فى عشق التزوير - محمد عصمت - بوابة الشروق
الخميس 26 ديسمبر 2024 11:34 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فى عشق التزوير

نشر فى : الثلاثاء 26 أكتوبر 2010 - 9:55 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 26 أكتوبر 2010 - 9:55 ص
يبدو لى، أحيانا، أننا أطيب شعب سياسى عرفه التاريخ.. نحن نشبه هذه المرأة العجوز التى اقتحم اللصوص منزلها وسرقوا تليفزيونها القديم بأزراره المعطلة، فركضت وراءهم فى الشارع لتعطيهم الريموت كنترول.. فمنذ العهد الملكى ونحن نعيش فى انتخابات مزورة، وغالبية حكوماتنا مشكوك فى شرعيتها.. ومع ذلك فنحن نطيع أولى أمورنا ونسمع كلامهم ولا نعترض على نزواتهم السياسية، بل كنا أحيانا نبالغ فى عشقهم ونفديهم فى هتافاتنا بالروح والدم.. منذ أيام الفراعنة وحتى تاريخه!

قبل الثورة، تقبلنا بروح رياضية حكومات جاءت بالتزوير، فى حين كان الوفد حزب الأغلبية خارج الحكم.. وبعد الثورة تمتع الرئيس عبدالناصر بشعبية جارفة، ومع ذلك كان يحصل باستفتاءات مزورة على 99.99% من أصوات الناخبين.. ونفس القاعدة تكررت مع السادات ومبارك.. ويبدو أنه مثلما هناك مسارح ترفع شعار الضحك من أجل الضحك.. هناك بلاد نحن منها ترفع شعار التزوير من أجل التزوير، حتى أصبح التزوير فى حياتنا هو القاعدة، والانتخابات الحرة من المستحيلات مثل الغول والعنقاء والخل الوفى!

وبدون أن أقرأ الغيب، فأنا متأكد بنسبة 99.999%، سواء لجأت الحكومة للتزوير أم لا، أن الرئيس مبارك سيكون رئيسنا القادم.. ليس لأنه يقدم برنامجا سياسيا خطيرا يعالج مشكلاتنا المتفاقمة بداية من غلاء الأسعار، وانتشار الفقر والامراض المستعصية أو انهيار التعليم أو ارتفاع معدلات التلوث وزيادة الازدحام والقمامة فى شوارع القاهرة، نهاية بالسماح بحرية تكوين الأحزاب وإصدار الصحف.

ببساطة الرئيس سينجح لأنه لا يوجد منافس حقيقى له، كل الطرق مقفولة أمام المرشحين الجادين.. وكل الأحلام بدستور ديمقراطى مؤجلة لحين إشعار آخر.

وأتصور أنه لا حل أمامنا، سوى أن نقسم البلد نصفين بيننا وبين للحكومة.. حيث تأخذ هى الانتخابات الرئاسية لتزورها، كما تريد سواء باللعب فى الصناديق أو استدعاء الموتى ليدلوا بأصواتهم أو تأجير البلطجية لتأديب الناخبين السخفاء، الذين يصرون على دخول لجان الانتخاب.. فى مقابل إجراء انتخابات برلمانية بنزاهة وحرية.

فهذه القسمة العادلة ستحول دون اندلاع فوضى عارمة تتوقعها صحف ومراكز بحوث غربية، لأنها تعيد التوازن المفقود بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، لا أن تسيطر الأولى على الثانية، وتصدر من خلالها القوانين التى تريدها.. وكأنها تصب النار على وقفاتنا وقعداتنا الاحتجاجية المرشحة للاشتعال خلال الشهور المقبلة!

 

محمد عصمت كاتب صحفي