مصر.. والقرن الإفريقي! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الأربعاء 18 سبتمبر 2024 2:38 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصر.. والقرن الإفريقي!

نشر فى : الجمعة 30 أغسطس 2024 - 7:40 م | آخر تحديث : الجمعة 30 أغسطس 2024 - 7:40 م

الاهتمام الكبير الذى تبديه مصر بمنطقة القرن الإفريقى فى الوقت الراهن يعكس بشكل كبير حجم التهديدات والمخاطر والتحديات المتزايدة، التى تؤثر سلبا على الأمن القومى للبلاد، خصوصا وأن هذه المنطقة تشرف على المدخل الجنوبى للبحر الأحمر، حيث منفذ السفن العابرة عبر قناة السويس، الشريان الرئيسى للاقتصاد المصرى.

منذ بداية العام الجارى شهدت هذه المنطقة تطورات خطيرة، عندما أقدمت جماعة الحوثى اليمنية على استهداف السفن المتوجهة إلى إسرائيل نصرة لغزة التى تتعرض لعدوان صهيونى وحشى منذ شهر أكتوبر الماضى، ما دفع العديد من شركات الشحن العالمية إلى تغيير مسار سفنها حول إفريقيا لتجنب البحر الأحمر، الأمر الذى تسبب فى خسائر فادحة للقناة، تقدر بنحو 550 مليون دولار شهريا، وفقا لتصريحات رئيس الوزراء مصطفى مدبولى فى نهاية شهر يوليو الماضى.

لم تقتصر حالة عدم الاستقرار فى جنوب البحر الأحمر فقط على نيران الحوثى، التى أدت إلى تراجع عدد السفن المارة عبر قناة السويس بنسبة 85٪ فى الأشهر الستة الأولى من العام الجارى، وفقا لبيانات موقع «مارين ترافيك» للمراقبة البحرية، ولكن إثيوبيا سعت من جانبها إلى زيادة وتوسيع رقعة ومساحة الحرائق فى المنطقة، عبر توقيعها فى بداية العام الجارى، اتفاقا مع منطقة أرض الصومال (صوماليلاند) غير المعترف بها دوليا، وحصلت بموجبه على منفذ بحرى على البحر الأحمر لمدة 50 عاما، بطول 20 كيلومترا يضمّ خصوصا ميناء بربرة وقاعدة عسكرية، وذلك مقابل أن تعترف أديس أبابا رسميا بأرض الصومال كجمهورية مستقلة.

هذا الاتفاق شكل تهديدا حقيقيا لسيادة واستقلال ووحدة الدولة الصومالية، التى حاولت تطويق تداعياته السلبية عليها، عبر التوقيع على اتفاق دفاعى مع تركيا  فى شهر فبراير من العام الجارى، تساعد أنقرة بموجبه فى الدفاع عن المياه الإقليمية للصومال، وإعادة تنظيم القوات البحرية لهذا البلد المضطرب فى القرن الإفريقى.

هذه التطورات المتلاحقة فى منطقة القرن الإفريقى مثلت تحديا حقيقيا للمصالح الحيوية المصرية فى البحر الأحمر، لم يكن ممكنا بأى حال من الأحوال غض الطرف عنها أو تجاهلها، لما لها من تداعيات سلبية هائلة على قناة السويس التى تعتبر رئة العالم التجارية، والشريان الرئيسى للاقتصاد المصرى، وبالتالى لم يتأخر تحرك القاهرة كثيرا نظرا لخطورة الأوضاع فى تلك المنطقة، حيث وقعت مصر والصومال على بروتوكول للتعاون العسكرى بين البلدين، خلال المحادثات التى جرت فى الرابع عشر من الشهر الجارى بالقاهرة بين الرئيس عبدالفتاح السيسى ونظيره الصومالى حسن شيخ محمود، حيث أكدت رئاسة الجمهورية المصرية  أن «الرئيس السيسى أكد خلال اللقاء على موقف مصر الداعم لوحدة وسيادة الصومال على أراضيه، والرافض لأى تدخل فى شئونه الداخلية»، مشيرة إلى أن «الرئيس الصومالى شدد على حرص الصومال على المزيد من تعزيز الروابط الاقتصادية والأمنية والسياسية مع مصر خلال الفترة المقبلة».

السيسى قال من جهته فى المؤتمر الصحفى المشترك مع نظيره الصومالى إنه «مهم جدا كدول الجوار ودول الإقليم ودول القرن الإفريقى، أن نحترم سيادة الدول، وأن نحافظ على استقلالها، وما يحكمنا هو التعاون فيما بيننا وليس أكثر من ذلك»، مشيرا إلى أنه «سيتم خلال هذا العام تجديد بعثة حفظ السلام فى الصومال، وسنتقدم للمشاركة فى هذه البعثة، والأمر متروك للدولة المضيفة «الصومال»، وإن كانت ترغب أن نكون موجودين، فسنكون، وإن لم تكن ترغب، فسنظل أشقاء ومتعاونين».

الاتفاق والتعاون بين مصر والصومال، وما قد يتبعه من إجراءات وخطوات عملية على أرض الواقع، يعد خطوة مهمة للغاية فى سبيل الحفاظ على المصالح الحيوية لمصر فى وجه العابثين والمغامرين، الذين تبلور لديهم اعتقاد خاطئ بأن الظروف وحالة السيولة والفوضى التى يشهدها العالم حاليا، تسمح لهم بمحاولة تغيير حقائق التاريخ والجغرافيا، والسعى نحو الإضرار بالأمن القومى المصرى.

ليس هذا فقط، بل إن هذا التعاون بين البلدين، يمثل ركيزة مهمة وعنصرا أساسيا للاستقرار والأمن فى منطقة القرن الإفريقى، التى تعد منطقة استراتيجية وحيوية للتجارة العالمية عبر البحر الأحمر وقناة السويس، وبالتالى فإن التواجد والحضور المصرى فى هذه البقعة المهمة، يفتح آفاقا أكثر رحابة للتنمية والتعاون بين الدول الإفريقية، ويحاصر ظاهرة الإرهاب فى جنوب القارة السمراء.

 

التعليقات