تحتفل إسرائيل بالذكرى الـ61 لقيامها، فى وقت تؤكد فيه أصوات إسلامية أن زوال إسرائيل اقترب، وأن نهاية هذه الدولة طبقا لما يرونه من إعجاز رقمى فى القرآن الكريم وفى سورة الإسراء تحديدا سيكون عام 2022، لأن عمر دولة إسرائيل بناء عل حساباتهم هو 74 عاما. وما يثير الدهشة هو المصادفات العجيبة التى يسوقونها فى علاقة الأرقام القرآنية بأحداث تاريخية مهمة!!
وعلى الجانب الآخر من النهر.. تتسع دائرة الشكوك فى العقل السياسى والثقافى الإسرائيلى حول مستقبل هذه الدولة وإمكانية استمرارها.. وإذا كانت خشبة المسرح السياسى الإسرائيلى تقدم لنا بطولات يهودية زائفة تستند إلى استخدام مفرط فى القوة ضد المدنيين فى الأراضى الفلسطينية المحتلة وفى لبنان، فإن بعض الساسة اليهود الكبار يؤكدون أن الرعب يفترس المجتمع اليهودى، وغالبيتهم يبدون تشاؤما كبيرا بشأن المستقبل، استنادا إلى ما يرونه باستمرار حالة الرفض العربى لوجود هذه الدولة الغريبة على المنطقة، وإلى انهيار ما يسمونه بالقيم الصهيونية الأخلاقية التى قامت عليها دولة إسرائيل وعلى رأسها وحشية آلة الحرب الإسرائيلية فى التعامل مع المدنيين الفلسطينيين، واستشراء الفساد فى المؤسسات الإسرائيلية المختلفة، وهروب الشباب من التجنيد وزيادة ميلهم إلى العيش خارج إسرائيل..
ومن أمثلة هؤلاء الساسة اليهود إبراهام بورج رئيس الكنيست الأسبق ونجل يوسيف بورج، أحد مؤسسى إسرائيل، الذى شبه إسرائيل بقلعة تختنق بدروعها وتحصيناتها. وأن المجتمع الإسرائيلى يفترسه الذعر. وأن الإسرائيليين معاقون نفسيا.. وهو يقول: «إننا نعيش بشعور أن كل العالم ينفر منا. التشدد يسيطر على هويتنا».. وهو الذى وصف إسرائيل بأنها دولة فاشية، بلطجية ومستقوية وقاسية وإمبريالية وسطحية فاقدة لأصالة الروح ومنطوية على نفسها، وهو يشير إلى الدعوات المتتالية إلى قتل الفلسطينيين وهدم منازلهم وترحيلهم والقتل وشرعنة سياسة الترحيل من خلال مشاركة أصحاب هذه السياسة فى الائتلاف الحكومى، دليلا على انتشار الفاشية». ويشدد بورج على أن أحد مصادر الخطر على إسرائيل هو حقيقة أنها غير ديموقراطية، ساخرا من ادعاء الحركة الصهيونية بأن إسرائيل هى دولة يهودية وديموقراطية، معتبرا أنه لا يمكن الجمع بين اليهودية والديموقراطية.
وبورج لا يغنى وحده خارج السرب، فهناك حركة المؤرخين الجدد والتى تكشف بشكل علمى كل عورات التاريخ الصهيونى، وكل الأساطير إلى قامت عليها إسرائيل.. وهو للأسف ما لم تهتم به الحكومات واالمؤسسات الرسمية فى عالمنا العربى سواء خلال سنوات حربها مع إسرائيل أو سلامها معها.. فحتى الآن لم توجد دراسات أكاديمية عربية تتعاطى مع هذه الأفكار الإسرائيلية التى تصب فى صالحنا، ولم تهتم مؤسسات البحوث الرسمية العربية بالوزن االذى تمثله أفكار هؤلاء الساسة الإسرائيليين.
وقد تكون من أكبر الأخطاء التى ترتكبها حكوماتنا هو تعودها على تقديم تنازلات لإسرائيل، رغم ما تعانيه هذه الدولة من تصدعات ثقافية وسياسية واقتصادية ونفسية لا تبشر باستمرارها طويلا طبقا لما يقوله ــ على الاقل ــ العقلاء فى إسرائيل..