إسرائيل تتحول إلى دولة منبوذة شيئا فشيئا.. ونتنياهو لا يزال «شرعيا» - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
السبت 14 سبتمبر 2024 11:42 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إسرائيل تتحول إلى دولة منبوذة شيئا فشيئا.. ونتنياهو لا يزال «شرعيا»

نشر فى : الخميس 29 أغسطس 2024 - 6:55 م | آخر تحديث : الخميس 29 أغسطس 2024 - 6:55 م

فى سبتمبر 2022، استضاف مؤتمر «فايننشال تايمز» فى لندن ميخائيل خودوركوفسكى، الشخص الأكثر ثراءً فى روسيا، الذى أمضى فى السجن مدة 11 عاما، فى أعقاب ملاحقات الرئيس فلاديمير بوتين. وسُئل عمّا إذا كان بوتين إنسانا عقلانيا. وهكذا كانت إجابته: طبعا نعم، لكن منظومته القيمية مختلفة جدا عمّا هو مقبول. وبحسبه، فمن أجل الحفاظ على حُكمه، وبالتالى حياته، يوجد فى رؤية بوتين قضيتان: إنه على استعداد للتسبب بموت عشرات الآلاف من البشر؛ ومن ضمنهم أبناء شعبه. كنت سأجيب إجابة مشابهة بخصوص نتنياهو. وهناك تحليل بديل من فهم تصرفاتهما، وهو أن كليهما لديه شخصية نرجسية.

هناك كثير من أوجه الشبه بين نتنياهو وبوتين، ولا أريد فلسفة الأمور، فالمغزى واضح: الغرب تواصل مع بوتين خلال سنوات حُكمه، منذ وصل إلى السلطة فى سنة 1999، وحاول التقرب منه والتعاون معه، وحتى الضغط عليه. ومع اجتياح أوكرانيا، تغيّر كل شىء، «فتحول إلى منبوذ»، وباتت روسيا معزولة. وإذا تعامل الغرب مع نتنياهو كما يتعامل مع بوتين، فستسنح أخيرا فرصة التغيير. الآن، تتحول إسرائيل إلى دولة منبوذة، شيئا فشيئا، لكن نتنياهو لا يزال «شرعيا».

نتنياهو يُلحق الضرر بمصالح الغرب. ويوجد لدى الغرب كثير من أوراق القوة لاستبداله بطريقة ديمقراطية. هذا ما سيصبح ممكنا حين يحصل النظام السياسى المحلى على الإشارات المطلوبة. هل رئيس حكومة إسرائيل هو فعلا حليف للولايات المتحدة، ووضعية بوتين مختلفة؟ يجب التفريق ما بين مصلحة إسرائيل ومصلحة نتنياهو. بمرور الوقت، باتت الفجوة أوسع بين المصلحتين، والآن، أصبحت كبيرة جدا. نتنياهو يحول إسرائيل إلى دولة مستبدة، وفى هذه الحال، لن تستطيع البقاء شريكة حقيقية للولايات المتحدة.

نتنياهو يقود إسرائيل فى المسار الذى سار فيه بوتين فى دولته. وفى هذا الوقت، يموت الجنود والمواطنون، ويخرب الاقتصاد، ويهرب أفراد الطبقات العليا فى المجتمع. ولا أمل لجيل الشباب.

نتنياهو استراتيجى فاشل بشكل متسلسل. لم يشخّص خطر «حماس»، والأهم من هذا كله أنه استمر فى أخطائه ونمّاها حتى باتت إيران فى نهاية المطاف دولة على العتبة النووية. سيأتى يوم يصبح فيه حبيب الأمة فى إيران.

اللاعبون السياسيون فى إسرائيل لم يفهموا بعد الحاجة إلى نزع الشرعية. لا ينجحون فى رؤية نتنياهو كحصان ميت وإيجاد بديل فى هذا الكنيست، أو ما بعده. هذا بالإضافة إلى أنهم لا يفهمون أنه حتى إذا بقى نتنياهو فى الساحة، لن يكون هناك مزيد من الانتخابات الحرة فى إسرائيل، ففى أفضل الأحوال، سيكون هناك قيود على مجموعات معينة، وفى حالة أقل من ذلك، سيتم تأجيلها بسبب حالة الطوارئ. هذه الأمور تتعلق أيضا بالأحزاب الحريدية التى تتميز بضيق رؤية مذهل. إنها لا تفهم أن اعتماد نتنياهو على اليمين واليمين المتطرف يعزز انتقال الأصوات من ناخبيها نحو بن غفير، وأن التدهور الحاد للاقتصاد الإسرائيلى سيتركها من دون موارد الدولة التى تطالب بها.

أمّا رؤساء الأجهزة الأمنية، فإنهم سذّج وأغبياء (وخريجوها أيضا)، يعملون على طرح بدائل وسيناريوهات ممكنة لنتنياهو. السيناريو واحد: حرب من دون هدف، ومن دون نهاية، تسمح بتأجيل الانتخابات وبقائه فى السلطة. هذا بالإضافة إلى أنه من المؤلم رؤية أخطاء إدارة بايدن: الأولى، هى عدم التفريق بين مصالح نتنياهو ومصالح إسرائيل؛ والثانية، هى أن واشنطن ترى فيه قائدا شرعيا وصديقا يمكن التأثير فيه.

حل عقدة الشرق الأوسط يكمن فى تبنّى رواية جديدة مختلفة كليا. إذا فهموا فى إسرائيل، وأيضا فى الغرب، أنه رئيس حكومة أقلية، لا يملك دعما من الجمهور، حينها سيفهمون أنه غير شرعى. يمكن تغيير حكومة إسرائيل، ويجب تبديلها بطريقة ديمقراطية، وهناك مجموعة من أدوات القوة لتحقيق ذلك. مثلاً، الحوار مع الأحزاب الحريدية، التى تملك 18 مقعدا ضروريا فى هذا الكنيست، أو التالى. وأيضا الحلفاء من الغرب وأوروبا، لديهم أدوات ضغط، دفعت بالاتحاد الأوروبى فى 2011، إلى تبديل رئيس حكومة إيطاليا بيرلسكونى، وبطريقة ديمقراطية. فقط، حين ترى إدارة بايدن أن نتنياهو هو شبيه لبوتين، فستتولد دينامية جديدة.

لبايدن أيضا مصلحة واضحة فى مساعدة هاريس على الفوز. سياسة قادرة على إطاحة نتنياهو وإزاحته عن المشهد السياسى ممزوجة بدعم حقيقى للمصالح الإسرائيلية، إلى جانب شرح جيد للدوافع الكامنة خلف هذه السياسة، وبذا، سيرسل رسالة قوية واضحة للولايات المتحدة، ويساعد هاريس على الفوز.

حاليا، نتنياهو يقود إسرائيل نحو الهاوية. إنه يُشعل الشمال والجنوب والضفة، ويرتكب كل خطأ ممكن مع إيران. إن لم يوقف النظام السياسى والغرب هذا بسرعة، فإن إسرائيل ستنتحر مع رئيس حكومتها.

عيران ياشيف

هآارتس

مؤسسة الدراسات الفلسطينية

التعليقات