من «العزيمة».. افتحوا عيونكم للسما - خالد محمود - بوابة الشروق
الأحد 8 سبتمبر 2024 4:17 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من «العزيمة».. افتحوا عيونكم للسما

نشر فى : الأربعاء 29 مايو 2024 - 8:25 م | آخر تحديث : الأربعاء 29 مايو 2024 - 8:25 م

شاهدت قبل أيام قليلة بالصدفة فيلم «العزيمة »، إنتاج عام ١٩٣٩، ومع كلمة النهاية ، ألح علىّ سؤال كبير، كيف كنا بهذه العظمة والإبداع فى السينما الواقعية منذ حوالى ٧٥ عاما ، وكيف أصبحنا بهذا التراجع الإبداعى.
واقع الأمر أننى توقفت كثيرا أمام تلك التحفة السينمائية التى كتبها وأخرجها كمال سليم وقام ببطولتها حسين صدقى وفاطمة رشدى، حيث يظهر الأسلوب الواقعى فى ذلك العصر بصورة تبدو جديدة وملهمة، فالأفلام قبل ذلك كانت تدور فى القصور والسرايات أو الأماكن الشعبية أو فى حياة كواليس أهل الطرب والفن، ولكن بأفكار هزيلة تناسب سينما التسلية وليست سينما الفكر ومعالجة قضايا المجتمع، حتى جاء «العزيمة» ليكسر هذه القاعدة بتقديم رواية مصرية خالصة ودراما سينمائية ممتعة وإظهار الحارة المصرية وتفاصيلها وبشرها بكل ملامحهم وأحلامهم ويبرز أهمية صمود الانسان أمام مكائد الزمن حتى يتحقق له ما يريد وهنا جاء اسم الفيلم، كما أنه يبرز فكرة أن الحب الصادق بين اثنين لا يمكن أن ينتهى مهما تبدلت أحوال الدنيا بل سيبقى شامخا صامدا أمام أى عقبة تقف فى طريقه رافضا الاستسلام والخضوع.. وهو ما شاهدناه فى صورة
محمد أفندى «حسين صدقى»، «فاطمة رشدى».
فى هذا الفيلم السابق لعصره بجرأته، واختيار المخرج كمال سليم لصلاح أبو سيف مساعدا له فى كتابة السيناريو وإدارة الإخراج والمونتاج، وذلك الاختيار كان نقطة الاكتشاف الأولى لقدرات صلاح أبو سيف الذى سار على نهج الواقعية وكان راسخا وأمينا فى واقعيته.
أعود إلى السؤال المحير.. لماذا كنا روادا وأصحاب نهج جديد وفكر متطور فى البدايات، ولما تهنا عن هذا الدرب فيما بعد، لماذا لم نبن على ما قدمه كمال سليم وأبو سيف وهما كانا شابين انذاك، لماذا مرت السينما المصرية بعد ذلك بموجات بين خفوت وصعود، هل فقدت الأجيال الأخرى شغف التجديد، هل استسلمت لمقدرات وفهلوة عصر.
أعرف أن ظروف وطريق صناعة العزيمة لم يكن مفروشا بالورود ، ولكن كانت هناك إرادة ووعى وحلم وهدف، وهو ما افتقدناه فى حقب أجيال لاحقة لو كانت قد تمسكت بالمكانة والروح التى سكنت كمال سليم، لأصبحت السينما المصرية فى مكانة أعلى.
ولكى أكون منصفا، هناك بعض أفراد الجيل الجديد من المخرجين المستقلين من يملكون الفكر والشغف والأدوات والحرفة ، لكنهم مشتتون بين أشياء كثيرة، منها الإنتاج والبحث عن ممول، وظروف السوق.
وهنا يجب أن نمد لهم يد المساعدة، أن نحتضنهم، ولتكن هناك جهة تتبع وزارة الثقافة تسمعهم وتناقش مشاريعهم وأفكارهم وتمولهم دون عوائق رقابية، وتسمح بعودة العزيمة.
عندما قرأت برقية تهنئة وزيرة الثقافة بفوز الفيلم الوثائقى المصرى «رفعت عينى للسما» للمخرجين ندى رياض وايمن الامير، بجائزة العين الذهبية لمهرجان «كان» ودعت للاحتفاء بصناعه، قلت لنفسى، إلى من نترك هذا الجيل الذى يشق الصخر بمفرده، ونكتفى بمظاهر الاحتفال وركب موجة الاحتفاء بالجوائز، وهو ما حدث مع أفلام أخرى حققت إنجازات فى محافل دولية لمخرجين مصريين شباب، مثل أيتن أمين وفيلمها «سعاد» وسامح علاء وفيلمه «ستاشر: أخشى أن أنسى وجهك»، الفائز بالسعفة الذهبية لمسابقة الأفلام القصيرة بمهرجان كان، وكذلك فيلم «ريش» للمخرج عمر زهيرى، احتفينا بهم وأخذنا اللقطات ، ثم تركناهم يبحثون عن صخر جديد ينحتونه، كنت أتمنى أن تأخذ الوزيرة قرارا بدعم مشاريع هؤلاء، إذا كانوا سيشكلون الصورة المشرفة لحاضر السينما المصرية ومستقبلها..
«افتحوا عيونكم للسما»

خالد محمود كاتب صحفي وناقد سينمائي
التعليقات