في ذكرى وفاته الأولى.. مراحل في حياة شارل أزنافور آخر عمالقة الأغنية الفرنسية - بوابة الشروق
الخميس 27 يونيو 2024 5:01 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

في ذكرى وفاته الأولى.. مراحل في حياة شارل أزنافور آخر عمالقة الأغنية الفرنسية

شارل أزنافور
شارل أزنافور
حسام شورى
نشر في: الثلاثاء 1 أكتوبر 2019 - 6:24 م | آخر تحديث: الثلاثاء 1 أكتوبر 2019 - 6:24 م

في مثل هذا اليوم خطف الموت أحد أشهر المغنيين الفرنسيين، وأحد أشهر من قدموا موسيقى الجاز التي ظل متمسكًا بها رغم تراجع الإقبال عليها في السنوات الأخيرة، ففي أول أكتوبر 2018، وبعد 7 عقود لم يمل فيهم شارل أزنافور من الغناء وتمثيل قصص الحب والحنين رحل قبل أن يحقق أمنيته بالغناء حتى الـ100عام.

فرحل «فرانك سيناترا فرنسا» عن عمر ناهز 94 عامًا، وطالما تمنى «أزنافور» أن يحتفل بعيد ميلاده المئة على المسرح، بالرغم من عطاءه الفني الذي لم ينضب حتى وفاته، لكن الحظ لم يحالفه حتى الوصول للحظة التي تمناها.

آخر عمالقة الأغنية الفرنسية، اضطر إلى إلغاء حفلات له قبل وفاته بأيام، إثر إصابته بكسر في الذراع أصيب به بعد سقوطه، وتوفي في منزله في منطقة ألبيل في جنوب فرنسا.

مراحل في حياته:

ولد «أزنافور» في باريس عام 1924 لوالدين أرمنيين، هما مايكل أزنافوريان، ونار باجداساريان، اللذان عملا في مطعم لكسب الرزق، وكان والداه محترفين في مسارح أرمينيا قبل أن يجبرهما العنف العرقي على الفرار إلى فرنسا.

أدرك مبكرًا حبه للغناء، بعد اعتلائه خشبة المسرح لأول مرة وهو في عمر الـ3 أعوام، واهتم والداه بموهبته، فحضر دروسًا للدراما لكنه ترك المدرسة لمتابعة حياته الفنية، وناضل خلال أعوامه الأولى، وبدأ الغناء والأداء في النوادي الليلية في سن المراهقة، وفي هذه الأثناء التقي بالملحن الكندي بييار روش الذي تعاون معه، وبدأ الثنائي كتابةَ الأغاني وتأليف الموسيقى ولاقيا بعضًا من النجاح في أواخر الأربعينيات.

 

 

بياف وابتسامة الحظ:

وابتسم الحظ لأزنافور، عندما سمعته المغنية إديث بياف وهو يغني، ورتبت لتأخذه معها في جولاتها الغنائية في فرنسا والولايات المتحدة، بعدما دعته للغناء في مسرح خاص كانت تغني فيه عام 1950.

في بداية الأمر اعتاد أن يفتتح لها الحفلات، ثم بدأ بكتابة الأغاني لها، وتوطّدت علاقتهما وأصبحا صديقين واستلم إدارة أعمالها، وساعدته «بياف» وقدمته للعديد من مديري صناعة الموسيقى في فرنسا.

 

 

لكنه في ذلك الوقت لم يحقق أية شهرة كبرى كمغن؛ بل كان يؤلف الأغاني للآخرين، مثل بياف وجولييت جريكو، إلا أنه اعتلى مسرح الأولمبيا بعدما حققت أغنية «سور ما في» نجاحًا كبيرًا في عام 1954.

 

 

خطوات نحو العالمية:

في العام 1960، صوّر فيلمًا سينمائيًا مع فرنسوا تروفو بعنوان «تيريه سور لو بيانيست»، ثم أصدر أغنية «جو مونفواييه ديجا»، والتي صارت واحدة من أشهر ما غنى.

وفي العام 1963، حقق نجاحًا كبيرًا في «كارنيجي هول» في نيويورك، وصار نجمًا عالميًا، وشرع في جولة عالمية، وزار أرمينيا للمرة الأولى.

بعد عامين، أنجز أوبريت «موسيو كرنافال»، وكانت «لا بوهيم» واحدة من أغانيه، بمشاركة الكاتب جاك بلانت، وتعد تلك الأغنية من كلاسيكيات الأغنية الفرنسية الأكثر شهرة على الإطلاق، وتحكي كلماتها قصة رسام يتذكر بحنين شبابه البوهيمي على مرتفعات حي مونمارتر الباريسي الراقي.

 

 

وفي هذه الأثناء، غنى أيضًا أيقونة الجاز الشهيرة «ياستيرداي» والتي غنتها الكثير من الفرق والمغنين الكبار فيما بعد، وانتشرت أغانيه بشكل واسع، حتى أن كبار الفنانين في ذلك الزمن استعادوا عددًا منها، كما فعل راي تشارلز، وفريد أستير، وبينج كروسبي.

 

 

وواصل «أزنافور» رحلته في السينما، وصوّر أفلامًا منها «لو تامبور» في العام 1979 من إخراج فولكر شلوندورف، و«لي فانتوم دو شابولييه» لكلود شابرول في العام 1982.

وحصلت أغنيته «هي She» على المرتبة الأولى لأعلى مبيعات في المملكة المتحدة في السبعينات.

 

اختير «أزنافور» من قبل مجلة «تايم» الأمريكية في الثمانينات، كأهم مغني في القرن العشرين متقدمًا على ألفيس بريسلي وفرانك سيناترا.

كما حصلَ على جائزة Golden Lion Honorary Award في مهرجان البندقية السينمائي عن النسخة الإيطالية لأغنية "Mourir d'aimer" في عام 1971.

وعينَ سفيرًا للنوايا الحسنة ومندوبًا دائمًا لأرمينيا لدى اليونيسكو، كما أُدرج اسمه في قاعة مشاهير كتبة الأغاني في عام 1996، وكرمته MIDEM بجائزة Life time Achievement عام 2009.

جانب إنساني:

في وسط كل هذه النجاحات لم ينس «أزنافور» موطنه الأصلي، وغنى للجاليات الأرمنية في الكثير من بلدان العالم، في العام 1988 ذهب إلى أرمينيا لتقديم يد العون بعدما ضربها زلزال مدمر، وأسس لجنة «أزنافور من أجل أرمينيا»، وكتب أغنية «من أجلك أرمينيا».

 

 

الغناء مع فيروز:

«أزنافور» الذي غنى بأكثر من ست لغات عالمية وهي «الفرنسية، والروسية، والإنجليزية، والأرمنية، والإيطالية، والإسبانية»، وغنى في لبنان أكثر من عشر مرات، وأحيا فيه عددًا من المهرجانات والحفلات الفنية، آخرها كان العام السابق لوفاته؛ لإحياء سهرة فنية ضمن مهرجانات مدينة فقرا كفر ذبيان الصيفية.

 

 

عبر أسطورة الأغنية الفرنسية، خلال زيارته لبيروت، عن رغبته في الغناء مع المغنية اللبنانية فيروز، حتى لو اضطره الأمر إلى تعلم العربية.

وفي رسالة حث فيها على الانفتاح على العالم وتجاوز الانتماءات القومية والدينية، قال «أزنافور» إنه لا يستطيع أن يكتفي بكونه أرمنيًا، مضيفًا «لن استطيع أن أغني بالأرمنية فقط وأن أتناول الطعام الأرمني وأنام كأرمني وأستيقظ أرمنيًا؛ بل على العكس أحب الانفتاح على العالم وعلى الديانات».

أزنافور ومصر:

لم يكن شارل أزنافور بعيدا عن الموسيقى العربية والمصرية تحديدا، فأسطورة الغناء أرميني الأصل كان معروفا بمد يد العون للمطربين الجزائريين والمغاربة الناشطين في فرنسا منذ التسعينيات، وقبل ذلك بعقود؛ كان هو السبب في تعرف شريحة عريضة من المجتمع الفرنسي بكبار المطربين المصريين.

في عام 1967 لعب أزنافور دور العراب في استضافة كوكب الشرق أم كلثوم على مسرح «أوليمبيا» الشهير في باريس بعد نكسة يونيو، بعدما سمعها وأعجب بها ووصفها بـ«المعجزة»، وكان من ضمن أحلامه غناء مقطع من أغاني أم كلثوم بالفرنسية وتتم ترجمته ولكن لم يسعفه الحظ لذلك، وظل على تواصل معها حتى وفاتها عام 1975.

وبالرغم من ذلك غنى أزنافور أغنية « L'Amour Bon Dieu L'Amour» القريبة من الألحان الشرقية التي حاول أن يتقدم بها للجمهور العربي.

 

 

كما كان أزنافور صديقا لموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، والتقاه عدة مرات لدى تكريمه في باريس في ثمانينيات القرن الماضي ومنحه الأسطوانة البلاتينية، وحرص على اقتناء تسجيلاته القديمة، حيث كان من هواة دراسة تطور موسيقى الشعوب وتجارب دمج الثقافات.

وربطت علاقة جيدة أيضا بين أزنافور والعندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، والتقيا في باريس عدة مرات في السنوات القليلة قبل وفاة "حليم" عام 1977.

وفي عام 1979 أحيا أزنافور حفلا في مصر، وغاب لمدة 29 عاما، ليعود في يناير 2008 ليحيي حفلين بالقاهرة والإسكندرية برعاية وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني وخصص ريعهما بالكامل للجمعيات الخيرية.

وخلال زيارة 2008 زار أزنافور كاتدرائية الأرمن الأرثوذكس، وفاء لأصوله وثقافته الأرمينية، كما زار مكتبة الإسكندرية.

وكان لافتا أن يحيي أزنافور أحد الحفلين في دار أوبرا الإسكندرية، التي يربض أمامها تمثال لأول رئيس وزراء مصري، وهو نوبار باشا نوباريان، أرميني الأصل، مثل أزنافور.

«أنا لست عجوزًا»

«أزنافور» قدم أكثر من 100 ألبوم، ووزعت أغانيه في 94 دولة، وباع الفنان الفرنسي أكثر من 100 مليون شريط حول العالم وشارك في 60 فيلمًا.

تزوّج لأول مرة من ميشيلين روجل، في عام 1946، لكن هذا الزواج لم يدم طويلًا وانتهى بالطّلاق، وارتبطَ رسميًا للمرة الثانية بإيفيلين بلسي عام 1956، وانتهت كالزواج الأول بالطلاق.

في نهاية المطاف، وجد الحب والاستقرار الذي كان يتوق إليهما، عندما تزوّج من أولسا ثورسيل السويدية عام 1967، وهو أب لستة أطفال من الزيجات الثلاثة.

وقبل أن ينطلق في جولة جديدة، وهو في سن الـ93، شملت عروضًا في أوروبا، أكد في مقابلة صحفية: «أنا لست عجوزًا، أنا كبير في السن».

وعندما وجه الصحافيون أسئلة له عن سر بقائه مغنيًا على المسرح على الرغم من بلوغه سن الثالثة والتسعين، فأجاب ضاحكًا «ماذا أفعل غير ذلك؟ أحاول البقاء صامدًا».

وأضاف «أزنافور»: «قالت لي زوجتي مرة: أنت تتقدم في العمر وعليك أن تتوقف عن الغناء، فأجبتها: إن فعلت ذلك أموت».



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك