‎الوسيط الأمريكى غير النزيه - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 14 سبتمبر 2024 11:46 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

‎الوسيط الأمريكى غير النزيه

نشر فى : الإثنين 26 أغسطس 2024 - 6:15 م | آخر تحديث : الإثنين 26 أغسطس 2024 - 6:15 م

 ‎«الجيش الإسرائيلى قدَّر أن حزب الله يخطط لشن هجوم على إسرائيل فى وقت مبكر اليوم، فبادر بشن الهجوم الاستباقى عليه».

‎العبارة السابقة قالها مسئول أمريكى لصحيفة النيويورك تايمز الأمريكية، صباح أمس الأحد، ليلتمس العذر لإسرائيل بعد ساعات قليلة من هجوم جيشها على أهداف لبنانية، والرد الذى نفذه حزب الله انتقاما من اغتيال إسرائيل لقائده العسكرى فؤاد شكر فى آخر شهر يوليو الماضى بغارة على أحد المبانى فى الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت.

‎حينما قرأت هذا التصريح منسوبا لمسئول أمريكى أدركت ضرورة أن نقتنع جميعا شعوب وحكام منطقتنا العربية بأن أمريكا تدعم إسرائيل بصورة مطلقة، وأن منطق القوة هو الحاكم الأبرز، وإذا لم ندرك ذلك فلا أمل أن نعيش بكرامة فى أوطاننا، وأن ندرك أيضا أن البلطجة الإسرائيلية سوف تتواصل بدعم أمريكى صريح، ضد الجميع طالما أن موازين القوة مختلة بهذا الشكل المريع.

‎تخيلوا أن حزب الله تلقى ضربة قوية باغتيال قائده العسكرى فؤاد شكر أو «الحاج محسن»، وأنه كان يستعد للرد، وأجله أكثر من مرة خوفا من اتهامه بإفشال المفاوضات الرامية للوصول إلى هدنة توقف العدوان على غزة، وبدلا من كل ذلك تبادر إسرائيل إلى شن هجوم استباقى على لبنان بحجة إجهاض أو إحباط الهجوم المنتظر!.

‎لا ألوم إسرائيل أو أفند موقفها، فهى لا تدَّعى الفضيلة، تعتمد منطق البلطجة منذ زرعها عنوة فى المنطقة، وحتى هذه اللحظة، لكن ألوم الانحياز الأمريكى الفج والمكشوف للعدوان الإسرائيلى.

‎تخيلت لو أن حزب الله أو حماس أو إيران أو أى قوة معادية لإسرائيل، هى التى بادرت بشن الهجوم على إسرائيل، وقبل أن تفكر الأخيرة فى الرد قام الطرف الآخر بشن هجوم استباقى على إسرائيل مرة أخرى، فكيف كان سيكون وقتها رد الفعل الأمريكى؟!

‎التصريح الأمريكى يكشف بوضوح للمرة المليون أن الولايات المتحدة تغطى على كل الجرائم والاعتداءات الإسرائيلية، ومعنى التصريح الأمريكى أيضا أنه لا قيمة لكل ما يقوله المسئولون الأمريكيون عن رغبة فى التهدئة والوصول إلى هدنة ووقف إطلاق النار سواء فى قطاع غزة أو جنوب لبنان.

‎ومن يتابع الموقف الأمريكى مما يحدث على جبهة الصراع بين حزب الله وإسرائيل، يجد أن واشنطن تصنف الحزب منظمة إرهابية، وحتى بعد قليل من اغتيال إسماعيل هنية وفؤاد شكر وتباهى إسرائيل بذلك، فإن غالبية كبار المسئولين الأمريكيين سارعوا بأنهم سوف يدعمون إسرائيل فى التصدى لأى رد عسكرى تنفذه إيران أو حزب الله، ورأينا مخازن السلاح وخزائن المال الأمريكى يتم فتحها بلا حدود لكى تغرف منها إسرائيل بلا حدود فى الأيام والأسابيع الأخيرة.

‎رئيس الأركان الأمريكى تشارلز براون وصل للمنطقة والهدف الأساسى هو التنسيق مع إسرائيل لصد أى هجمات محتملة من إيران أو حزب الله أو القوى الأخرى الداعمة لهما. واشنطن قالت بوضوح إنها أرسلت حاملات الطائرات الكبرى وأنظمة صواريخ الدفاع الجوى المختلفة إلى المنطقة وأكملت نشرها حتى تبعث برسالة واضحة إلى أى جهة تفكر فى مهاجمة إسرائيل.

‎القراءة المتأنية للموقف الأمريكى من العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة وجنوب لبنان تقول بوضوح إنه لولا الدعم الأمريكى الذى صار سافرا، ما كان يمكن لإسرائيل أن تستمر فى العدوان بهذه الوحشية والتدمير، وبالتالى فعلى أى طرف فى المنطقة يفكر فى مواجهة إسرائيل أن يدرك بوضوح أنه يواجه أمريكا وليس فقط إسرائيل. وبالتالى فلا منطق أو عقل بعد الآن لمن يتحدث عن «الوسيط الأمريكى النزيه»، لأن واشنطن نفسها لم تعرف نفسها فى أى لحظة بأنها «وسيط ونزيه!!».

عماد الدين حسين  كاتب صحفي