طبقا لدراسة أصدرتها موخرا المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، فإن كل مبررات الحكومة لرفع سعر تذكرة المترو لم تكن صحيحة، لأنها استندت إلى حسابات وأرقام تم توظيفها بطريقة غير سليمة، وأن المترو لا يخسر 6 مليارات جنيه، كما يقول وزير النقل، لكن الحكومة ترفع أسعار التذاكر لتمويل الاستثمار فى زيادة الخطوط وشراء العربات وتقليل زمن تقاطرها، من جيوب الطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل الذين يعتمدون على المترو فى الذهاب إلى عملهم!
كان المفترض طبقا لهذه الدراسة أن تكتفى الحكومة برفع سعر التذكرة إلى جنيه فقط، لأن إيرادات المترو بهذا السعر بلغت1.4 مليار جنيه سنويا، وهى تزيد عن تكلفة التشغيل والصيانة التى لم تذكر الدراسة قيمتها بالضبط، حيث توضح الدراسة أن ركاب المترو يدفعون ثمن التشغيل والصيانة بالإضافة إلى تكلفة الاقتراض وتكلفة الاستثمار المفترض أن تتحملهما الموازنة العامة للدولة، وأن النظام الضريبى العادل كان يمكن أن يوفر الاعتمادات المطلوبة.
فعلى سبيل المثال، لو فرضت الحكومة ضرائب على أرباح البورصة كما تفعل كل دول العالم، فكان يمكن تدبير 10 مليارات جنيه، ولو فرضت ضريبة على الثروة بشكل تصاعدى كان يمكنها تدبير المزيد من الموارد التى تقدر بمليارات الدولارات وليس الجنيهات.
النقطة المهمة فى الدراسة أن قرار رفع سعر التذكرة كان ينقصه الشفافية وإتاحة المعلومات الحقيقة حول خسائر المترو كما تقول الحكومة أو أرباحه كما تؤكد الدراسة، فنحن لا نعرف شيئا محددا وواضحا عن ميزانية المترو، وهو على كل حال موضوع لم يعد مهمًا الآن، بعد أن اعتاد الناس على دفع ثمن التذكرة كما كانت تريد الحكومة.
لكن الأمور لا ينبغى أن تسير على هذا النحو، فمثل هذه القضايا المهمة التى تتعلق بصلب حياة الناس، يجب أن يتم مناقشتها بوضوح تام وشفافية مطلقة، لكى نعرف بالضبط من يتحمل فاتورة المشاريع الخدمية؟ وهل هناك بدائل لتحميل محدودى الدخل هذه الفاتورة؟ وهل يستمر التخلى عن دورها الأساسى فى تدبير موارد المشاريع القومية الكبرى، وتواصل مسلسل هروبها من فرض سياسات ضريبية عادلة، وإهدار كل فرص الاستخدام المثل للموارد لتحقيق أقصى عائد ممكن، وتحميل العبء على الفقراء ومحدودى الدخل؟ والتوسع فى الاقتراض من الخارج بما يرهق الميزانية العامة للدولة بالتزامات مالية ضخمة يكون لها انعكاساتها السلبية على انخفاض مستويات المعيشة؟.
كل ما ذكرته دراسة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية كان ينبغى أن ينال اهتمام الحكومة ووزير النقل على رأسها، لكنها مرت مرور الكرام، دون أن تجذب اهتمام أعضاء البرلمان أو أحزاب المعارضة، رغم اهمية الدراسة واهمية توصياتها وخاصة تلك التى تطالب الحكومة بنشر الموازنة التفصيلية لجميع الهيئات الخدمية وحساباتها الختامية، ليعرف المواطنون الحقائق كاملة ومصير كل قرش وليس كل جنيه يدفعونه، بدون أى لعب أو تلاعب فى الأرقام!