مسلسل «العتاولة والعناتيل».. وما بعد اليوم التالى! - حسن المستكاوي - بوابة الشروق
الخميس 13 مارس 2025 12:03 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

مسلسل «العتاولة والعناتيل».. وما بعد اليوم التالى!

نشر فى : الأربعاء 12 مارس 2025 - 6:50 م | آخر تحديث : الأربعاء 12 مارس 2025 - 6:50 م

••القضية لم تعد إقامة مباراة القمة 130 من عدمها، والقضية ليست إقامتها أمس أو أول أمس. وإنما القضية أن الكرة المصرية خسرت فى ليلة رمضانية الكثير، وخسرت مسابقة الدورى الكثير، وخسرنا جميعا لأننا كنا «فرجة الإقليم» الذى تخلى عن متابعة مقالب رامز جلال، وحسن عسيرى، ومسلسلات أشغال شقة جدا، والكابتن، وسيد الناس، وغيرها من مسلسلات دراما رمضان وأخذ الملايين فى مصر والعالم العربى يتابعون مسلسل «العتاولة والعناتيل» وكيف يمكن أن ينتهى.
** إنها ليست المرة الأولى التى خسرت فيها الكرة المصرية الكثير، وقد أصبحت لعبة شاقة جدا، وهى ليست المرة الأولى التى تحاورت فيها الأندية بالبيانات، كأنها معركة حربية وليست منافسة رياضية. وأثناء ليلة الثلاثاء قال لى صديق ينتمى لنادى الزمالك بصوت خطابى: «الآن يجب أن تطبق اللائحة ويذهب الأهلى إلى الدرجة الثانية. فقلت له : على ما أظن أنك قلت لى يوم انسحاب الزمالك فى قمة الأتوبيس أن الفعل كان شجاعة، وحفاظا على كرامة النادى».
** الأندية وبياناتها غير الرياضية وراء هذا الفصام الذى أصاب الناس فى مواجهة الصواب والخطأ. وأكرر موقفى مرة أخرى: «ما نعيشه فوضى رياضية ولا أقبلها من أى ناد، أو من أى مسئول، أو أى اتحاد أو رابطة. وضد إجراء قرعة ليلية لا يحضرها مندوبو الأندية، درءا للشك، وضد غموض التصرفات الإدارية، وضد بطء اتخاذ قرارات عند ظهور ملامح أزمات، وضد أزمات التحكيم المتكررة، وضد ترك الأمور حتى حافة الهاوية، وضد غياب العدالة وتكافؤ الفرص بين الأندية، وانتقدت قرعة الدور الثانى الليلية هنا ولماذا صدرت بعد أيام قليلة من نهاية الدور الأول، وضد ضعف الاتحادات منذ عشرات السنين والرابطة أيضا فى مواجهة الأهلى والزمالك، وضد الانسحاب لأنه ليس من أخلاق الرياضة. وأنا ضد كل انسحاب، والزمالك والأهلى سبق لهما الانسحاب وهما تقريبا وحدهما اللذان يفعلان ذلك لأنهما يدركان أنهما لن يعقابا. وأنا ضد عدم المشاركة فى مباراة احتجاجا على أن التحكيم مصرى، وضد إصدار بيان يرفض حكما سيدير مباراة مسبقا، وضد جدل من يدفع تكلفة طلب حكام أجانب، وضد ظاهرة إصدار بيانات لأى سبب، ويجب أن توضع فى لوائح اللعبة عقوبة ضد النادى الذى يصدر بيانا، وأؤكد أنه من الممكن أن تقع كارثة بسبب حرب البيانات التى تلعب بها مجالس الإدارات، بما يرفع من الاحتقان، فهل ستتحملون نتائج الكارثة؟
** إننى ضد الفوضى بوضوح، وضد كل أركان اللعبة التى تصنع الفوضى. ضد «لعبة مش لاعب» كأننا نلهو بكرة فى الشارع، ولا يحكمها نظام، إننى ضد بيان يهدد بعدم اللعب، وضد بيان يهدد بعدم اللعب إذا تم اللعب، وضد بيان طرف ثالث يهدد بعدم اللعب إذا جاء حكام أجانب، وضد التهديد بإيقاف الاستثمارات الخاصة فى كرة القدم، فرغم أن معظم الأندية الإنجليزية مملوكة لأجانب لم أقرأ لمستثمر التهديد بالانسحاب من المسابقة لأى سبب.
** إننى ضد لوائح لا تطبق، وضد عقوبات لا يمكن أن توقع، لأننا لسنا فى إيطاليا، يمكن أن يسقط يوفنتوس للدرجة الثانية، بينما لا الأهلى ولا الزمالك يمكن أن يهبط أحدهما للدرجة الثانية. وبالطبع ضد عدم احترام الصناعة وضد عدم احترام الرعاة، وضد منصات إعلامية خاصة لنجوم سابقين وإداريين يتعاملون مع الفوضى من مدرجات المشجعين وضد تضارب تصريحاتهم بتأثير الهوى والمصلحة، وضد كل مسئول يتحدث بكلمات لا يدرك أنها تصدر الاحتقان وتشعله، وهو هنا لا يستحق أن يكون فى مكانه.
** ضد التعامل مع الأزمات بالخطابة وبطريقة «حبوا بعض» وتكون النتيجة أننا نعيش فى أزمات عمرها 25 عاما ولم تحل أزمة واحدة منها، وإننى ضد خدعة العمل التطوعى، وضد غياب شركات وغياب الميزانيات، وضد غياب اللعب المالى النظيف، وضد سفر المدربين المصريين الشباب للخارج للفوز بتراخيص تدريب. وضد غياب الجمهور، وضد أن يلعب المصرى فى برج العرب وأن يلعب الزمالك مع الإسماعيلى فى الإسماعيلية بينما يلعب الأهلى مع الإسماعيلى فى برج العرب.. فماذا تسمون ذلك؟ هل تلك مسابقة عادلة؟!
** إننى ضد كل من يظن أن المشكلة صنعها طرف واحد، ولكنى ضد كل المشاكل التى تصنعها كل الأطراف، وضد صفعات كل الأطراف للعبة.
أحيانا يسألنى قارئ: أين أنت من تلك الأزمة. والواقع أننى تعلمت أن أسبق الأزمات وأشير إليها لمن لا يراها أو يراها ويغض نظره عنها، وقد حدث فى عام 2005 حين كتبت الأهرام مقالا بعنوان «جاءنا البيان التالى» وجاء فيه ما يلى منذ عشرين عاما: «نعيش الآن فى مناخ ليس له مثيل. مناخ مريض بالمعارك والصراعات والخلافات. وصفحات رياضة أصبحت صفحات حوادث.. مناخ يبكى ويضحك. يبكيك على التفاهات والصراعات التى تشغلنا، وعلى الخصومات التى نهدر بها وقتنا، ويضحك العالم الأول و الآخر علينا، فهو مشغول بالرياضة، عالم مشغول بالقدرة البشرية بالإنجازات والأرقام القياسية، ويشد فيه المهزوم على يد الفائز تقديرا واحتراما لفوزه، ويشد فيه الفائز على يد المهزوم تقديرا لكفاحه ولمحاولته.. بينما فائزنا يلكم المهزوم، ومهزومنا يسب الفائز.. ما هذا الذى نحن فيه؟ وكيف وصلنا إلى ما نحن فيه؟!»
** قبل أيام كان ريال مدريد يئن ويصرخ من التحكيم فى إسبانيا، ولكنه لم ينسحب من مباراة. وطالب فى حوارات رسمية بحل مشاكل التحكيم. وبسبب الأخطاء التى أصابت كل الأندية فى الليجا تم إيقاف عشرة حكام، وهناك أخطاء تحكيم فى كل دورى، ولم ينسحب فريق كما انسحب الزمالك فى مباراة الأتوبيس، ولم ينسحب فريق كما انسحب الأهلى فى القمة 130.
** وفى يناير الماضى كتبت مقالا بعنوان انتظروا البيان رقم (1) وجاء فيه : «بخبير أجنبى يرأس لجنة الحكام أو بدون خبير لن تتوقف بيانات الأندية وسوف يتوالى الأمر، بيان رقم (1) وبيان رقم (2) وبيان رقم (3).. وكلها بيانات لا تخاطب الجهات التى تدير كرة القدم والرياضة، ولكنها بيانات تخاطب جمهور كل ناد: «نحن ندافع عن مصالحنا»
أكتب هذا المقال فى الساعة الثامنة من صباح أمس، قبل أن يحدث حدث ما أو قرار ما. ومهما كان الأمر، فلا تغيير فيما حدث على الإطلاق. إنها فوضى رياضية وكروية مذهلة، لا يمكن أن ترى مثلها فى دورى زحل، ولا أندية المريخ، ولا فى مجرة درب التبانة. فوضى لم تعالج منذ عشرات السنين. فوضى لم يتداركها إنسان أو مسئول رياضى حين وقعت انسحابات سابقة وقريبة من الزمالك وانسحابات سابقة بعيدة من الأهلى، وهما الناديان الوحيدان فى الدورى المصرى اللذين يسمح لهما بفعل ما يريدان..
** أكتب فى الثامنة من صباح يوم أمس الأربعاء وهناك أمامى خبر يقول إن وزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحى بذل محاولات لإقامة المباراة فى ساعة متأخرة من يوم الثلاثاء، أو مساء أمس الأربعاء بعد وصول طاقم تحكيم سعودى بقيادة الحكم محمد الهويش الذى وصل مساء الثلاثاء إلى القاهرة برفقة مساعديه، وهو تدخل محمود لكنه متأخر نسبيا، لأن مؤشرات الأزمة كانت تكبر مثل كرة الثلج أو كرة النار وكان واضحا عجز حلها من جانب الاتحاد أو الرابطة.
** سأخبركم بشىء آخر لوائح المسابقات تعد دستورها، ووضع لوائح لا تطبق هزل وتهريج، ومدعاة لمخالفة القانون. وكل نهضة أمة حدثت بثلاث درجات أساسية فى التعامل مع القانون. 1 ــ الخوف من القانون. 2 ــ احترام القانون. 3 ــ حب القانون. ولكن فى حالنا لا خفنا من القانون ولا احترمنا القانون، ونكره القانون!

حسن المستكاوي كاتب صحفي بارز وناقد رياضي لامع يعد قلمه وكتاباته علامة حقيقية من علامات النقد الرياضي على الصعيد العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة ، واشتهر بكتاباته القيمة والرشيقة في مقالته اليومية بالأهرام على مدى سنوات طويلة تحت عنوان ولنا ملاحظة ، كما أنه محلل متميز للمباريات الرياضية والأحداث البارزة في عالم الرياضة ، وله أيضا كتابات أخرى خارج إطار الرياضة ، وهو أيضا مقدم برنامج صالون المستكاوي في قناة مودرن سبورت ، وهو أيضا نجل شيخ النقاد الرياضيين ، الراحل نجيب المستكاوي.