الحماية أولا.. - سامح فوزي - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 6:49 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الحماية أولا..

نشر فى : الثلاثاء 30 يونيو 2020 - 8:05 م | آخر تحديث : الثلاثاء 30 يونيو 2020 - 8:05 م

أظهرت استطلاعات الرأى أن ما يقرب من 76% من الناخبين فى روسيا صوتوا لصالح التعديلات الدستورية التى تشمل حزمة من التعديلات تتراوح ما بين معاشات أفضل، وحد أدنى للأجور، وبين تعديل مدة رئاسة الدولة، وقد يستطيع الرئيس فلاديمير بوتين مع هذا التعديل أن يخوض الانتخابات القادمة فى 2024، وأن تتاح له إمكانية البقاء فى الحكم حتى عام 2036. وقد رفضت المعارضة التصويت، الذى بدأ الأسبوع الماضى، وينتهى اليوم. هذا الاستفتاء كان مقدرا له فى 22 إبريل الماضى، لكنه تأجل نتيجة الإجراءات الاحترازية فى مواجهة فيروس «كوفيدــ19». وأيا كانت الملاحظات التى تحيط بالاستفتاء سواء من حيث التصويت، ومشاركة من هم قادمون من أوكرانيا، أو أية مسائل أخرى، فإن الحدث نفسه يعزز الاتجاه العالمى الذى يتساءل حول مستقبل الديمقراطية، على النحو الذى عرفناه فى موجاتها المتتابعة خاصة الرابعة، التى شهدت تحولات أوروبا الشرقية.
المسألة أن هناك مزاجا عالميا لدى قطاعات واسعة بات يفضل فكرة «السلطة القوية» أو التى تستطيع مواجهة التحديات، والأزمات، وتحافظ على الأمن والاستقرار. فى أزمة فيروس «كوفيدــ19» سار هذا الجدل بقوة عندما ظهر أن الدول التى تتبنى سياسات سلطوية حققت نجاحات مقارنة بدول أخرى ديمقراطية. الصين نموذجا، والولايات المتحدة نموذج مغاير. بالطبع يصعب اختزال النقاش فى الحديث عن الديمقراطية والسلطوية، لأن هناك دولا ديمقراطية أبلت بلاء حسنا، وأخرى سلطوية تعثرت كثيرا، ولكن ما أريد التنويه إليه أن المزاج العالمى بات يقبل هذا الجدل لمواجهة مخاطر غير مألوفة. ولا نغفل أن السياسات الشعبوية التى تقدمت فى العديد من الدول الديمقراطية فى جوهرها تمثل مراجعة للعديد من المفاهيم الليبرالية، وتراجعا عنها. يضاف إلى ذلك أن هناك دراسات عديدة أثبتت تراجع المؤسسات الديمقراطية فى عقر دارها، لم تعد الأحزاب بنفس القوة التى كانت عليها فى الماضى، ولم تعد الحكومات من التماسك الذى يؤهلها لصنع سياسات عامة فاعلة خاصة فى مواجهة التحديات، هذا فضلا عن أن الحكومات الديمقراطية ذاتها تلجأ إلى قرارات تشتم منها السلطوية فى مواجهة الأزمات الطارئة مثل الإجراءات التى اتخذت فى مواجهة فيروس كورونا.
بالطبع لن تختفى الصيغ الديمقراطية فى الحكم، بل هى أقوى وأبقى، ولكن يبدو أن هناك صعودا فى نماذج تختلف فى منهجها عن الديمقراطية الغربية، لا بفعل القمع وحده، ولكن لأن هناك تأييدا شعبيا لها، وهذه هى المفارقة، فإن الشعوب باتت نتيجة لأزمات الاقتصاد والطبيعة تميل إلى تفضيل الحماية على الديمقراطية، على الأقل مؤقتا. هذه دورة حياة.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات