الوسيط العربي الإسرائيلي في الكنيست.. هل يغير منصور عباس النهج الإسرائيلي أم يبيع القضية الفلسطينية؟ - دوريات أجنبية - بوابة الشروق
الأحد 5 يناير 2025 2:36 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الوسيط العربي الإسرائيلي في الكنيست.. هل يغير منصور عباس النهج الإسرائيلي أم يبيع القضية الفلسطينية؟

نشر فى : الجمعة 29 أكتوبر 2021 - 8:30 م | آخر تحديث : الجمعة 29 أكتوبر 2021 - 8:34 م

نشرت مجلة The New Yorker مقالا للكاتبة راث مارجليت، أوضحت فيه كيف أن منصور عباس، زعيم القائمة العربية الموحدة، يشكل مصدر شك للجانب الإسرائيلى، وخائن ومجرم فى نظر الشعب الفلسطينى.. نعرض منه ما يلى.

فى أبريل الماضى، عندما جلس عباس واثنان من المستشارين (عايد كيال وإبراهيم حجازي) فى غرفة صغيرة فى مقر حزب القائمة العربية الموحدة لصياغة أول خطاب وطنى رئيسى له، كان النقاش يدور إلى حد كبير حول ما لن يقوله.
عندما اجتمع عباس مع مستشاريه حول مسودة خطابه، كان يعلم أن أى ذكر «للاحتلال» سيكون محفوفًا بالمخاطر. ومع ذلك، كقائد لحزب عربى، لا يمكنه ببساطة تجاهل القضية الفلسطينية. باختصار، حاول عباس استرضاء الطرفين الإسرائيلى والفلسطينى والموازنة بين كونه سياسيا إسرائيليا يهتم بالنتائج ومنظّرا فلسطينيا. إن الهدف من هذا النهج هو مساعدة عباس على قيادة حزبه إلى ائتلاف حاكم، وهو أمر لم يفعله أى سياسى عربى إسرائيلى على الإطلاق.
فى العام الماضى، تحدث منصور عباس بشكل مثير فى يوم إحياء ذكرى المحرقة. ولكن بصفته رئيس حزب إسلامى له صلة بجماعة الإخوان المسلمين، فإنه لا يزال موضع شك بالنسبة للكثير من اليهود الإسرائيليين. وفى الجانب الآخر لا تقل الأمور سوءا. فالصحافة الفلسطينية تصف عباس بأنه خائن وجريمته هى أنه لا يكافح بشكل كافٍ من أجل إقامة دولة فلسطينية. لا يركز عباس على أوضاع الشعب الفلسطينى فى الضفة الغربية وغزة. لكن يركز بدلا من ذلك على تحسين ظروف الفلسطينيين والفلسطينيات فى إسرائيل نفسها. وعندما تم طرح اقتراح لمنح تأشيرات عمل إسرائيلية لخمسة عشر ألف عامل بناء فلسطينى، قال عباس إن هذا سيضر بمعيشة العمال العرب الإسرائيليين!.
مظهر آخر من مظاهر اهتمام عباس بقضايا العرب الإسرائيليين أنه عندما قُتل مائة عربى إسرائيلى هذا العام، وهو ما يمثل أكثر من سبعين فى المائة من جميع جرائم القتل فى إسرائيل ومن بين هؤلاء، تمكنت الشرطة من حل حوالى عشرين فى المائة فقط، مقارنة بأكثر من خمسين فى المائة فى المجتمع اليهودى، جعل عباس «استئصال» الجريمة والعنف فى المجتمعات العربية موضوعه المميز. فتوسط فى عشرات المصالحات بين العائلات العربية المتصارعة. ومصدر مقرب من عباس قال إن مسئولى الشرطة الإسرائيلية طلبوا منه شخصيًا التدخل فى العديد من أكثر الخلافات دموية.
ومع ذلك، يقول بعض النقاد إن الحركة الإسلامية لازالت تخلق هذا الخطاب الانعزالى الذى يسمح لدولة إسرائيل بإدارة ظهرها للعرب ــ داخلها ــ والتعامل معهم على أنهم مختلفون.
•••
بعد الانتخابات التشريعية الإسرائيلية الأخيرة، عمل بنيامين نتنياهو على تشكيل حكومة ليصبح هو رئيس وزرائها. فإسرائيل لديها نظام متعدد الأحزاب، ويجب على الفائز أن يجنّد الأحزاب الصغيرة من أجل تشكيل ائتلاف. نتنياهو قال إنه منفتح على العمل وفقا للمصالح العربية، كما أشار عباس إلى أن حزبه على استعداد للعمل مع نتنياهو. مثل هذه الصفقة ستبقى نتنياهو فى السلطة كما أنها ستمنح عرب إسرائيل وعباس درجة غير مسبوقة من النفوذ. لكن انهارت جهود نتنياهو لتشكيل ائتلاف مع عباس.
أما يائير لابيد، فقد كان أمامه، كزعيم ثانى أكبر حزب فى الكنيست، ثمانية وعشرون يومًا لتشكيل ائتلافه الخاص. كان يناقش صفقة تقاسم السلطة مع نفتالى بينيت، كما أنه اتصل بعباس.
فى أوائل شهر مايو الماضى، التقى الرجال الثلاثة فى فندق خارج تل أبيب، طرح عباس طلبًا كان سيبدو غير معقول قبل بضعة أشهر: سينضم إلى الائتلاف إذا وفرت الحكومة ما يقرب من عشرة مليارات دولار للإسكان والتعليم والرعاية الاجتماعية والمواصلات فى المجتمعات العربية داخل إسرائيل، وحوالى مليار دولار لاستهداف الجريمة والعنف.
وافق بينيت ولابيد على شروط عباس. ثم وصلوا إلى طريق مسدود حول قضية إسكان العرب الإسرائيليين. فمنذ تأسيس إسرائيل، فى عام 1948، فشلت الدولة فى بناء مستوطنة عربية واحدة. أصر عباس على إلغاء قانون يسمح للشرطة بهدم المنازل غير المرخصة. وبحسب التقديرات، يوجد ما لا يقل عن خمسين ألف منزل غير مرخص فى المجتمعات العربية داخل إسرائيل، كلها مهددة بالهدم. إلا أن بينيت رفض إلغاء القانون.
رغم جهود عباس، انقلب العرب فى إسرائيل وبعض أنصار عباس عليه بعد واقعة محاولة طرد ست عائلات فلسطينية من منازلها فى حى الشيخ جراح فى القدس واندلاع اشتباكات بين المتظاهرات والمتظاهرين الفلسطينيين من جانب والشرطة الإسرائيلية من جانب آخر. امتد الصراع إلى شوارع إسرائيل، وإلى البلدات المختلطة، حيث يعيش ربع عرب إسرائيل. كافح عباس للتأكيد على أن الحوار سيخفف التوترات بين العرب واليهود. لكنه اعترف لاحقًا: «لقد فشلنا جميعًا». بعد أسبوع من اندلاع أعمال الشغب هذه، وصل عباس إلى مسجد اللد الكبير. اتصل يائير ريفيفو، عمدة مدينة اللد، بعباس. عُرف ريفيفو بإهانة ناخبيه العرب. وقال ريفيفو لعباس إن لديه فرصة للدعوة إلى إنهاء العنف، مضيفا: «هناك معبديهودى احترق على بعد مائة متر من هنا. ستبدو كرجل إذا أتيت». وسرعان ما قرر عباس الانضمام إليه. لكن عندما نشرت صورة لهما أمام المعبداليهودى المحترق، تراوحت ردود فعل العرب الإسرائيليين بين الصدمة والغضب وانقلب بعض حلفاء عباس ضده. كما أعلن استطلاع للرأى نُشر فى الأسبوع التالى أن «القائمة العربية الموحدة قد مُحيت».
على كل حال، استمر عباس ولبيد فى التفاوض بهدوء. فى النهاية، تنازل لابيد وبينيت واعترفا ببعض المنازل غير المرخصة. سيبقى هذا الاعتراف سارى المفعول، لكن سيتم «تجميده» فى نهاية عام 2024. فى النهاية، وقع الرجال الثلاثة على شروط الحكومة الجديدة. أعلن لابيد أنه شكل ائتلافًا، اندلعت الهتافات والتصفيق. لكن عباس لم يكن فى مزاج احتفالى فالأسابيع الماضية قد أزعجته (غضب عرب إسرائيل منه بعد نشر صورة له مع عمدة مدينة اللد أمام المعبداليهودى المحترق).
فى نوفمبر القادم، ستجرى الحكومة تصويتًا نهائيًا على الميزانية المقترحة، بما فى ذلك مليارات الدولارات التى حصل عليها عباس فى نقاشات تشكيل التحالف. نتنياهو يهاجم هذه الميزانية. لكن النشطاء يقولون إن الحزمة يمكن أن تغير مستقبل المواطنين والمواطنات العرب. إذا تم تمرير الميزانية فسيكون عباس قد حقق نصرا تاريخيا.
•••
عندما تم الإعلان عن اتفاق الائتلاف، لم يُمنح عباس وزارة مرموقة، وهى المكافأة المعتادة لقادة الائتلاف والأحزاب. هو يدعى أنه لا يريد ذلك، من أجل ترك حاجز بينه وبين الحكومة فى حال شن هجوم جديد على غزة. ذكر مساعدوه سببًا آخر فكونه وزيرا يستلزم وجود حراسة أمنية كبيرة يوفرها الشاباك وهنا سيُنظر إليه على أنه حقًا جزء من المؤسسة الإسرائيلية.
لكن لا ترى الصحافة اليهودية أن عباس شخصية غير مذنبة. فلقد ظهرت صور فوتوغرافية مؤخرًا منذ عام 2013، تظهره وهو يزور أقارب الفصائل الفلسطينية المدانة بارتكاب هجمات ضد إسرائيل. وبرر هذه الزيارات بالقول إن العائلات طلبت المساعدة. ذكرت صحيفة هاآرتس فى وقت لاحق عن لقاء خاص عقده عباس فى الدوحة، فى عام 2014، مع زعيم حماس خالد مشعل، وفى اجتماع آخر، فى عام 2016، مع قائد العمليات العسكرية لحركة حماس. وأوضح عباس أن اللقاءات كانت جزءًا من مبادرة سلام يقودها حاخام أرثوذكسى فى إسرائيل، يدعى ميخائيل ملكيور. أثار هذا الادعاء شكوكا، لكن الحاخام أكد ذلك، مشيرا إلى أن عباس قد حفظ المصالح الإسرائيلية فى مواجهة الآراء المتطرفة. قال ملكيور: «لقد وجدته رجل سلام حقيقيا».
كذلك بعد دخول عباس الحكومة، كان حريصا على عدم انتقاد حماس. دائما ما يقول حماس مجموعة محلية تتعامل مع صراع وطنى. وبدا أنه ينظر إلى استيلاء طالبان الأخير على أفغانستان على نفس المنوال: مقاومة محلية مفهومة إلى حد ما، إن لم تكن مبررة بالكامل.
عموما، قد يمثل منصور عباس التطلعات المحطمة لأقلية مهمشة. وفى الوقت الحالى يجد نفسه فى وضع يسمح له بتقديم شيء غير عادى للمواطنين والمواطنات العرب فى إسرائيل يتمثل فى خلق ظروف معيشية محسنة بعد سنوات من الإهمال الحكومى.

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلي

التعليقات