أزمة الكهرباء.. والرضا المجتمعى! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الإثنين 1 يوليه 2024 7:14 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أزمة الكهرباء.. والرضا المجتمعى!

نشر فى : الجمعة 28 يونيو 2024 - 7:55 م | آخر تحديث : السبت 29 يونيو 2024 - 10:24 ص

‎إجراء أى دراسات علمية شفافة ومحايدة فى الوقت الراهن، لقياس مدى الرضا المجتمعى فى مصر، لن تصب نتائجها على الأرجح فى صالح الحكومة، خصوصًا بعد تفاقم أزمة انقطاع الكهرباء الحالية.
‎فالحكومة التى دائمًا ما تتباهى بما قدمته من جهود كبيرة لخدمة المواطن فى شتى مناحى الحياة خلال السنوات الماضية، بل يرى رئيسها مصطفى مدبولى، وفق تصريحاته فى مؤتمر «حكاية وطن» فى شهر سبتمبر الماضى أن ما تم تحقيقه «يعدُ إنجازات حقيقية غير مسبوقة بكل المقاييس، ولم تحدث منذ عقود طويلة»، سقطت سقوطًا مدويًا فى تعاملها مع أزمة انقطاع الكهرباء خلال هذه الأيام، التى تصل فيها درجات الحرارة إلى معدلات قياسية.
‎الإخفاق فى التعاطى مع أزمة الكهرباء مبكرًا، وتركها حتى تستفحل عبر قطع التيار الكهربائى بالساعات عن منازل المواطنين، خلق حالة واسعة من السخط والغضب لدى فئات كبيرة من المجتمع، باتت يتشكل لديها اعتقادًا راسخًا بأن هذه الحكومة لا تضع المواطن ومصالحه ومشكلاته وهمومه فى سلم أولوياتها، وأنها لا تهتم لأمره إلا اذا ارتفع صوت أنينه!
‎هذا الاعتقاد يبدو منطقيًا إلى حد كبير، إذ إنه بعد تزايد حالة السخط والاستياء بين المواطنين، عقد رئيس الوزراء مؤتمرًا صحفيًا، الثلاثاء الماضى، قدم فيه اعتذار الحكومة عن أزمة انقطاع الكهرباء، وأعلن تخصيص مليار و180 مليون دولار، لتلبية احتياجات محطات توليد الكهرباء من الغاز والمازوت من أجل تجاوز الأزمة خلال فترة الصيف، ووقف قطع الكهرباء بصورة تامة فى الأسبوع الثالث من شهر يوليو، وبدء خطة ترشيد استهلاك الكهرباء، بغلق المحلات التجارية والمولات من العاشرة مساء.
‎فى اليوم التالى للمؤتمر الصحفى الذى عقده مدبولى، نقلت وكالة رويترز للأنباء عن مصادر تجارية قولها إنه جرت ترسية عطاء مصرى لشراء 17 شحنة من الغاز الطبيعى المسال للتسليم خلال الصيف الحالى، وذلك بعلاوة 1.6-1.9 دولار عن السعر القياسى لمنصة تجارة الغاز الهولندية. وقالت المصادر، إن مصر تسعى للحصول على ثلاث شحنات أخرى للتسليم بين أغسطس وسبتمبر.
‎ربما تكون هذه القرارات والإجراءات والخطوات مقدمة لانتهاء الأزمة التى تؤرق الغالبية العظمى من المواطنين، أو على الأقل التخفيف من تداعياتها وآثارها السلبية الكبيرة عليهم، لكن تظل هناك الكثير من الأسئلة العالقة.. لماذا لم تتعامل الحكومة مبكرًا مع هذه الأزمة قبل أن تثير غضب الناس؟ هل تحتاج دائمًا إلى توجيهات رئاسية للتعامل معها وحلها بأسرع وقت مثلما حدث سابقًا فى عشرات الحالات المماثلة؟ هل فوجئت بارتفاع درجات الحرارة خلال هذه الفترة؟
‎بالتأكيد لم تفاجئ الحكومة بارتفاع درجات الحرارة فى هذه الأيام، إذ لا يتوانى خبراء الأرصاد الجوية عن التحذير بشكل شبه يومى من أن «أغلب قيم درجات الحرارة فى مصر خلال الصيف الحالى وتحديدا فى شهر يونيو فوق 37 و38 درجة، أى أعلى من المعدلات الطبيعية، وذلك نتيجة للتغيرات المناخية والاحتباس الحرارى».
‎كذلك لا تحتاج أى حكومة فى العالم، إلى توجيهات رئاسية دائمة من أجل التعامل مع كل أزمة تواجهها والعمل على حلها فى أسرع وقت، وإذا كان هذا الأمر غير صحيح.. فما المبرر إذن لوجود رئيس الحكومة ومعه هذا الكم الكبير من الوزراء؟
‎أغلب الظن أن تأخر الحكومة فى التعامل مع أزمة انقطاع الكهرباء، وغيرها من الأزمات المماثلة فى قطاعات الغذاء والدواء وغيرها، يرجع فى المقام الأول إلى رغبتها فى الحفاظ على مواردها الدولارية المحدودة، حتى لا تتعثر أو تتخلف عن سداد أقساط وفوائد الديون المستحقة عليها، والتى تمثل أولوية قصوى لها، للحفاظ على مصادر التمويل الدولية التى تحتاجها بشدة.
‎هدف مهم بلاشك عدم الوقوع فى خانة المتعثرين عن سداد الديون، شرط ألا يكون من نتائجه زيادة الضغوط المعيشية على المواطنين، ومن ثم فإن هناك ضرورة قصوى لإيجاد التوازن المطلوب بين تلبية الالتزامات الخارجية، وبين توفير سبل الحياة الكريمة للمواطن، حتى لا يختفى أو يتراجع الرضا المجتمعى، ما قد يعرض استقرار البلاد وأمنها لتقلبات وهزات عنيفة وغير متوقعة.

التعليقات