كيف يكافح الاتحاد الأوروبي العنف ضد المرأة؟ - بوابة الشروق
الأربعاء 12 مارس 2025 12:41 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

كيف يكافح الاتحاد الأوروبي العنف ضد المرأة؟

بروكسل - (د ب أ/إي إن آر)
نشر في: الثلاثاء 11 مارس 2025 - 10:57 ص | آخر تحديث: الثلاثاء 11 مارس 2025 - 10:57 ص

أن تكوني امرأة لا يعني فقط أنك مضطرة لمواجهة التمييز القائم على النوع الاجتماعي، أو الفجوة في الأجور، بل أيضا مواجهة الخطر.

وقد احتفل العالم في الثامن من مارس الجاري باليوم العالمي للمرأة. وفيما يلي تحليل بشأن كيف تحاول الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي.

فلا يكاد يمر يوم دون أن تتعرض امرأة للإصابة أو القتل في الاتحاد الأوروبي بسبب نوعها الاجتماعي. وتشير الإحصاءات إلى أن الغالبية العظمى من مرتكبي العنف الجسدي أو النفسي هم شركاء النساء، الحاليين أو السابقين.

وقالت كارلين شيلي، مديرة المعهد الأوروبي للمساواة بين الجنسين لدى استعراضها أحدث تقرير للمعهد، الشهر الماضي: "العنف ضد المرأة متأصل في السيطرة والهيمنة وعدم المساواة."

واعتبر الاتحاد الأوروبي مكافحة العنف القائم على النوع الاجتماعي والعنف المنزلي جزءا من سياساته.

وفي إطار استراتيجية الاتحاد الأوروبي للمساواة بين الجنسين، ألزمت المفوضية الأوروبية نفسها بتقديم المساعدة للحيلولة دون وقوع العنف، ومكافحته، إلى جانب دعم المتضررين ومحاسبة الجناة. ويتمثل هدف المفوضية في إحراز "تقدم كبير" لأجل تحقيق المساواة بين الجنسين في أوروبا.

وقدمت مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون المساواة "حاجة لحبيب" يوم الجمعة الماضية، الخارطة الجديدة للمفوضية الأوروبية لتعزيز حقوق المرأة، مع التحرر من العنف القائم على النوع الاجتماعي كخطوة أولية في هذا المسار.

وخلال السنوات الأخيرة، اتخذ الاتحاد الأوروبي عدة خطوات، شملت استكمال انضمامه إلى اتفاقية المجلس الأوروبي حول منع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف الأسري، والمعروفة أيضا باتفاقية اسطنبول، والتي تعد أول أداة دولية ملزمة قانونيا في هذا الشأن.

وتحدد الاتفاقية أربعة أنماط رئيسية من العنف ضد المرأة: العنف الجسدي، والعنف الجنسي، والعنف النفسي، والعنف الاقتصادي.

وفي شهر مايو عام 2024، صدق الاتحاد الأوروبي على أول توجيه لديه بشأن مكافحة العنف ضد المرأة، والعنف الأسري.

ويجرم هذا التوجيه أنماطا بعينها من العنف ضد المرأة على مستوى الاتحاد الأوروبي، مثل تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية والزواج القسري، والعنف عبر الانترنت. ويشمل الأخير تبادل الصور الحميمية دون موافقة الطرفين، والمطاردة والتحريض على الكراهية والعنف على أساس النوع الاجتماعي عبر الشبكة العنبكوتية.

ولاقى هذا التوجيه ترحيبا كونه خطوة كبيرة إلى الأمام، ولكنه تعرض لانتقادات قوية لإخفاق الدول الأعضاء في الاتفاق على تجريم الاغتصاب، وذلك بسبب الخلافات حول تعريف الاغتصاب القائم على التراضي.

تفشي العنف

وأمام الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي (27 دولة) حتى شهر يونيو 2027 لتطبيق التوجيه كجزء من قوانينها وسياساتها الوطنية. ورغم ذلك، يتسم التقدم الذي تم إحرازه بالتفاوت، مع اتساع نطاق المحاولات.

وأعطى مؤشر العنف الخاص بالمعهد الأوروبي للمساواة بين الجنسين لعام 2024، والذي يقيس مستويات العنف في 12 دولة عضو، متوسط نقاط 9ر31 نقطة، بنطاق يشير فيه الرقم 1 إلى انعدام العنف، والرقم 100 إلى تفشي وشدة العنف ضد المرأة.

وعلى طرفي هذا الطيف، سجلت اليونان 6ر24 نقطة، وفنلندا 7ر41 نقطة.

وبحسب إحصاءات وبيانات المسح على مستوى الاتحاد الأوروبي، والتي استند إليها المؤشر، تعرض 31% من النساء فوق 15 عاما في الاتحاد الأوروبي للعنف الجسدي والجنسي، أو أحدهما، وعانى57% من الضحايا من تبعات صحية.

وفي دراسة استقصائية ألمانية حديثة، قالت 92% من النساء في الفئة العمرية 18-35، إنهن تعرضن للمضايقة أو الاعتداء.

صورة مشوشة عن قتل النساء

ووفقا للمعهد الأوروبي للمساواة بين الجنسين، من الصعب إحصاء معدلات قتل النساء (قتل فتاة أو امرأة بسبب نوعها الاجتماعي) - في أنحاء الاتحاد الأوروبي بسبب اختلاف التعريفات.

ولا توجد لدى جميع الدول الأعضاء في التكتل قوانين محددة تتعلق بقتل الإناث، رغم أن دولا مثل مالطا وقبرص وكرواتيا شملتها في قوانينها الجنائية.

وتتعرض النساء للقتل في شتى أنحاء أوروبا بسبب النوع، وهو ما تظهره هذه الأمثلة:

ففي فرنسا، أعلنت وزارة الداخلية أن 96 امرأة سقطن ضحايا "قتل الإناث بسبب نوعهن"، في عام 2023.

وفي إسبانيا، جرى قتل 48 امرأة بسبب "العنف على أساس النوع الاجتماعي"، على يد شركاء أو أزواج، في عام 2024. وفي نفس العام، لقيت 9 قاصرات حتفهن في جرائم ارتكبها الأب أو زوج الأم. كما وقع ما لا يقل عن 6 جرائم قتل نسائية ارتكبها شخص، ليس شريكا حاليا أو سابقا.

وكان هذا أقل عدد من جرائم القتل بسبب العنف القائم على النوع الاجتماعي تسجله إسبانيا منذ عام 2003. ومنذ هذا التاريخ، سجلت البلاد مقتل 1293 امرأة على يد شركائهن الحاليين، أو السابقين.

أما في إيطاليا، فقد وقعت أكثر من 90 جريمة قتل إناث في عام 2024. ولقي ما لا يقل عن 48 من الضحايا على يد الشريك الحالي، أو السابق، بحسب ما ذكرته وزارة الداخلية في البلاد. وكان عمر واحدة من بين كل خمس ضحايا، تقريبا، قد تجاوز السبعين عاما.
أما في ألمانيا، يجرى الإبلاغ عن جريمة قتل أنثى بشكل يومي، تقريبا. وفي عام 2023، سقطت حوالي 938 فتاة وامرأة ضحايا لمحاولة قتل إناث، أو شروع في قتل إناث. وتوفى من هؤلاء360.

وفي شهر نوفمبر الماضي، قالت وزيرة شؤون المرأة في ألمانيا، ليزا باوس، في معرض تقديم تقرير في هذا الشأن: "تسقط حوالي 400 امرأة يوميا ضحايا للعنف في علاقاتهن."

التقدم يتأخر ويواجه تهديدات

يشار إلى أن التقدم الذي جرى تحقيقه متفاوت في أنحاء الاتحاد الأوروبي. وهناك خمس دول أعضاء (بلغاريا وجمهورية التشيك والمجر ولو سلوفاكيا وليتوانيا)، لم تصادق بعد على اتفاقية اسطنبول.

ورغم اتخاذ الاتحاد الأوروبي خطوات تشريعية حاسمة، يتطلب الكفاح من أجل إحراز تقدم حقيقي إجراءات عاجلة من قبل صانعي السياسات ومن المجتمع المدني والمواطنين، بحسب المعهد الأوروبي للمساواة بين الجنسين.

وأظهر أحدث تقرير للمعهد عن مستويات مثيرة للقلق من التساهل مع العنف ضد المرأة، حيث يعتقد 17% من المشاركين أن التقارير الخاصة بالاعتداء الجنسي أو الاغتصاب، غالبا ما تكون مبالغا فيها. كما يعتقد 46% من الرجال و26% من النساء أن السيطرة المالية في العلاقات أمر مقبول. ويرى 27% من الرجال و15% من النساء التحرش الجنسي في مكان العمل مقبولا.

كما تتنامى المعارضة السياسية للمساواة بين الجنسين، حيث حذر تقرير صادر عن هيئة الأمم المتحدة للمرأة هذا الأسبوع من تراجع حقوق المرأة في ربع دول العالم بسبب عوامل تتراوح بين التغير المناخي، وتراجع الديمقراطية.

وجاء في التقرير: "رافق إضعاف المؤسسات الديمقراطية تراجع المساواة بين الجنسين... تعمل الجهات المناهضة لحقوق المرأة بشكل نشط لتقويض التوافق القائم منذ فترة طويلة بشأن القضايا الرئيسية المتعلقة بحقوق المرأة“.

وقالت المفوضة الأوروبية حاجة لحبيب يوم الجمعة الماضي لدى تقديم خارطة الطريق الخاصة بالاتحاد الأوروبي: "التشكيك في المساواة بين الجنسين تشكيك في التقدم... إنها في القلب من نهج حياتنا الأوروبية".

وأوضحت لحبيب أن خارطة الطريق تهدف إلى معالجة المعايير التمييزية الهيكلية في المجتمعات الأوروبية، بما يشمل تحسين المعايير الصحية للنساء، وتحقيق المساواة في الأجور، والتوازن بين العمل والحياة، والمساواة في فرص العمل والتمثيل .

ويتسبب العنف القائم على النوع الاجتماعي في معاناة لا يمكن وصفها، كما ينطوي على تكاليف اقتصادية واسعة.

وتشير تقديرات المعهد الأوروبي للمساواة بين الجنسين، على مستوى الاتحاد الأوروبي لعام 2021 إلى أن هذه التكاليف بلغت حوالي 366 مليار يورو (398 مليار دولار) سنويا. حيث شكل العنف ضد المرأة 79% من هذه القيمة.

وتأتي هذه التكاليف من الآثار البدنية والعاطفية للعنف، وتكلفة خدمات العدالة الجنائية والمدنية والناتج الاقتصادي المُهدر.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك