لا غالب ولا مغلوب - محمد عصمت - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 12:14 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لا غالب ولا مغلوب

نشر فى : الثلاثاء 28 يونيو 2011 - 8:18 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 28 يونيو 2011 - 8:18 ص

 تحت شعار «لا غالب ولا مغلوب» ـ تتعايش الطوائف اللبنانية ذات العرقيات والمذاهب المختلفة فى كيان موحد يحافظ على ترابط الدولة ويعطيها نكهة ديمقراطية واضحة وإن كانت بلا أى مضمون حقيقى، لكنه نجح فى تحقيق الحد الأدنى من أهداف ومصالح الجميع، لدرجة انهم قسموا رئاسة مؤسسات دولتهم فيما بينهم، ووضعوا فى دستورهم الضمانات القانونية للحفاظ على هذا التقسيم.

شىء ما فى هذا الشعار نحتاجه الآن فى مصر بعد ثورة 25 يناير، ليس بالقطع بصيغته اللبنانية، ولكن من أجل التوصل إلى هدنة نلتقط فيها أنفاسنا من الحرب الضروس التى اشتعلت بين الاحزاب والقوى المختلفة حول «الدستور أو الانتخابات أولا»، وأيضا لكى نتعلم من هذا الشعار ثقافة الاختلاف وقبول الآخر، وكيفية التعايش المشترك فى مرحلة انتقالية لعشر سنوات مثلا، تتفق خلالها كل قوانا وأحزابنا السياسية على تنفيذ برنامج إصلاحى واسع يشمل كل ما أفسدته مافيا النظام السابق فى السياسة والاقتصاد والثقافة والتعليم، ولكى نتدرب أيضا خلال هذه المرحلة على أصول وفنون العمل المشترك لخدمة الوطن، وكيفية بناء مؤسسات ديمقراطية تحمى كرامة المواطنين وتحفظ حقوقهم.

خلال هذه المرحلة الانتقالية، نستطيع حماية الثورة من الاختطاف، بالاتفاق على خطتين خمسيتين لبناء قاعدة صناعية حديثة، واستصلاح أراضٍ جديدة،والبدء فى تنفيذ ثورة تعليمية بأحدث المناهج العلمية والتربوية، والانفتاح على العالم بثقافاته المختلفة، وإعادة قراءة تاريخنا برؤية نقدية، وإقامة علاقات قوية مع الاشقاء العرب.

وأنا لا أشك لحظة واحدة فى أن كل الأذكياء فى جماعة الاخوان المسلمين أو فى الاحزاب الليبرالية أو اليسارية على اختلاف مسمياتها، يدركون جيدا أن استئثار أحدهم بالحكم منفردا ،لن يكون فى صالحه، بل سيفتح عليه أبواب جهنم.. فالإخوان حاليا يواجهون تحديات لم يعرفوها منذ أكثر من ستين عاما، ستصاحبهم بعد انتقالهم من العمل السرى إلى العمل العلنى، حيث لن يستطيعوا التذرع بملاحقات الامن لهم لإخفاء طريقة إدارة التنظيم وانتخاب المرشد ومكتب الارشاد وكيفية تمويل نشاطاتهم.. والليبراليون لم يقدموا ما يعيد إليهم نفوذهم الجماهيرى الذى فقدوه فى نهاية الاربعينيات حتى سحبت ثورة يوليو البساط من تحت أقدامهم.. أما اليساريون فمازال خطابهم النخبوى أحيانا أو التقليدى أحيانا اخرى ، يبعدهم عن جماهيرهم رغم أنهم أكثر القوى السياسية تعبيرا عن مصالح الفقراء ومحدودى الدخل!

قد يستطيع هذا الفصيل أو ذاك أن يحقق بالمناورات انتصارا هنا أو هناك، ولكنها فى النهاية ستكون انتصارات زائفة ..ولا أريد أن أقول إنها ستكون هزيمة للوطن كله!

محمد عصمت كاتب صحفي