المطلوب هو تغيير الأفكار والسلوكيات - علي محمد فخرو - بوابة الشروق
الأربعاء 12 مارس 2025 11:58 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

المطلوب هو تغيير الأفكار والسلوكيات

نشر فى : الأربعاء 12 مارس 2025 - 6:50 م | آخر تحديث : الأربعاء 12 مارس 2025 - 6:50 م

«هناك قول فرنسى بأننا نعجب عندما نجد أنه حتى المصائب لا تستطيع أن تشفينا من أخطائنا». نحن العرب تخطينا ذلك، إذ حتى الكوارث لا تستطيع أن تشفينا من أخطائنا. ولعل ما قاله هـ.ج ولز: «من أن التاريخ الإنسانى هو سباق بين التربية والكارثة» ينطبق علينا بشكل أفضل ويصف حقبًا من تاريخنا وأيضًا حاضرنا.
لعل أكثر ما يحير هو التميز الموجع المخجل لمصائب سنوات العقدين الماضيين، حاضر الأمس وحاضر اليوم، التى شوهت كل صور الحياة العربية، ولكنها لم تمس، إلا بتأثير بالغ السطحية، طرائق تفكيرنا وسلوكياتنا وردود أفعالنا.
وهى جميعها مؤشرات على أننا ننتقل من حالة الأزمات والمصائب إلى حالات الكوارث بخطى ثابتة.
ولو شئنا أن نذكر، حتى بإيجاز، جغرافيات كل المصائب الحاملة فيروس الكوارث المستقبلية، وشخوصها، وتوجهاتها المريضة المجنونة، وأطياف الخيانات والمؤامرات الداخلية والخارجية التى تقف على يمينها ويسارها، ومن خلفها وأمامها.. لاحتجنا إلى عشرات أسفار المقروء والمشاهد والمسموع.
من هنا دعنا نكتفى بالإشارة إلى رءوس أقلامها فكرًا أو أحداثًا أو سلوكًا أو قيمًا. وهذا منتهى الممكن فى عوالم الإعلام العربى المكبل بكل أنواع المحاذير وما بعدها ونرجسية هلوسات التواصل الاجتماعى الإلكترونى الطائفية والقبلية والجهاتية ومؤخرًا الصهيونية.
دعنا أولًا نشير إلى قرارات مؤتمر القمة العربية الأخيرة، إذ ما إن أعلنت حتى رفضتها، جهارًا، الولايات المتحدة الأمريكية وربيبها الكيان الصهيونى. واستمرت الجهتان تسيران فى طرق الإبادة وسرقة المزيد من الأراضى العربية والإصرار على جريمة تهجير الملايين من الفلسطينيين وتتعاملان من تحت الطاولة مع هذه الجهة العربية أو تلك دون أدنى اعتبار للقرارات التى أجمعت عليها كل أنظمة حكم بلاد العرب. حدث هذا بينما أن هذه المصيبة لم تحرك فينا أى رد فعل ينقلنا إلى مستويات أعلى من المواجهة. وهكذا تتطور المصائب وتكبر دون أن تتطور أفكار وسلوكيات العرب لمواجهتها. إنه الفكر العربى والسلوك العربى الذى لا يريد أن يتغير مهما كبرت المصائب واشتدت تحديات الأعداء.
ينطبق هذا على ما يحدث الآن فى السودان من دمار وخراب وتفتيت وتجويع وتهجير، بينما يظل نفس الفكر الجماعى وتظل نفس السلوكيات العربية، التى سجلت فى الماضى، تحكم الموقف العربى تجاه هذا القطر الذى بدونه سيتساقط الأمن الغذائى إلى الحضيض.
وينطبق الأمر نفسه على الموقف مما يجرى فى سوريا، التى تسير بخطى سريعة نحو التجزئة وتفكك كل قدراتها العسكرية والصراعات الأهلية المجنونة أو خروجها من الوضع الاقتصادى المزرى الذى تعيشه أو بقاء الملايين من شعبها فى المنافى بانتظار الفرج. كل ما يفعله العرب الآن هو الترديد بأهمية المحافظة على وحدتها واستقلالها، دون ذكر كيف، ومن سيقوم بذلك، وهل تم عرض أى استراتيجية إنقاذية على نظامها الجديد بحيث تنتقل سوريا الآن، وليس بعد سنوات، إلى الوضع الدستورى الشرعى والديموقراطى التكافلى والتعافى الوطنى والقومى الحقيقى؟
لن ندخل فى ذكر أوضاع الكثير من الأقطار العربية الأخرى التى تعيش المصائب إياها منذ عدة سنوات دون بارقة أمل بالتخلص من كوابيسها، بل إنها فى طريق التوجه نحو الكوارث.
هنا سيسأل القارئ: ما ردود الفعل المطلوبة الجديدة لنطمئن إلى أن تفكيرنا وسلوكياتنا هى فى طريق التحول؟ هناك إجابات كثيرة وعلى مستويات متعددة. وسنناقش بعضًا منها فى مقال الأسبوع القادم، وبحيث تكون ردود فعل ممكنة وواقعية ويمكن البدء ببعضها فى الحال. المهم أن تتعامل مؤتمرات القمة والجامعة العربية ومؤسسة التضامن العربى الإسلامى وقوى المجتمعات المدنية العربية والإسلامية بقرارات جديدة فى الفكر والسلوك

علي محمد فخرو  شغل العديد من المناصب ومنها منصبي وزير الصحة بمملكة البحرين في الفترة من 1971 _ 1982، ووزير التربية والتعليم في الفترة من 1982 _ 1995. وأيضا سفير لمملكة البحرين في فرنسا، بلجيكا، اسبانيا، وسويسرا، ولدي اليونسكو. ورئيس جمعية الهلال الأحمر البحريني سابقا، وعضو سابق المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة العرب، وعضو سابق للمكتب التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية، وعضو مجلس أمناء مؤسسة دراسات الوحدة العربية، وعضو مجلس أمناء مؤسسة دراسات فلسطينية. وعضو مجلس إدارة جائزة الصحافة العربية المكتوبة والمرئية في دبييشغل حاليا عضو اللجنة الاستشارية للشرق الأوسط بالبنك الدولي، وعضو في لجنة الخبراء لليونسكو حول التربية للجميع، عضو في مجلس أمناء الجامعة العربية المفتوحة، ورئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات والبحوث.
التعليقات