سوريا فى عيون الشعب العربى - علي محمد فخرو - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 9:56 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سوريا فى عيون الشعب العربى

نشر فى : الخميس 26 نوفمبر 2015 - 8:10 ص | آخر تحديث : الخميس 26 نوفمبر 2015 - 8:10 ص

نحن الشعب العربى، المنتمى للوطن العربى الكبير ولأمته العربية الواحدة، لا ولن نقبل بالنظرة التى تختزل مستقبل القطر العربى السورى فى هزيمة داعش وفى تفاصيل تقرير مصير رئاسة الدولة.

هذا ما تطرحه قوى التآمر الخارجى وقوى العبث والحماقات الداخلية، وهذا ما يجب رفضه وتخطيه إلى النظرة العروبية والقومية المعاضدة بدون أيُ تحفَظ لشعب سوريا الرائع ليخرج من محنته وليعاود لعب أدواره المبهرة المركزية فى ساحات كل نضالات أمته من أجل التحرير والنهوض والبناء الحضارى.

النظرة القومية تلك تضع فى مقدمة الثوابت وفى قمة الأولويات المعايير المفصلية التالية، والتى يجب أن تحكم كل الحلول المطروحة لإخراج سوريا وشعبها من الوحل الذى أرادها المتآمرون الكثيرون أن تغوص فيه.

أولا: لنذكُر أنفسنا بأن سورية ليست قطرا عربيا عاديا. فالدور الذى لعبته فى تاريخ وحاضر العرب كان أساسيا وقياديا. ففى عاصمتها دمشق، وهى من أقدم مدن العالم قاطبة، تطور وترسخ الدور العربى القيادى فى حمل رسالة نبى الإسلام محمد (صلى الله عليه وسلم) ونشرها فى أصقاع العالم، ومنها انبثقت تجربة لقيام مثال فريد للحكم العادل العفيف على يد الخليفة الراشدى الخامس عمر بن عبدالعزيز، وإبان ألقها بدأت حركة الترجمة والانفتاح على الآخر والتعريب ومأسسة الإدارة المدنية وتطوير الطراز المعمارى الإسلامى الجميل. وبالتالى فإن بقاء دمشق كحاضنة وعاصمة عربية لاستمرار ذاكرة وتاريخ الأمة العربية فى الحاضر والمستقبل يجب أن يشير إلى عدم التنازل قط عن وحدة الوطن العربى السورى، أرضا وشعبا ومجتمعا وحكما ومصيرا ودورا عربيا متميزا فى حمل رسالتى العروبة والإسلام.

***

ثانيا: ومثلما كانت الأرض العربية السورية منارة مشعُة فى التاريخ فإنها أيضا أضاءت حاضر الأمة. فشعب سوريا أعطى المثل فى كفاح كل مكوناته، ودون استثناء، ضدُ الاستعمار الفرنسى. وشعب سوريا العربى، بتميُز مذهل، خرجت ملايينه فى خمسينيات القرن الماضى تطالب بوحدة قطرى سوريا ومصر، ومن ثمُ وحدة العرب.

وماكان ذلك بغريب على مجتمع ظهرت فيه وعلى أيدى أبنائه أول حركة قومية وحدوية عصرية، فى الفكر والأهداف والتنظيم والنضال والقفز فوق الحدود المصطنعة التى خلقها الاستعمار وتمسكت بها قوى التجزئة العربية.

وبسبب تلك الروح العروبية الوحدوية الصافية فى الروح والوجدان والعقل السورى العربى ضحى الشعب السورى بالغالى والرخيص ليقف كتفا بكتف مع قلب العروبة، مصر، فى كل مواجهة وحرب ضدُ الجيوش البربرية الصهيونية وضدُ تدخلات دول الاستعمار، وليحتضن المقاومة الفلسطينية بكل أشكالها، وليدعم المقاومة اللبنانية ضدُ الصهيونية، وليفتح أبواب وطنه مشرعة لكل لاجئ أو نازح أو طالب لجوء سياسى عربى، وليفتح جامعاته لكل طالب علم عربى أو طالبة علم عربية، ولينشر كتابة وغناء وتمثيلاً ومسلسلات تليفزيونية ثقافة عروبية وحدوية مليئة بالأحلام الكبيرة وبالروح النضالية المتفائلة.

وعليه فمن أجل عدم انطفاء ذلك التوهُج العروبى الحضارى فى الأرض العربية السورية يجب أن تبقى دمشق عاصمة لكل العرب ويبقى الوطن العربى السورى موحدا، أرضا وشعبا ومجتمعا وحكما ومصيرا ودورا عربيا متميزا فى حمل رسالتى العروبة والإسلام والقيم الإنسانية الحضارية.

***

ثالثا: بسبب تلك الإنجازات والأدوار، فى التاريخ وفى الحاضر، بسبب ذلك الوهج الذى أضاء على الدوام أرض سورية العربية، وليس بسبب الاعيب ورغبات وأهداف هذه العاصمة الأجنبية أو تلك العربية، بسبب سوريا تلك، فى التاريخ والحاضر، يجب عدم السماح أن يسقط هذا القطر العربى المحورى فى أيادى الجهاديين التكفيريين، من أعداء الإسلام المتسامح والعروبة الجامعة المتحضرة ومن ممارسى البربرية فى الفكر وفى الفعل.

من أجل كل ذلك يجب أن لا ينتهى شعبه، كما يريده الأغراب والانتهازيون، إلى دخول سجون الخصومات الدينية أو المذهبية أو العرقية والثقافية أو السياسية، وبالتالى دخول جحيم التجزأة والمحاصصات والولاءات لهذه العاصمة الأجنبية أو تلك العربية.

نحن الشعب العربى نريد لسورية العربية المذهلة، كما كانت المثال المتألق فى الماضى والعصر الحاضر، أن تصبح مثالا متألقا فى المستقبل من خلال انتقالها إلى أن تكون مجتمع التعايش السلمى تحت ظلال الحرية والديمقراطية العادلة والتعددية السياسية وتبادل السلطة والمواطنة المتساوية، وذلك من أجل أن تستمرُ فى حمل رسالاتها، وفى مقدُمتها رسالة العروبة الوحدوية للوطن العربى الكبير ولأمة العرب الواحدة.

ذاك الإنسان العربى السورى المذهل فى ألق حيوية روحه وارادته يستطيع أن يفعل ذلك، ويقينا سيفعل. ولن يحتاج للمتخلفين أن يعطوه الدروس ولا للطامعين أن يدلُوه على الطريق.

علي محمد فخرو  شغل العديد من المناصب ومنها منصبي وزير الصحة بمملكة البحرين في الفترة من 1971 _ 1982، ووزير التربية والتعليم في الفترة من 1982 _ 1995. وأيضا سفير لمملكة البحرين في فرنسا، بلجيكا، اسبانيا، وسويسرا، ولدي اليونسكو. ورئيس جمعية الهلال الأحمر البحريني سابقا، وعضو سابق المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة العرب، وعضو سابق للمكتب التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية، وعضو مجلس أمناء مؤسسة دراسات الوحدة العربية، وعضو مجلس أمناء مؤسسة دراسات فلسطينية. وعضو مجلس إدارة جائزة الصحافة العربية المكتوبة والمرئية في دبييشغل حاليا عضو اللجنة الاستشارية للشرق الأوسط بالبنك الدولي، وعضو في لجنة الخبراء لليونسكو حول التربية للجميع، عضو في مجلس أمناء الجامعة العربية المفتوحة، ورئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات والبحوث.
التعليقات