فى حوار أجرته معه الزميلة «المصرى اليوم» بتاريخ 25 نوفمبر 2010، اعترف مسئول الانتخابات بجماعة الإخوان المسلمين قبيل الانتخابات التى أجريت فى 28 من نفس الشهر، بأن الجماعة «تنسق» مع الحزب الوطنى فى بعض الدوائر، كما اعترف بأن الجماعة لديها «تفاهمات» مع الأمن، وأن الإخوان رفضوا الدفع بمرشحين أمام من وصفهم بـ«رموز الوطن» من عينة زكريا عزمى وبطرس غالى وفايزة أبوالنجا ومحمد علام، احتراما لهم وتقديرا لدورهم الوطنى..!
نفس هذا المسئول انقلبت مفاهيمه إلى النقيض، عندما أصبح رئيسا للجمهورية.. فدخل فى معارك مع القضاة.. وعادى ثوار 25 يناير الذين أشعلوا الثورة التى التقط الإخوان ثمرتها.. وتصادم مع كل القوى السياسية، لمجرد أنهم طالبوه بالتراجع عن الإعلان الدستورى الذى أصبح الرئيس بمقتضاه حاكما بأمر الله، دون أن يهتم بمجرد بالرد على مطالبهم، ودون أن يبالى بأهمية التنسيق معهم قبل أن يصدر إعلانه الديكتاتورى، وليس الدستورى، كا يطلق عليه الرئيس وعشيرته..!!
أنا لا أدرى بالضبط ما الذى جعل الرئيس مرسى يتراجع عن التفاهم مع القضاة مثلا رغم سوابق الجماعة فى التفاهم مع أمن مبارك؟.. وما الذى وجده الرئيس فى زكريا عزمى وبطرس غالى ما جعله يعتبرهم رموزا وطنية، ولم يجده فى البرادعى أو حمدين صباحى مثلا، رغم تحفظاتى أنا الشخصية عليهما ؟!!..ولا أدرى ما الذى جعل الرئيس يتفاهم مع أمن وحزب مبارك ليحصل حزبه على أكبر عدد ممكن من مقاعد مجلس الشعب الذى كان الجميع بما فيهم الإخوان يدركون انه مزور وفاقد للشرعية؟!
كل ما يمكن فهمه ان الرئيس وعشيرته، يعشقون السلطة ويحرصون عليها..فبعد رفضهم مقاطعة انتخابات مبارك المزورة، ومشاركتهم فى تجميل نظامه الفاسد وليطيلوا من من عمره بضع سنين، يرفضون الآن، بعد وصولهم للسلطة، التفاهم مع خصومهم السياسيين الذين أشعلوا ثورة يناير، بل يهددون بطردهم من ميدان التحرير بالقوة، بتنظيم مليونية فى نفس المكان الذى يعتصم فيه هؤلاء الثوار منذ أسبوع، لمجرد ان هؤلاء الثوار طالبوهم باحترام شعارات الحرية التى رفعتها ثورة يناير؟
وحتى عندما أدرك الرئيس حجم الحريق التى ورطه فيها مستشاروه وأفراد عشيرته، فقد حاول إطفاءها بصب المزيد من الزيت عليها، بداية من حديث غامض منسوب إليه عن مؤامرة تتشارك فيها أطراف دولية مع مؤسسة القضاء مع رموز سياسية لقلب نظام حكمه، مرورا بمحاولة سلق الدستور فى ثلاثة أيام بدلا من شهرين كما كان مقررا قبل أزمة الإعلان المشئوم، نهاية بتشويه الجماعة ومحسوبيها والآكلين على موائدها، لمليونية الثوار فى التحرير، وتصويرها وكانها مليونية الفلول، ثم الرد عليها بمليونية إخوانية سلفية تستدعى الشريعة، فى متاجرة فجة بالدين الحنيف لتحقيق مصالحهم الدنيوية، والانتخابية منها بالتحديد!
الرئيس وجماعته جعلوا البلد وكأنها تقف على بعد أمتار من حرب أهلية، بدأت نذرها تلوح فى الافق مع قيام شباب صغيرى السن بحرق مقرات حزب الحرية والعدالة، فى عدد من المحافظات، أصبحوا على خط النار مع قوى دينية متعصبه لا تعرف من الدين إلا قشوره، وتسىء إليه أكبر إساءة.. وهو وضع يفرض على الرئيس أحد امرين لا ثالث لهما، إما أن ان ينحاز للحرية والديمقراطية ويعطى كل ذى حق حقه، ليعبر عن جوهر الإسلام الحقيقى.. أو أن يرحل فى أقرب فرصة، لعلنا نختار رئيسا جديرا بحكم مصر.. مع أن العثور عليه أصبح يبدو وكأنه حلم بعيد المنال.