ما نشرته الأهرام أمس حول منح وزير البترول السابق سامح فهمى سبيكة ذهبية وزنها 5.5 للرئيس السابق حسنى مبارك من إحدى شركات التنجيم، ينبغى أن يخضع لتوصيف قانونى دقيق، يحدد لنا هل هذه المنحة الذهبية قضية رشوة تورط فيها رئيس ووزير.. أم أنها مجرد هدية بسيطة من شركة مناجم، تكسب المليارات، تعبيرا عن حبها الشديد للرئيس السابق، الذى لم يتجاوز راتبه الرسمى بالبدلات حاجز الـ 25 ألف جنيه شهريا.
أنا لا أدرى كيف برر الرئيس لنفسه قبوله هذه «الهدية»، خاصة أنها ليست رمزية، كما أنه يدرك أكثر منا أنه لم يكن مساهما فى رأسمال الشركة لأن القانون يمنعه من ذلك، كما أنه يعرف بالقطع أنه لم ينزل مع عمال المنجم تحت الأرض للبحث عن السبيكة.. كما أننى لا أدرى أيضا هل قبل الرئيس هدايا من هذا النوع من شركات أخرى، أم أن هذه السبيكة كانت الهدية الأولى والأخيرة فى حياته الرئاسية؟!.. لا أحد يستطيع أن يجيب عن هذا السؤال إلا الرئيس السابق نفسه أو تحقيقات الجهاز المركزى للمحاسبات، الذى اكتشف موظفوه هذه الواقعة عام 2009، وظلت سرا مخفيا حتى صباح أمس بعد نشرها فى الأهرام..
خطورة هذه «الهدية» هى أنها الواقعة الوحيدة المتوافرة الأركان، حتى الآن، لفتح التحقيق فيها مع الرئيس السابق، وربما تكون هى مفتاح الولوج لمغارة على بابا لمعرفة ثروة الرئيس بالضبط، من أجل إبراء ذمته من الاتهامات التى تلاحقه هو وأسرته بتضخم ثرواتهم أو تقديمهم إلى محاكمة عادلة إذا ثبتت إدانتهم..
وأتصور أن على رئيس الحكومة الدكتور عصام شرف أن يجرى تحقيقا فوريا فى ملابسات هذه المنحة الذهبية، لأن من حق الشعب الذى اكتوى بسياسات مبارك وحكوماته المختلفة أن يعرف أين ذهبت ثرواته؟ وكيف كان الرئيس يتلقى هدية ذهبية و40% من شعبه يعيشون تحت خط الفقر؟
الدكتور شرف الذى شارك بنفسه فى ثورة 25 يناير، يدرك جيدا أنه المسئول الأول الآن عن الحفاظ على ثروات الشعب، وعن استرداد حقوقه المسلوبة، وهو بالقطع يدرك أن تحوله من ثورى فى ميدان التحرير إلى رجل دولة فى لاظوغلى يفرض عليه أن يطبق القانون على الجميع.. من أصغر موظف حكومى حتى رئيس الجمهورية.