نبيل فهمى يكتب: أفريقيا وقضايا المناخ فى COP 27 - بوابة الشروق
الخميس 27 يونيو 2024 4:11 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نبيل فهمى يكتب: أفريقيا وقضايا المناخ فى COP 27

نبيل فهمي، وزير الخارجية الأسبق
نبيل فهمي، وزير الخارجية الأسبق

نشر في: الإثنين 13 يونيو 2022 - 10:51 م | آخر تحديث: الإثنين 13 يونيو 2022 - 10:51 م
يشهد الخريف القادم وعلى وجه الخصوص شهر نوفمبر القادم عددا من المناسبات التى ستجذب المجتمع الدولى إلى متابعة الأخبار والتطورات عن قرب، إحداهما للمتعة، وتتعلق بكأس العالم لكرة القدم بالدوحة عاصمة قطر، والأخرى حفاظا على المستقبل والوجود، وهو مؤتمر الأمم المتحدة حول التغير المناخى لعام 2022 والمنعقد فى مصر بمدينة شرم الشيخ، وهو مؤتمر للدول التى وقعت على الاتفاق الإطارى حول التغير المناخى، والذى دخل حيز التنفيذ عام 1994، وأتناول اليوم القضية الوجودية لأهميتها، تاركا المتعة لوقت آخر مع التسليم أننى سأنشغل بالحدثين فى نوفمبر القادم.
مؤتمر شرم الشيخ حول التغير المناخى سيبنى على ما أُنجز أو ما تم التطلع إليه فى المؤتمر السابق وخاصة ما جاء فى وثيقة جلاسجو المناخية، والتى وضعت الأجندة الدولية حول هذا الموضوع خلال العقد القادم، رغم أنها ليست وثيقة ملزمة قانونيا، فشملت اتفاقا بأن يصدر عن المؤتمر القادم ــ أى فى شرم الشيخ ــ التزامات إضافية لخفض معدلات الاحتباس الحرارى التى تؤدى إلى التغير المناخى، لعدم تجاوز ارتفاع الحرارة عن 1.5 درجة مئوية سنويا تجنبا لكارثة مناخية، واتفق ولأول مرة على وضع خطة لتخفيض استخدام الفحم، وهو مصدر 40٪ من انبعاثات ثانى أكسيد الكربون، خطوة إيجابية وإنما ليس على مستوى التحدى نظرا لتمسك الصين والهند بصيغة تدعو إلى تخفيض استخدام الفحم دون أن تدعو إلى القضاء عليه كليا، بالإضافة لذلك، فقد أعلن باحثو أحد مراكز دراسات الطقس والمناخ فى بريطانيا «The Met Office» أنه أصبح من المرجح بنسبة 50٪ ارتفاع الحرارة لأكثر من 1.5 درجة مئوية على مدى الخمس سنوات المقبلة، والتى ستُسجل خلالها أعلى معدل لارتفاع درجات الحرارة، وهذا التحدى يتطلب إعادة نظر سريعة من دول العالم لاحتواء الأزمة.
وتضمنت الوثيقة كذلك تعهدا بزيادة جوهرية للدعم المتاح للدول النامية لمساعدتها على التعامل مع تداعيات التغير المناخى والتحول إلى الطاقة النظيفة، وهذا رغم أن الدول الغنية أخفقت فى التزامها السابق بتوفير 100 مليار دولار أمريكى كل عام اعتبارا من 2020.
كما كان هناك اتفاق بين الحاضرين على التخفيض التدريجى لدعم سعر الفحم والبترول والغاز الطبيعى، بغية الحد من استخداماتها، إلا أن هذا الاتفاق لم يتضمن تواريخ محددة، ومن الاتفاقيات الهامة الأخرى خلال مؤتمر جلاسجو اتفاق الصين والولايات المتحدة على المزيد من التعاون بينهما فى هذا المجال خلال العقد القادم، وهم من أكثر الدول المؤثرة على المناخ.
والتزم قادة أكثر من مائة دولة بوقف إزالة الغابات اعتبارا من 2030، وهى خطوة مهمة لاستيعاب الأشجار انبعاثات ثانى أكسيد الكربون، وطُرح تصور لتخفيض انبعاثات غاز الميثان بنسبة 30٪ اعتبارا من 2030، وهى انبعاثات إنسانية تؤثر على درجات الحرارة، ولازالت الصين وروسيا والهند غير ملتزمين بهذا الهدف، رغم أنهما من أكثر الدول التى يصدر منها هذه الانبعاثات، وأكدت المؤسسات المالية المسيطرة على 130 تريليون دولار على دعم التكنولوجيات النظيفة من الطاقة المتجددة والابتعاد عن الصناعات المعتمدة على الحرق المباشر من الوقود الحفرى.
كان مؤتمر جلاسجو خطوة هامة ومفيدة، وإنما اعتقد أنه لم يرتفع إلى حجم التحدى والمسئولية، من حيث الأهداف المحددة، أو فى شكل التعهدات التى لازالت الغالبية العظمى منها غير ملزمة.
لهذه الأسباب ولغيرها ينظر العالم إلى مؤتمر COPــ27 فى شرم الشيخ بتطلع وقلق، مرجحا أن العالم أيقن أخيرا أننا على أبواب كارثة مناخية وجودية إذا لم يتصدَ المجتمع الدولى إلى افراطه الاستهلاكى المؤثر على البيئة، لأن الكل سيتأثر بتداعيات التغير المناخى، والكل من حقه أن ينمو ويتطلع لحياة حرة كريمة، وأرى شخصيا أننا أمام تحدٍ تكنولوجى واقتصادى لضرورة الاستمرار فى ابتكار تكنولوجيات أكثر كفاءة وأقل ضررا للبيئة وبأسعار متناولة للجميع، كما أننا أمام امتحان أخلاقى باعتبار أن الدول الغنية هى المصدر الأول للمشكلة والدول النامية هى الأكثر تضررا منها، فضلا عن أنها لم تصل بعد إلى معدلات تنموية مقبولة متسقة مع تطلعات شعوبها، ومن ثم يجب ألا تكون الإجراءات لصالح من كان مصدرا للمشكلة وعلى حساب الأقل ثراء.
ومصدر قلق هو أن المناخ السياسى والاقتصادى غير مواتٍ وأكثر صعوبة عما مضى، فلازلنا فى ظل التداعيات الاقتصادية والسياسية لجائحة COVIDــ19، ودخلنا أخيرا فى معضلة أخرى وهى إعادة احياء أجواء الحرب الباردة والاستقطاب الشديد مع أحداث كورونا، بما يحمله من استقطاب سياسى وآثار اقتصادية، قد تجعل الدول الكبرى تتردد فى التعاون فيما بينها، وتتلكأ فى توفير الدعم المالى المطلوب للدول النامية لمساعدتها على التحول نحو الطاقة النظيفة من أجل تحقيق أهدافها التنموية.
ومؤتمر COPــ27 مثله مثل من سبقه سيكون محفلا دوليا جامعا يسعى للتوفيق بين مصالح الكل، وهى الوسيلة الوحيدة لتحقيق تقدم ملموس، إلا أن انعقاد هذا المؤتمر فى دولة عربية إفريقية، وبمدينة شرم الشيخ بشبه جزيرة سيناء والتى تقع فى القارة الأسيوية، سيجعل الدولة النامية بشكل خاص تنظر إلى مدى الاستجابة لاحتياجاتها وتتطلع منه الكثير، ولعله فعلا ينتهى إلى حلول جوهرية عالمية ويستجيب لتطلعات الجنوب.
ولم يكن غريبا أن يعلن ريتشارد مونانج منسق التغير المناخى فى أفريقيا ببرنامج الأمم المتحدة للبيئة أن مؤتمر شرم الشيخ قمة مناخية أفريقية، محذرا من أن زيادة درجتين فقط فى حرارة العالم تعنى خسارة 5٪ من إنتاجية أفريقيا عام 2030، ومطالبا بضرورة زيادة الدعم المالى للدول النامية للتعامل مع تداعيات هذه المشكلة، موضحا أنه حتى إذا تم تغطية العجز فى الالتزامات العالمية السابقة فى هذا الخصوص، والذى يصل إلى 20 مليار دولار سنويا فلن تعد المبالغ المقررة تغطى الاحتياجات الفعلية المتزايدة، وتأكيدا على أن الشعوب النامية تتحمل مغبة وأطماع سياسات الدول المتقدمة، أوضح أن 17٪ من سكان العالم يعيشون فى القارة الأفريقية، فى حين أن القارة السمراء لا يصدر عنها سوى 4٪ من الانبعاثات الدولية، لذا يجب دعم قدرات القارة ماليا وتكنولوجيا على التحول إلى التكنولوجيات النظيفة وهى تتطلع إلى مزيد من التنمية مستقبلا.
وفى سياق متابعة تداعيات التغير المناخى، استقبلت أخيرا بالقاهرة الدكتورة فيرا سونجوى وكيل السكرتير العام للأمم المتحدة والدكتور محمود محيى الدين مبعوث الأمم المتحدة والمكلف بحشد المجتمع المدنى حول التصدى للتغير المناخى، وطرحا رؤية لتطلعات أفريقيا والجنوب من COPــ27، تتفق على ما تقدم، ويمكن الاستخلاص من أحاديثهما أن هناك عملا جادا ومتواصلا منذ المؤتمر الماضى بما فى ذلك حول عدد من المشروعات المحددة ذات المصلحة العامة والأفريقية بشكل خاص، وإن كان قد ألحا على أهمية مراجعة المؤسسات الدولية سبل تسعير الجهد الأفريقى المبذول للحد من انبعاثات ثانى أكسيد الكربون، وتوفير الدعم الكافى لتحقيق التنمية بالقارة على ركيزة الطاقة المتجددة النظيفة.
لعله خير رغم كل الصعوبات، واعتقد أن استغلال الدول الأفريقية وسريعا للأشهر القادمة لتنسيق المواقف وطرح مبادرات مشتركة ومحددة من شأنه أن يدعم من الفرص لإنجاح المؤتمر أو على الأقل لتحقيقه صيغ أكثر عدالة لأفريقيا ودول الجنوب.

نبيل فهمى


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك