الوعى «الصحيح» بـ«سيناء» - سامح فوزي - بوابة الشروق
الإثنين 30 ديسمبر 2024 7:19 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الوعى «الصحيح» بـ«سيناء»

نشر فى : الأربعاء 27 نوفمبر 2013 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 27 نوفمبر 2013 - 8:59 م

الصور الذهنية الخاطئة عن الأماكن أو الشعوب ترتبط بأمرين «التبسيط المخل» و«التعميم المفرط»، أى إطلاق سمات معينة على مكان، وعدم النظر إلى أية ملكات أو صفات يتسم بها بهدف خلق صورة ذهنية نمطية متكررة خاطئة عنه. وكم من مناطق وأحياء وشوارع تختزن الناس صورا ذهنية خاطئة عنها رغم أن الواقع تغير جذريا بها.

منذ أيام نشرت مجلة «تايمز» البريطانية تقريرا عن «انعدام القانون فى سيناء»، وهو العنوان الذى تصدر غلاف المجلة، أفرد فيه مراسلها الحديث عن المخاطر الأمنية فى شبه جزيرة سيناء، ونقل عن مصادر ألمانية أن سيناء أصبحت تضاهى «وزيرستان» فى باكستان، من حيث كونها مجالا لتدريب العناصر الإرهابية. وأعاد سرد الأحداث الإرهابية التى شهدتها سيناء فى الفترة الأخيرة، وشكك فى قدرة القوات المسلحة على استعادة الأمن فى حربها ضد التنظيمات الإرهابية، وأكثر من ذلك أعاد التأكيد على فكرة «ثأر القبائل» فى مواجهة الدولة.

هناك بالفعل مشكلات أمنية معقدة فى سيناء، ولكن خطورة هذا النمط من التقارير أنها ترسم فى المخيلة أن سيناء منطقة عنف وإرهاب وتهريب فحسب، وهو الخطأ نفسه الذى تقع فيه أحيانا وسائل الإعلام المصرية، وبمرور الوقت يتحول التفكير فى سيناء خاصة لدى الأجيال الصاعدة من «أرض الفرص التنموية» إلى «أرض العنف والجريمة».

الأجيال الجديدة تحتاج أن تعرف ما هى سيناء.

الوعى يكون بالتبشير بالأهمية الاستراتيجية لشبه جزيرة سيناء. فى يدى كتاب مهم أصدره مؤخرا الأستاذ الدكتور عطية حسين أفندى، وهو محارب سابق فى حرب أكتوبر 1973، وأستاذ متفرغ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية يرصد تاريخيا وسياسيا واستراتيجيا أهمية سيناء بالنسبة لمصر بلغة عميقة وبسيطة فى آن واحد، مؤكدا أن تاريخ سيناء هو تاريخ الحضارة والحرب، ومستقبل سيناء هو الأمن والتنمية. هذا الكتاب، وغيره من الكتب المماثلة ينبغى أن يكون جزءا من برامج الدراسة فى المدارس والجامعات. يطبع على نفقة الجامعة أو وزارة التعليم سواء من ميزانيتها أو عبر برامج شراكة مع القطاع الخاص الذى يقدر مسئوليته الاجتماعية، بدلا من أن يضطر مؤلفوها إلى طباعتها على نفقتهم الشخصية، وتوزيعها على زملائهم وطلابهم والباحثين بالمجان مثلما حدث فى الكتاب المشار إليه.

الصورة التى ينبغى أن تُرسم فى الأذهان عن سيناء هى «التنمية».

نشأ «الجهاز الوطنى لتنمية شبه جزيرة سيناء» عام 2012م، وفى مطلع الشهر الحالى عقد رئيس الوزراء الدكتور حازم الببلاوى اجتماعا له، طيرت وسائل الإعلام أخبارا عن خطط استثمارية، ومنح مزايا وحوافز إضافية للعاملين، وتشجيع المواطن على العمل والتوطن فى سيناء، وإطلاق مشروعات سياحية وتنموية، وتقنين قواعد تملك الأراضى ووضع اليد. وهناك حديث عما يقرب من أربعة مليارات ونصف المليار ميزانية للمشروعات التنموية فى سيناء.

هذا الكلام نسمعه، ويسمعه أهالى سيناء منذ فترة، ولكن لا يرون ثمارا له على أرض الواقع، وتكاد مطالبهم لا تزال كما هى منذ احتجاجاتهم عام 2004م: المعاملة الأمنية، التنمية، حقوق المواطنة، تملك الأراضى. الأبحاث موجودة، والدراسات تملأ الرفوف. المطلوب ترجمة ذلك فى خطة واضحة المعالم، بأهداف ومراحل زمنية تراعى متطلبات الأمن والتنمية فى آن واحد.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات