تجنب الحديث مع الآخر يزيد حدة التوتر أحيانا - دوريات أجنبية - بوابة الشروق
الأحد 8 سبتمبر 2024 3:01 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تجنب الحديث مع الآخر يزيد حدة التوتر أحيانا

نشر فى : الجمعة 26 يوليه 2024 - 7:40 م | آخر تحديث : الجمعة 26 يوليه 2024 - 7:40 م

 إذا قمت بتأخير إثارة مسألة ما، خوفًا من أن تأتى بنتائج عكسية، فإن الأبحاث الجديدة تمنحك الثقة التى تحتاجها لبدء الحديث.

يؤكد كل من الكاتب مات هيوستن والمحرر كريستيان جاريت أن لدى كل إنسان موضوعا واحدا على الأقل يود طرحه مع شخص ما بخصوص أمر معين، لكنه يخشى النتائج العكسية. ويمكن الإشارة إلى عدد من الأسباب لتأجيل هذا الحوار، منها عدم وفاء الطرف الآخر بوعوده، أو تعليق سلبى أدلى به وأثر فى نفسية صاحب الموضوع. إذن يتخيل الشخص أن طرح هذا الأمر من شأنه أن يثير الكثير من التوتر أو الغضب لدرجة لا تستحق هذا العناء.

لكن، ماذا لو كانت المحادثة التى تتجنبها قد تساعد فى حل مشكلة ما فى علاقتك مع الآخر، أو توضيح مجال الخلاف؟ ماذا لو لم يكن الأمر قاسيًا للدرجة التى تتوقعها؟ من المشجع أن الأبحاث تشير إلى أن هذا النوع من التحول الإيجابى للحوار محتمل فى كثير من الحالات. لقد اكتشف نيكولاس إيبلى، عالم النفس فى كلية بوث لإدارة الأعمال بجامعة شيكاغو، وزملاؤه أن المحادثات أثناء الجلوس ــ حتى تلك التى تدور حول موضوعات تبدو حساسة ــ غالبا ما تنتهى إلى تجارب أكثر إيجابية مما يتوقعها الناس.

وفى مجموعة من الدراسات التى نشرت فى وقت سابق من هذا العام، ركز إيبلى وجيمس دونجان على ما يسمونه «المواجهات البناءة». وهى نوع من المحادثات الذى يطرح فيه شخص واحد مشكلة فى العلاقة بوضوح بهدف معالجتها. فى إحدى تجاربهم التى شملت 50 زوجًا من الشركاء الرومانسيين، طُلب من أحد الزوجين إثارة مشكلة لم يتم حلها مع الشخص الآخر، والتى تراوحت بين «عادات النوم وسوء التواصل إلى الشعور بالانفصال أو الافتقار إلى الشعور بالحميمية».

وكانت النتيجة أن الشركاء استجابوا للمحادثة الفعلية بغضب أقل وإيجابية أكبر. وبعد أسبوعين، مال المشاركون إلى القول إنهم لم يشعروا بالندم على إجراء المحادثة، وأن علاقتهم أصبحت أفضل.

• • •

إذن، ما الذى يجعلنا نخطئ فى التنبؤ بمزاج الطرف الآخر بعد الحديث معه فى مشكلة ما؟ يوضح إيبلى أن جزءًا من ذلك يتعلق بكيفية سير التفاعل، بمعنى أوضح أن العقل يقفر ــ غالبا ــ إلى النتيجة الأكثر سهولة فى التخيل، وليس بالضرورة النتيجة الأكثر ترجيحًا. ويقول إيبلى: «وفى بعض الأحيان، تكون هذه النتائج عاطفية وتمثل تهديدًا لنا». لنفترض أنك تفكر فى لفت انتباه زميلك فى الغرفة بلطف لعدم تنظيفه الأطباق، فقد تتأثر رؤيتك لكيفية استجابته بتلك المرة التى أجريت فيها محادثة مماثلة مع زميل سابق فى الغرفة وأصبح بعدها دفاعيًا ومنعزلًا، وبالتالى ستتراجع عن الحديث دون خوض التجربة!.

لكن هناك احتمالا آخر لهذه التجربة وهو أن الطرف الثانى من المرجح أن يكتشف نواياك الإيجابية أكثر مما تدرك. ويوضح إيبلى أنه بمجرد بدء المحادثة، حتى عندما يتعلق الأمر بنقطة مثيرة للقلق أو الخلاف، هناك عوامل اجتماعية تتدخل وتساعد فى جمع الناس معًا، وهى تشمل المعاملة بالمثل (على سبيل المثال، أنا أبتسم لك، وأنت تبتسم لى أيضًا). فالاستجابة التى يظهرها العديد من الأشخاص بشكل طبيعى فى التفاعلات، مثل قول «مممم» ردًا على تعليق ما، تظهر الاهتمام. وهذا ما ذكره إيبلى: «أستطيع أن أقول أنك تهتم بى، لأنك تستمع إلىَّ». إنها مثل رقصة حيث نعرف نفس الحركات. أنا أقول شيئا، وأنت تقول شيئا فى المقابل. وهذه الاستجابة وحدها تميل إلى جمع الناس معًا.

معلومة أخرى، يوضح الكاتب هيوستن والمحرر جاريت أن لاختلاف طريقة الحديث بين الناس على أرض الواقع عن مواقع التواصل الاجتماعى دورا فى نجاح الأولى عن الأخرى، حيث لا تقارن الإشارات والإيماءات بالرأس والابتسامات وغيرها من علامات الاهتمام التى تساعد على تسهيل المحادثات الشخصية بالإيموجيز المستخدمة فى التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعى أو عبر رسالة نصية. لذلك فمن المنطقى أنه فى جزء آخر من الدراسة، عندما طُلب من المشاركين تبادل الإيموجيز بدلاً من إجراء محادثة حقيقية، كانت تجاربهم أقل إيجابية بشكل عام.

وتوصلت هذه الدراسات إلى نتيجة واحدة وهى أن الناس يشعرون بحذر مفرط بشأن كيفية استجابة شخص ما لطلب المساعدة، أو رسالة دعم، أو سؤال حساس حول حياتهم أو آرائهم، أو محاولة بدء محادثة أثناء ركوب القطار أو الحافلة.

قد تكون فوائد إجراء محادثة حول ما يزعجك فى المنزل، أو حول موضوع سياسى مثير للجدل، أقل وضوحًا من فوائد الدردشة الخفيفة. لكنها ليست أقل أهمية. على الرغم من أنه أصبح الاختفاء وراء هواتفنا أسهل من أى وقت مضى، إلا أنه يجب إجراء محادثات حقيقية وجهًا لوجه من أجل تعزيز التفاهم، سواء كانت القضية المطروحة هى وجهات نظر شخص ما المتعارضة بشأن الدين أو فشله فى غسل الملابس.

جوهر القول، يوضح الكاتب هيوستن والمحرر جاريت أنه ليس بالضرورى أن تستحضر جميع (أو حتى معظم) المحادثات حول المواضيع الصعبة روح الدفء والتفاهم. لكن إذا تعامل الناس مع بعضهم بنوايا إيجابية فستختفى أسباب التوتر. بل يمكن أن يؤدى هذا التعامل إلى زيادة مشاعر الارتباط مع أحد المعارف الجدد، أو تخفيف التوترات فى العلاقة. ويقول إيبلى فى هذا الصدد: «نحن نتعلم فقط من المحادثات التى نجريها؛ وليس من المحادثات التى نتجنبها. لذلك عندما تعتقد أن المحادثة ستسير بشكل سيئ، فإنك لا تمنح نفسك الفرصة لتكتشف أنك قد تكون مخطئًا».

مات هيوستن وكريستيان جاريت

مجلة «Psyche»

ترجمة وتلخيص: وفاء هانى عمر

النص الأصلى

التعليقات