بدأت لجنة الزراعة والرى بمجلس النواب هذا الأسبوع مناقشة مشروع قانون يخص حيازة الحيوانات الخطرة والكلاب. المؤكد هو أن هذا القانون أصبح من الأهمية بمكان بسبب كثرة حوادث الكلاب.
فالكلاب الضالة أصبحت تجوب الشوارع بشكل مقزز وملفت. بعض تلك الكلاب عقور، وبعضها يثير فزع المارة والأطفال والنساء بسبب النباح المفاجئ، وكذلك حوادث السيارات التى تتسبب كثرة كلاب الشوارع فيها، نتيجة تركها بلا رقيب ولا حسيب، وإذا أضيف لكل ما سبق النبش فى صناديق القمامة، لتبين مدى تلويثها للبيئة المحيطة. وعامة، فهذا النوع من الكلام هو فى ذمة جمعيات الرفق بالحيوان، التى تقف أحيانا حائلا دون التفاعل مع بعض مشكلات تلك الظاهرة.
المشروع يتطرق إلى الكلاب التى يتم اقتناؤها بالمنازل، وهى بالتأكيد فى ذمة أصحابها. وهنا توجد مشكلات كثيرة، ترتبط بالنباح العالى أمام المارة، وأحيانًا فى البالكونات التى يتخذها البعض مكانا لمبيت الكلاب ما يسبب إزعاجا للجيران. إضافة إلى كل ذلك، هناك تجول الكلاب خارج مأواهم، ما يثير فزع المارة، ناهيك عن تباهى بعض الشباب حائزى الكلاب بمدى شراسة الكلب، إضافة إلى كم الروث الذى تخلفه، ويترك على قوارع الطرق، وكل تلك التجاوزات تحدث رغم مقدرة عديد المربين على تحمل تكاليف الاقتناء الصحيح للكلاب، وهى أحيانا نفقات تنفق على الكلاب ويرفض نفر من المقتنين إنفاق عُشرها على بنى البشر من المحتاجين.
مشروع القانون الحالى مقدم من أحمد السجينى رئيس لجنة الإدارة المحلية صاحبة أشهر مشروع قانون معطل، وهو قانون الإدارة المحلية. ليس مصادفة التخوف من أن يختفى هذا المشروع هو الآخر. ففى مواد الإصدار التى أقرتها اللجنة، ذكر أنه سيتم توفيق أوضاع المخاطبين بأحكام القانون، خلال سنة على الأكثر من صدور اللائحة التنفيذية للقانون، وهذه اللائحة توضع خلال 6 أشهر من إصداره، وتمد تلك الفترة (فترة توافق الأوضاع) بقرار من رئيس الوزراء، ما يفتح الباب أمام قانون جديد قضى له أن يوضع على الرف قبل سنة. ولعل الناظر إلى مواد مشروع القانون والمثل والقيم التى حملها، هى أكبر دليل على استشراف مشاكل عديدة حال تنفيذه.
فمشروع القانون يمنع مصارعة الكلاب لبعضها، ويمنع عدم اصطحابها إلا برفقة من بلغ سن 16 عامًا على الأقل، حتى يكون الشخص قادرًا على اقتياد الكلب وعلى دراية بتعليمات الاقتناء، ولا يكون المصطحب شخصا حدثا إذا ما وقعت مشكلة أثارها هو وكلبه.
من الأمور المهمة للغاية مسألة تكميم الكلاب بحيث يطمئن المارة بعدم هجوم الكلب عليهم أثناء السير فى الشوارع أو الأماكن المفتوحة أو خروج وجه الكلب من شباك سيارة القاتن. وأيضًا تقييد الكلب بشكل مناسب، بحيث يتمكن من يقتاده من السيطرة عليه أثناء التنزه أو الخروج به، حتى يكون بمثابة لجام لأى اندفاع أو انطلاق فى اتجاه المارة أو أى هروب له. نفس الأمر الذى لم يعلن عنه مشروع القانون ووجب التحوط منه، هو مواجهة روث الكلاب الذى أصبح ملء الطرق، بل إن بعض مقتنى الكلاب يتعمد الخروج بالكلب من المنزل كى يخرج فى الطريق وليس داخل بيته. بعبارة أخرى، يكون نفر من حائزى الكلاب غير راغبين فى تحمل الأثر السلبى لتبعات تربية الكلاب، بجعل الغير يتحمل هذا الأثر.
فى تنظيم الاقتناء، سيتم كتابة سجل إلكترونى لكل كلب خاص، نظير مبلغ يتراوح ما بين ألف وخمسين ألف جنيه، وذلك بمصلحة الطب البيطرى بالمديرية التابع لها مقتنو الكلب، وبموجب ذلك تستخرج رخصة الاقتناء، وبها بيانات الكلب كالنوع والعلامات المميزة، واسم المقتنى وعنوانه، وتكتب أهم تلك البيانات بلوحة معدنية صغيرة تعلق على رقبة الكلب، تستخرج بديلا لها حال فقدها.
وبالنسبة للكلاب الضالة، لم تخلو مواد المشروع من مواد مثالية للغاية، إذ أقرت بإنشاء مراكز إيواء توفر رعاية طبية لكلاب الشوارع، والعمل على تحسين سلالتها، ودراسة العائد الاقتصادى منها، بناء على تجارب الآخرين.
فى الجزاءات، كانت عقوبات السجن والغرامة فى انتظار من يهمل أو يتجاوز بشأن الترخيص أو اعتداء الكلاب على الغير. وقد وصلت العقوبة إلى 3 سنوات والغرامة إلى 200 ألف جنيه ومصادرة الكلب فى أقصاها.
الكثير من تلك الأمور على أهميتها، تحتاج إلى وسائل تنفيذ على الأرض، بالطبع الإبلاغ من الغير عن التجاوز، والذى ذكره القانون، هو إحدى وسائل مواجهة التجاوزات العديدة التى ذكرت، لكن يبقى التحدى فى تفعيل مواد القانون كله إذا كتب له وللائحة صدوره، وإذا مرت فترة توفيق الأوضاع.