لا تسهِّلوا مهمة إسرائيل في الضفة - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الإثنين 16 سبتمبر 2024 12:15 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لا تسهِّلوا مهمة إسرائيل في الضفة

نشر فى : الجمعة 30 أغسطس 2024 - 7:35 م | آخر تحديث : الأحد 1 سبتمبر 2024 - 9:52 م

مساء الخميس الماضى استمعت إلى القيادى فى منظمة التحرير الفلسطينية عمر الغول يقول على شاشة قناة «القاهرة الإخبارية»: إن وزير الأمن القومى الإسرائيلي إيتمار بن غفير وكبار قادة التطرف يحاولون من خلال العديد من التحركات والاستفزازات للفلسطينيين فى الضفة إلى صدامات واسعة مع الجيش الإسرائيلى، وبالتالى ýشن عدوان إسرائيلى واسع النطاق على الضفة، وبالتالى يسهل تنفيذ مخطط التدمير الشامل مما يقود إلى تنفيذ مخطط التهجير وإكمال تهويد الضفة الغربية.

ما يقوله الغول كلام فى منتهى الأهمية، وأرجو أن يستمع إليه جميع الفلسطينيين بكل الحكمة. ýسيقول البعض لكن الفلسطينيين فى الضفة يواجهون احتلالًا وعدوانًا، ووجب عليهم أن يتصدوا له بكل ما يملكون من قوة يرهبون بها هذا العدو الغاشم. ýهذا كلام يبدو منطقيًا، لكن للأسف نتيجته المؤكدة أنهم سيوفرون للإسرائيليين فرصة ذهبية لكى يكملوا عملية تدمير مساكن وبيوت ومنشآت ومزارع الفلسطينيين فى الضفة، كما فعلوا فى غزة، وبالتالى يسرعون من عملية تصفية القضية الفلسطينية.

أحد الدروس الأساسية التى ينبغى أن نستخلصها من العدوان الإسرائيلى على غزة والمستمر منذ نحو ١١ شهرًا هى أن إسرائيل تعتقد أن لديها فرصة ذهبية قد لا تتكرر كثيرًا فى المستقبل للإجهاز على القضية الفلسطينية بالكامل. ýالمقاومة الفلسطينية نفذت عملية طوفان الأقصى، وهى بطولية خارقة فى ٧ أكتوبر الماضى، وحركت بها المياه الراكدة، ومرغت كرامة إسرائيل فى الوحل ونسفت نظرية الردع، لكن علينا ألا ننسى أن اليمين المتطرف استغل هذه العملية وقتل أكثر من ٤٠ ألفًا، وأصاب أكثر من ٩٣ ألفًا وشرد نحو ٢ مليون فلسطين وحولهم إلى نازحين، ودمر أكثر من ٩٠٪ من بيوت ومنشآت ومؤسسات الفلسطينيين، والأخطر أنه حول القطاع إلى مكان غير صالح للحياة.

ننسى أيضًا أن كل المفاوضات الجارية منذ شهور طويلة هدفها بعيد المنال هو العودة إلى أوضاع ما قبل ٧ أكتوبر، وبنيامين نتنياهو يضيف كل يوم شروطًا جديدة. هو احتل كل القطاع وشطره نصفين بمحور نتساريم «الشهداء» واحتل محور صلاح الدين «فيلادلفيا» ودمر معبر رفح.

ýهذا واقع علينا ألا ننساه، وهذا الواقع لا ينسينا بطولة وصمود الشعب الفلسطينى البطل، لكن من المهم بل من المحتم أن تتم دراسة كل خطوة بدقة قبل تنفيذها حتى لا يدفع الفلسطينيون ثمنًا باهظًا أيضًا.

ýأتوقع أن تخرج بعض الأقلام وتنتقد بشدة ما أقوله، وأعرف أن هناك بعض وسائل الإعلام الحنجورية، تخرج كل يوم وتهلل لعملية فى الضفة تصيب وتقتل أحد الجنود والمستوطنين الصهاينة، هؤلاء الحنجوريون لا يدركون أنهم يقدمون أفضل هدية للمستوطنين المجرمين الذين يعيثون فسادًا فى الضفة الغربية حتى قبل ٧ أكتوبر.

سيقول البعض: وهل نترك قطعان المستوطنين يقتلون أهلنا ويدمرون بيوتنا وحقولنا. ýالإجابة هى لا، ليس ذلك ما أقصده، لكن الدخول فى مواجهة عسكرية مع قوات الاحتلال الآن والتباهى بأن كتيبة طولكرم أو جنين سوف تتصدى وتشتبك وتهاجم الاحتلال، هى أفضل ما ينتظره نتنياهو وبن غفير وسموتيرتش، لأنهم يقولون للعالم: «انظروا هناك كتائب عسكرية إرهابية فى الضفة الغربية، وعليكم أن تدعمونا لكى نقضى عليها».

ظنى أن أفضل جهاد يؤديه الفلسطينيون فى الضفة الآن هو الحفاظ على ما تبقى فى أيديهم من أرض وبيوت وطرق، وعدم الرهان على أى دعم عربى أو أجنبى. كل العالم سوف يدعمهم بالكلمات والبيانات والألفاظ القوية، وقد تسمع دولًا أوروبية تقول إنها ستفرض عقوبات على قادة المستوطنين، بل قد تفرض عقوبات شكلية ضد وزارء متطرفين.

والسؤال: ما الذى سيفيد الفلسطينيون من هذه البيانات، إذا كان المتطرفون مدعومين بالجيش سيواصلون تهويد الضفة؟! خصوصًا أنه صار واضحًا أن أمريكا تدعم إسرائيل فى جميع مراحل عدوانها، وبالتالى فقد سقط تمامًا الرهان على ما يسمى بالمجتمع الدولى إذا كان له وجود أساسًا. ýأيها الفلسطينيون: «لا تعطوا المتطرفين الصهاينة الفرصة لكى يدمروا الضفة، كما دمروا غزة، ولا تغرنكم المدائح القادمة من بعض وسائل الإعلام الحنجورية».

البطولة الحقيقية أن تحافظوا على أنفسكم وبيوتكم وأرضكم بأى وسيلة ممكنة.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي