ساندرا نشأت مخرجة مبدعة، خاضت تجربتها بجدية، ولها أعمال سينمائية مهمة، بسيطة، مرحة، منطلقة، تجيد الحديث عما تفكر فيه.
الحوار الذى أجرته مع الرئيس عبدالفتاح السيسى بمناسبة انتخابات الرئاسة أثبت أن الكثيرين ممن يحتلون المشهد من إعلاميين، ويتقاضون مبالغ خيالية، لا يتقاضاها نظراؤهم فى أى قناة عالمية بالمناسبة، قدرتهم على تطوير أنفسهم وتغيير إطلالتهم على المشاهد محدودة.
لم تفعل «ساندرا» سوى أنها نقلت حديث الناس بلا رتوش، الناقد والمؤيد، المتوجس والواثق، المنفعل والمجامل، صورة طبيعية مأخوذة من الشارع الذى يعج بكل الآراء، طرحتها أمام الرئيس المرشح، الذى لم يتضايق من نقد، ولم يغره مدح، وحاول أن يتفاعل ببساطة مع الناس، مثلما تفاعلوا هم معه فى بساطة. أسئلة ساندرا، وتعليقاتها لم تكن سوى نقلات طبيعية من كلام الناس. لم تلجأ إلى فذلكة أو استعراض، أو تحاول إثبات وجودها، أو تجذب الانتباه بما لا يستدعيه الموقف.
اتصلت بها بعد عدة أيام من الحلقة، قلت له مداعبا: انتظرت فترة تاركا لك اتصالات المعجبين، وحسد الحاسدين. ضحكت.
أقارن بين ما فعلته «ساندرا» فى لقائها مع الرئيس المرشح، وبين اللقاءات التى أجريت معه إبان ترشحه للفترة الأولى قبل أربع سنوات على يد إعلاميين فرادى أو مجتمعين حيث اتسم بعضها بالنمطية، والتكرار، وغياب الإبداع فى طرح الأسئلة والأجوبة. بالتأكيد استفادت «ساندرا» من قدراتها الفنية فى إخراج اللقاء بشكل مبهر، وبسيط، وهو أمر ليس صعبا على أى إعلامى شريطة أن يتخلص من الذات المعوقة أولا.
حديث مباشر بلا نفاق ولا مزايدة وصل إلى قلب قطاعات عريضة، هذا ما يحتاج إليه المجتمع، الذى بات يحيط به من جانب فائض مزايدة ونفاق، ومن جانب آخر إعلام مغرض لديه فائض أكاذيب واحقاد. حوار «ساندرا» حرك مياها آسنة، وينبغى أن يستتبعه نقاش حول الإعلام فى الفترة القادمة، فقد سئمت الناس الأشكال التقليدية، والمعالجات التى تخلو من إبداع، وكلام الانفعال الذى لا يبنى ولا يحدد اتجاها فى الحياة، من السياسة إلى الرياضة، وآخرها التعليق المستفز الذى رافق المباراة التجريبية بين مصر والبرتغال. تعليق فيه عدم معرفة، وثأرية فى غير محلها، واستدعاء ألفاظ تعكس مشاعر سلبية، والانحراف بالكلام فى قضايا سياسية لا علاقة لها بالمباراة، وتغيير اتجاهات الرأى فى غضون دقائق، وإشعار الجماهير بأنه ينبغى أن نكسب أو نتعادل بأى ثمن حتى لو عن طريق هدف صحيح حُسب خطأ طالما أن الحكم لم يره، ولكن لسوء الحظ أن التقنيات الحديثة جعلت الحكم يعيد النظر وحُسب الهدف صحيحا فى النهاية.
إحدى مشكلات المجتمع هو «الإعلامى» وليس الإعلام، هذا ما كشفته بوضوح «ساندرا» فى حوارها الشيق والصريح والممتع. نريد إعلاما على هذه الشاكلة، وكفاها الله شر الحاسدين.