نبيل العربى.. الدبلوماسى والقانونى والمفاوض الصلد - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 14 سبتمبر 2024 11:45 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نبيل العربى.. الدبلوماسى والقانونى والمفاوض الصلد

نشر فى : الأربعاء 28 أغسطس 2024 - 7:10 م | آخر تحديث : الأربعاء 28 أغسطس 2024 - 7:10 م

  لا أكتب اليوم عن الدبلوماسى المرموق والقانونى الدولى البارع فقط، ولكن عن الدكتور نبيل العربى المفاوض الصلد الذى تمكن من قيادة فريق من أمهر الشخصيات المصرية قانونيا ودبلوماسيا وسياسيأ لاسترداد طابا من براثن الإسرائيليين.

كثيرون يعرفون عن نبيل عبدالله العربى أنه ولد عام ١٩٣٥، وقليلون يعرفون أن أصول أسرته تعود إلى قرية عرب الجهمة بمركز القوية بمحافظة أسيوط.

وكانت مفاجأة شخصية لى حينما عرفت هذه المعلومة، لأن مدرستى الإعدادية فى الدير المحرق تبعد كيلو مترا فقط عن هذا الدير التاريخى الذى قضت فيه السيدة العذراء والسيدة المسيح أطول فترة فى رحلة العائلة المقدسة لمصر.

وذات يوم كنت أزور صديقا وقريبا فى هذه القرية وأرانى البيت الذى كان يعود لهذه الأسرة قبل عقود طويلة.

نبيل العربى درس الحقوق فى جامعة القاهرة وحصل على الليسانس عام ١٩٥٥ ثم ماجستير فى القانون الدولى ثم الدكتوراه فى العلوم القضائية من نيويورك.

وهو ينتمى إلى هذا الجيل من المصريين العمالقة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى الذى تلقى التعليم الراقى والمتميز، وصار حجة فى القانون الدولى، ولذلك كان طبيعيا أن يكون مستشارا قانونيا للوفد المصرى المفاوض فى كامب ديفيد مع الرئيس الأسبق محمد أنور السادات عام  ١٩٧٨.

ظنى أن الجانب المهم فى حياة العربى المهنية إضافة للدبلوماسية كانت خبرته القانونية المتميزة التى أهّلته أن يقود فريق التفاوض الذى استرد طابا وقبلها كانت له العديد من المحطات الدبلوماسية والقانونية..

وبسبب هذه الخبرة كان طبيعيا أن يعمل فى العديد من المناصب والمهام القانونية الدولية.

هو عمل عضوا بلجنة الأمم المتحدة للقانون الدولى من ١٩٩٤ حتى ٢٠٠١.

وعمل قاضيا فى محكمة العدل الدولية بين ٢٠٠١ و٢٠٠٦، وخلال هذه الفترة حاولت إسرائيل  منعه بكل السبل من المشاركة فى الحكم فى قضية جدار الفصل العنصرى الذى أقامته إسرائيل فى الضفة الغربية عام 2004، لكن كل محاولاتها فشلت.

واستعانت به الحكومة السودانية، لكى يمثلها فى قضية التحكيم بشأن منطقة أبيى المتنازع عليها مع الحركة الشعبية لتحرير السودان وجنوب السودان لاحقا

وأظن أن أهم ما يعتز به العربى أنه ترأس الوفد المصرى، الذى نجح فى استعادة طابا من الإسرائيليين بالتفاوض أولا ثم التحكيم الدولى فى الفترة من 1983 حتى مارس ،١٩٨٩ وكان معه كوكبة من ألمع الخبراء والدبلوماسيين وأساتذة التاريخ.

بعد هذا الإنجاز اعتقد كثيرون أن هذه المهمة هى ذروة ونهاية المشوار الدبلوماسى للعربى، لكن الأقدار كانت تخبئ له الكثير.

بعد ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ صار العربى وزيرا للخارجية فى حكومة عصام شرف وهى مهمة لم تستمر طويلا.

وفى مايو ٢٠١١ صار أمينا عاما للجامعة العربية خلفا للعملاق الكبير أيضا عمرو موسى- أطال الله فى عمره  ومتعه بالصحة – واستمر العربى فى منصبه حتى عام 2016

عقب الإعلان عن وفاته كان ملفتا للنظر تسابق أطياف واسعة من الدبلوماسيين على الإشادة بمناقب الفقيد.

‫:على سبيل المثال فإن السفير المتميز محمد أنيس سالم كتب يقول

فارس القانون الدولى

وعملاق الدبلوماسية العربية يترجل، كان استاذا لجيلنا من الدبلوماسيين الذين اجتهدوا فى المجال الأكاديمى واشتبكوا بالدراسة والحوار فى مراكز الدراسات والجامعات العالمية، وبذل مجهودا جبارا فى الدفاع عن قضايا الوطن دون انتظار لكلمة شكر أو وسام تقدير».

أما منى مكرم عبيد فقد وصفته «بالرجل العظيم المفكر وعملاق الدبلوماسية المصرية والعربية.

وأعتقد أن الكتاب المهم الذى يمثل مذكرات نبيل العربى والصادر عن دار الشروق بعنوان «طابا .. كامب ديفيد والجدار العازل» شديد الأهمية لكل مفاوض عربى تجبره الظروف على التفاوض مع الإسرائيليين الآن أو فى المستقبل.

بسبب كل هذه التجارب كان منطقيا أن يكون العربى خبيرا بارزا ليس فقط فى القانون الدولى، ولكن فى كيفية الانتصار على إسرائيل فى ميادين الدبلوماسية والمعارك التفاوضية، بعد أن تمكن الجيش المصرى من الانتصار العسكرى فى ميادين القتال فى حرب أكتوبر المجيدة ١٩٧٣.

المفاوض الفلسطينى وأى مفاوض عربى فى أشد الحاجة لقراءة سيرة حياة نبيل العربى ليدرك كيفية مواجهة إسرائيل فى ميادين التفاوض، خصوصا أن الأخيرة تتفنن الآن فى عرقلة المفاوضات، بالتوازى مع عدوانها العسكرى الوحشى فى قطاع غزة منذ ٧ أكتوبر الماضى وحتى الآن.

رحم الله نبيل العربى وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله الصبر والسلوان.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي