صفقة القرن: الخلفية والأساس - مواقع عربية - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 7:13 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صفقة القرن: الخلفية والأساس

نشر فى : الخميس 28 يونيو 2018 - 10:25 م | آخر تحديث : الخميس 28 يونيو 2018 - 10:25 م

نشر موقع «وكالة قدس نت للأنباء» مقالا للكاتب «لبيب قمحاوى» يتناول فيه الحديث عن صفقة القرن باعتبارها أبعد ما تكون عن الإشاعة إذ إنها برنامج عمل خطير دَخَلَ مطبخ السياسة الأمريكية بعد تولى ترامب رئاسة الولايات المتحدة وبالتنسيق مع بعض الحكام العرب. وأن خطورة هذه الصفقة بالنسبة للفلسطينيين والشعوب العربية تكمن فى كونها تهدف إلى الإعلان عن حل القضية الفلسطينية من خلال إلغائها وتقليص أو شطب الحقوق الوطنية الفلسطينية مما يعنى إغلاق ملف القضية الفلسطينية بشكل عام وكامل واعتبارها قضية غير قائمة.
يستهل الكاتب حديثه بالتساؤل عن ما هى الحقيقة وأين تكمن تفاصيلها وهل خطورة «صفقة القرن» تكمن فى العناوين أم فى التفاصيل أم فى النتائج؟ أم فى هذا وذاك؟
إن استنباط اصطلاحات غامضة لتسهيل أمور التنازل أو الالتفاف على الحقوق الفلسطينية هو فن أتقنه الإسرائيليون والأمريكان وبعض العرب خصوصا أولئك الراغبين فى إغلاق ملف «القضية الفلسطينية».
إن تمرير صفقة القرن يتطلب من وجهة النظر الأمريكية موافقة إسرائيل أولا ثم موافقة عربية خصوصا موافقة السعودية ومصر، وأخيرا توفر الظروف الملائمة والاستقرار اللازم فلسطينيا وأردنيا لتمرير تلك الصفقة كون الأردن والفلسطينيون يشكلان الممر الرئيسى لعبور تلك الصفقة.
«صفقة القرن» ليست قـَدَرا محتوما على الجميع القبول به والخنوع له، بقدر ماهى مؤامرة جديدة تستند إلى ضعف عربى عام وإلى خيانة بعض الأنظمة العربية التى اختلطت عليها أولوياتها بشكل حَوَّل العدو الأكبر للعرب وهو إسرائيل إلى حليف محتمل فى صراع إقليمى مذهبى بائس جعل من الجار عدوا ومن العدو جارا بل وحليفا. وهكذا، فإن من مَهَّدّ الأرضية لما هو قادم قد جاء من رحم العرب وما كان من الممكن لمثل هذا المخطط أن يكتسب أرضية لولا الإشارات الخفية بالموافقة والتشجيع والتى جاءت من بعض العواصم العربية وبعض القيادات الفلسطينية.
***
ويضيف الكاتب أن «صفقة القرن» ابتدأت كمجموعة أفكار جديدة فى أسلوب وكيفية طرحها ولكنها قديمة فى جوهرها لأنها تهدف فى النهاية إلى فرض حل للقضية الفلسطينية ينطلق من رحم الاحتلال ومن واقع الشتات الفلسطينى والضعف العربى واستسلام القيادة الفلسطينية منذ اتفاقات أوسلو وتبعيتها الأمنية لسلطات الاحتلال، وتهدف إلى إعطاء إسرائيل أقل بقليل من «كل شىء» وإغلاق ملف القضية الفلسطينية إلى الأبد، أو هكذا خُيِّلَ للقائمين على هذه «الصفقة» من إدارة ترامب. والجديد فى الطرح يتمثل فى الكيفية التى يتم بموجبها تقديم الأفكار الأمريكية والعناوين المرافقة لها وأسلـوب طرحهـا. إن اللعب بالكلمات هو أسلوب قديم فى السياسة، أمَّا ما نحن بصدده فهو اللعب بالمصطلحات بحيث يكون العنوان شىء والمحتوى شىء آخر. ومثالا على ذلك تسمية اختفاء المظاهر العسكرية العلنية للاحتلال بالانسحاب، وتسمية الحكم الذاتى المُطَوَّر بالدولة.... إلخ.
غالبا ما تقع الشعوب أسيرة لاصطلاحات ومفاهيم يُجَسِّدها عنوان أو شعار ما دون تحديد المحتوى أو المعنى المقصود من ذلك فعلا. فمثلا ما طرحه بعض العرب مؤخرا فى المطالبة بإقامة «دولة فلسطينية على التراب الوطنى الفلسطينى وعاصمتها القدس الشرقية» هو فى سياق ذلك. ماذا يعنى ذلك المطلب بالتحديد؟ إنه يعنى أولا الموافقة الضمنية على التنازل عن مطلب الانسحاب من كامل الأراضى المحتلة من خلال الانتقال من المطالبة بدولة على مجمل الأراضى المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الواقعة ضمن تلك الأراضى، إلى المطالبة بدولة «على التراب الوطنى الفلسطينى» وهو اصطلاح لا يعنى جغرافيا أى شىء وقد يعنى ذلك أية نسبة من تلك الأراضى، أى قد تكون على 20% أو 30% أو 50%....إلخ من الأراضى المحتلة عام 1967 لأن أى من تلك النسب هى فى النهاية تراب وطنى فلسطينى أما بالنسبة لاصطلاح «وعاصمتها القدس الشرقية» فإن ذلك قد يعنى أيضا أشياء مختلفة. فاصطلاح «القدس الشريف» أو اصطلاح «القدس الشرقية» أو اصطلاح «القدس» قد يعنى من وجهة نظر كل طرف من أطراف الصراع المباشرين أو غير المباشرين شيئا مختلفا. فعندما طرح الرئيس الأمريكى مثلا أفكاره عن القدس تمهيدا للاعتراف بها عاصمة لإسرائيل فإنه أوضح بجلاء ودون التباس بأن الإسرائيليين قد قاموا ببناء مدينة لهم غربى القدس وأطلقوا عليها اسم «القدس الغربية»، وأن الفلسطينيين يستطيعون فعل نفس الشىء الآن من خلال بناء مدينة لهم فى إحدى المناطق المحيطة بالقدس (أبو ديس مثلا) وأن يطلقوا عليها اسم «القدس الشرقية». إذا القدس قد تعنى شيئا مختلفا على أرض الواقع لكل طرف من الأطراف. وبناء جسر موصل بين ضاحية أبو ديس والمسجد الأقصى تحديدا يهدف إلى إضفاء بعض الشرعية التاريخية والدينية على تلك «القدس الشرقية» المصطنعة. وياسر عرفات عندما طرح شعار «القدس الشريف» لم يوضح معناه وما هو المقصود منه باستثناء شىء واحد وهو أن عرفات كان يريد أن يرسل إشارة بأن التفاوض على القدس وتقديم بعض التنازلات هو أمر ممكن من خلال طرحه لشعار «القدس الشريف» الغامض والذى يحتمل بحكم غموضه تفسيرات ومعانى مختلفة.
***
إن إعطاء القدس للإسرائيليين والاعتراف بها كعاصمة لهم وإخراجها من نطاق المفاوضات والتوقف عن اعتبارها أرضا محتلة خاضعة للمفاوضات كان بالنسبة لإدارة ترامب أمرا أساسيا لإنجاح «صفقة القرن» وذلك من خلال تقنين وضع مفروض على القدس بقوة الاحتلال، الأمر الذى أثار حفيظة معظم دول العالم ورفضها العلنى للإجراء الأمريكى ربما باستثناء بعض الأنظمة العربية التى شاركت فى تلك المؤامرة إما من خلال صمتها أو من خلال دورها الخفى فى تشجيع تلك المبادرة الأمريكية. إن الاقرار بذلك والاعتراف به هو أمر مستحيل بالنسبة للفلسطينيين والأردن كون القدس هى لب وجوهر القضية الفلسطينية وأية إقرار بتغيير وضعها أو التنازل عنها يعتبر انتحارا بالنسبة لمن يـَقـْبَل به سواء فى فلسطين أو الأردن. وأية محاولة للالتفاف على القدس من خلال مسميات جديدة سيؤدى بالنتيجة إلى مزيد من القلاقل والحروب والاقتتال الداخلى.
***
يضيف الكاتب أن الكثيرين يحاولون ربط ما جرى فى الأردن مؤخرا بما هو قادم من التزامات نتيجة لصفقة القرن. ويعتبر البعض أن هنالك محاولة جدية ومستمرة لإفقار الشعب الأردنى لإرغامه على القبول بتبعات ما هو قادم فيما لو تم تطبيق «صفقة القرن». والإيحاء هنا تحديدا يتعلق بإعادة هيكلة الأردن كوطن بديل. والواقع أن هذا الربط قد لا يكون بالضرورة صحيحا أو بالأهمية التى يعلقها البعض. «فالوطن البديل» سيكون «أوطانا بديلة» لا تتعلق بالأردن فقط بل بمجمل الدول العربية المضيفة للاجئين الفلسطينيين منذ عام 1948 مرورا بعام 1967 وبباقى النكبات الأصغر. فصفقة القرن تهدف إلى إلغاء قضية اللاجئين وحق العودة من خلال التوطين وإلغاء صفة اللجوء وتحويلها إلى صفة المواطنة فى الدول المضيفة، وإلغاء وكالة الغوث (الأونروا) باعتبارها تجسيدا للاعتراف الدولى بقضية اللاجئين الفلسطينيين. وفى هذا السياق فإن عدم الاستقرار، كما جرى فى الأردن، هو أكثر خطورة وتهديدا لمسار «صفقة القرن» لأنه يُضْعِف من قدرة النظام على فرض تبعات تلك الصفقة على الشعب الأردنى. ومن هنا كانت الفزعة النفطية لمساعدة الأردن على تجاوز الأزمة الاقتصادية والمالية من أجل إعادة تثبيت الاستقرار اللازم لتمرير تبعات صفقة القرن على الأردن.
***
ختاما يتحدث الكاتب عن أن الأردن أو أى دولة عربية لا تستطيع القبول العلنى بصفقة القرن إذا ما أَصّرَ الفلسطينيون حقيقة على رفضها. ومن هنا فإن الرفض الفلسطينى هو الضمانة للرفض العربى المُعْلَن خصوصا الأردن الذى لن يستطيع الموافقة بمعزل عن موافقة الفلسطينيين أولا. وهكذا يصبح النضال على الجبهة الفلسطينية لمساعدة الفلسطينيين على رفض «صفقة القرن» هو نضال عام واستراتيجى يشمل فى نتائجه كل الدول العربية لأنه سوف يضع تلك الدول، حتى الراغبة منها، فى موقف مستحيل لا يستطيعون فيه القبول بما يرفضه الفلسطينيون.

النص الأصلى

التعليقات