صباح يوم الثلاثاء الماضى احتفلت مصر رسميا بيوم الشهيد من خلال الندوة التثقيفية رقم 41 التى أقامتها إدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة وبحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى ورئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى والفريق أول عبدالمجيد صقر وزير الدفاع ورؤساء مجلسى النواب والشيوخ والوزراء.
كنت موجودا فى القاعة الرئيسية فى مركز المنارة للمؤتمرات الدولية بالتجمع الخامس، وخلال وقت الندوة أو الاحتفال الذى استمر من الحادية عشرة صباحا وحتى الواحدة ظهرا تقريبا، فإن كل من حولى سواء كانوا من كبار ضباط القوات المسلحة والشرطة أو كبار المسئولين والشخصيات العامة والإعلاميين انخرطوا فى نوبات بكاء مستمر تأثرا وهم يشاهدون فقرات الاحتفال خصوصا تلك التى تضمنت كلمات لأسر الشهداء.
مصر تحتفل بيوم الشهيد منذ استشهاد الفريق أول عبدالمنعم رياض على جبهة قناة السويس فى 9 مارس 1969 بشظية قذيفة إسرائيلية، وكل عام هناك جديد.
منذ النكبة عام 1948 وخصوصا منذ 1969 وحتى 2011 وباستثناءات قليلة، فإن مفهوم الاحتفال كان ينصب بالأساس على الشهداء الذين ارتقوا فى حروبنا ضد العدو الصهيونى، لكن ومنذ 30 يونيو 2013 فإن معظم الشهداء ارتقوا بفعل العمليات الإرهابية خصوصا فى شمال سيناء.
الحمد لله أننا تمكنا من دحر الإرهاب بنسبة كبيرة جدا، ومع العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023 وكذلك على جنوب لبنان وسوريا، فقد بدأ عدد كبير من المصريين والعرب يعودون للتركيز على الشهداء الذين ارتقوا بفعل العدوان الإسرائيلى المستمر على المنطقة العربية منذ عام 1948 والذى أسفر فى العدوان الأخير فقط عن أكثر من 150 ألف شهيد ومصاب ناهيك عن المفقودين تحت أنقاض غزة، وكذلك الشهداء فى لبنان وسوريا.
توقيت الاحتفال هذا العام بيوم الشهيد كان مهما. فهو يتزامن مع الاحتفال بذكرى الانتصار المصرى العظيم على الجيش الإسرائيلى فى العاشر من رمضان الموافق السادس من أكتوبر عام 1973.
الشباب المصرى والعربى صغير السن الذين نسوا أن هناك كيانا غاصبا اسمه إسرائيل اكتشفوا فى الفترة الأخيرة حقيقة هذا الكيان الفاشى العنصرى الوحشى، وربما هذا الاكتشاف إحدى الفوائد القليلة للعدوان الإسرائيلى الغاشم.
نعود إلى الاحتفال بيوم الشهيد، ونعيد التذكير بأنه لولا الشهداء ما نعمنا فى مصر بالهدوء والاستقرار مقارنة بحالة الاضطراب والفوضى والصراعات الأهلية والعرقية والطائفية فى العديد من دول المنطقة.
الشهداء الذين ارتقوا طوال السنوات الماضية هم الذين أجبروا إسرائيل على الانسحاب من كل الأراضى المصرية المحتلة خصوصا بعد انتصار أكتوبر المجيد.
والشهداء الذين دفعوا حياتهم ثمنا لمواجهة الإرهاب هم الذين منعوا تحول مصر إلى دولة فاشلة مفككة تعصف بها الصراعات الأهلية والعرقية والطائفية، ولولا هذه البيئة الهشة ما تمكنت إسرائيل من النفاذ إلى هذه البلدان واحتلال مزيد من الأرض فيها.
سيقول البعض ساخرا: ولكننا نعانى من أزمات اقتصادية صعبة..؟! والإجابة هى نعم فنحن نعانى بالفعل من أزمات اقتصادية خانقة، لكن هل - لا قدر الله - لو سقطنا فى هاوية الصراعات والحروب كيف سيكون حال الاقتصاد وقتها؟ وهل كنا سنتمكن من فعل أى شىء فى مجال التنمية؟ نعمة الاستقرار لا يدركها إلا من حرم منها مثل الصحة تماما!
علينا أن نقدم كل أنواع الدعم المعنوى والمادى لأسر الشهداء طوال الوقت، والأهم أيضا أن نغرس فى نفوس الأجيال الجديدة حب الوطن ومعرفة تاريخهم ومن هو العدو ومن هو الصديق، ولماذا سقط كل هؤلاء الشهداء على مر التاريخ القريب والبعيد؟!
تحية لكل شهداء الوطن من القوات المسلحة والشرطة وكل أبناء الشعب المصرى العظيم، فتضحيات المواطن العادى تستحق أن نسلط عليها الضوء أيضا، ثم إن شهداء الجيش والشرطة هم أيضا من أبناء هذا الشعب.