سر محمد صلاح - محمد سعد عبدالحفيظ - بوابة الشروق
الأحد 22 ديسمبر 2024 12:56 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سر محمد صلاح

نشر فى : السبت 28 أبريل 2018 - 8:35 م | آخر تحديث : السبت 28 أبريل 2018 - 10:10 م

لم يتصدر لاعب كرة القدم محمد صلاح نجم نادى ليفربول والمنتخب المصرى مانشيتات الصحف المصرية، فقط لأنه موهبة لم يسبق لها مثيل أو لأنه ذهب إلى ما لم يسبقه إليه أحد من اللاعبين المصريين.. فالقضية لها بعد آخر، وهذا ما سنتعرض إليه فى هذه المساحة.

بمجرد أن تضع اسم «محمد صلاح» على محرك البحث «جوجل» تظهر لك أكثر من 11 مليون نتيجة، منها 5 ملايين خبر ونحو 6 ملايين فيديو.

«صلاح» مصدر مهم لجذب الزوار إلى مواقع وصفحات الإنترنت أو ما يعرف بـ«ترافيك» على منصات الإعلام الرقمى أو ما يعرف باسم الـ«ديجيتال ميديا»، فأخبار اللاعب وفيديوهاته هى الأكثر مشاهدة على المواقع الإلكترونية التى تستهدف الأجيال الجديدة، لذا فمن المنطقى أن تلاحقه تلك المنصات، وإن لم تجد ما تتابعه من أخبار للاعب، تصنع له محتوى تقريريا أو تحليليا يحقق لها هدفها الاسمى «الترافيك»، لأن ذلك ببساطة يزيد من المساحات الإعلانية.

إذن محمد صلاح ضرورة اقتصادية لمنصات «الديجيتال ميديا» التى حددت هدفها وجمهورها.. الحال يختلف تماما مع الصحف المطبوعة، فتوزيع المطبوع فى مصر لا يتجاوز الـ350 ألف نسخة بحسب إحصائيات دقيقة، بسبب تراجع عادات شراء الصحف وتقلص حجم الاشتراكات.

الجمهور الذى لا يزال ينتقى من بين 22 مطبوعة يومية وأسبوعية فى مصر، هو من فئة كبار السن التى اعتادت الوقوف على «الفرشة» لشراء جريدة ورثت قراءتها من الأسرة، ومن الممكن أن تلفت مطبوعة أخرى نظر هؤلاء بعنوان مختلف يتصدر صفحتها الأولى، فضلا عن النخب السياسية «حاكمة أو معارضة» التى تبحث عن خبر وثقته الصحيفة الورقية أو تحليل طويل لا تقوى أعينهم على مطالعته فى «الموبايل فون».

باستثناء الإصدارات الرياضية المطبوعة التى لا يتعدى توزيع أكثرها انتشارا 5 آلاف نسخة، فجمهور «المطبوع» هذه الأيام لا يتعرض كثيرا لصفحات الرياضة، ينظر إلى عناوينها لكنه لا يدقق فى المتن، حتى من يتابع منهم المباريات بانتظام، فينتهى الأمر عنده مع إطلاق صفارة الحكم، أو مشاهدة الاستوديو التحليلى.

فالناس يميلون إلى التعرض للرسائل الإعلامية التى تتوافق مع ميولهم واهتماماتهم ويتجنبون الرسائل التى لا تخاطب هذه الاتجاهات والاهتمامات، وفقا للباحث الأمريكى جوزيف كلابر.

إذن لماذا احتل «صلاح» صدارة صفحات الصحف المصرية خلال الشهور الماضية، هل لأن معظم جمهور هذه المنصات مهتم باخباره فقط،؟ أم أن صور «MO» مع مانشتيات من عينة «صلاح صلاح صلاح.. والملك المصرى يحكم انجلترا».. إلخ، ستحرك أرقام توزيع الصحف وهو ما سيزيد من المساحات الإعلانية؟ بالطبع لا.

عزيزي القارئ.. الاهتمام بصلاح لدى البعض هو الهروب من أخبار قد تقلق البعض، أو تدفع أحد "المواطنين الشرفاء" إلى تحريك دعوى قضائية ضد هذه الجريدة او تلك ، فُتهدد الأرزاق وتحاصر الحريات، لذا فصلاح هو الطريق الأسلم، ومن خاف سلم.

نجلس فى اجتماعات الأخبار الصباحية عاجزين عن التفكير فى أولويات أجندتنا اليومية، نستبعد من الموضوعات أكثر مما نجيز، روح الرقيب الذاتى حاضرة على موائد التحرير فى غرف الأخبار.

مطلع فبراير الماضى كتب صديقنا عماد الدين حسين مقالا فى «الشروق» نعى فيه غياب المنافسة فى الانتخابات الرئاسية الماضية تحت عنوان «سر انزعاج الصحفيين من غياب المنافسة»، قال فيه: «يفتقد الكثير من الصحفيين للأخبار والأحداث الساخنة هذه الأيام، فقد عدنا مرة أخرى للشكوى من عدم وجود أخبار تستحق أن تتحول إلى «مانشيتات»، للدرجة التى تجعلنا نلجأ إلى وضع أخبار دولية أو عربية مكانها».

لا تنزعج يا صديقى فقد مَنّ الله علينا بصلاح وفتوحاته التى لا يقرؤها جمهورنا فى النسخ المطبوعة، وأراح الفرعون المصرى بلمساته السحرية أهل الكار من عناء التفكير فيما يغضب البعض، ويبعدنا عن خطر قاعات المحاكم والنيابات وغرف حجز الأقسام.

التعليقات