبدو انه يتفهم حجم المعارضة المتنامى ضده وضد جماعته فى كل أنحاء مصر!
وحتى حديثه عن علاقته الجيدة بالجيش لم تقنع أحدا، فالكثيرون يرون أن الجيش بالبيانات الأخيرة المنسوبة لعسكريين عن اضطراره للتدخل إذا تعرضت الدولة المصرية لخطر السقوط، تنبىء بوضوح ان هناك خلافات جذرية فى وجهات النظر حول ما يحدث فى حياتنا السياسية بين المؤسسة العسكرية ومؤسسة الرئاسة حول سياسات الرئيس والإخوان، كما أن ما يفعله الجيش فى سيناء من إغراق أنفاق غزة لا يرضى بالقطع الإخوان بارتباطاتهم الوثيقة بحركة حماس، والتى رأى قادتها فى غلق الانفاق تشديدا من مصر للحصار المفروض عليها!!
كما أن دعوة الرئيس للمعارضة للحوار معها حول ضمانات الانتخابات البرلمانية القادمة، لم تلق أى استجابة من مختلف فصائلها،
فالرئيس على ما يبدو لا يدرك خطورة مقاطعة المعارضة للانتخابات، والتى إذا تحققت فعلا فسوف تزيد من اشتعال ميادين الثورة فى كل أنحاء مصر، فى وقت تبدو فيه الأزمة الاقتصادية تتحرك نحو مستنقع مجاعة طاحنة، سيكتوى بنارها ملايين الفقراء الذين لم يعد يفصلهم عن شبح الفوضى الشاملة سوى أمتار قليلة!
لقد أثبت الرئيس مرسى فى حوار نصف الليل الذى أجراه مع الليثى، أننا ذاهبون معه فى رحلة إلى المجهول..لن ينقذنا من عواقبها الوخيمة إلا ابتعاد الرئيس عن الجماعة أو استقالته، أيهما أقرب!