في تطور سياسي بارز، صوّتت الجمعية الوطنية في كوريا الجنوبية لصالح عزل الرئيس يون سوك يول، مما يشكل ضربة قوية للزعيم المحافظ الذي تولى السلطة قبل أقل من عامين.
وشهد التصويت الذي جرى، أمس السبت، دعم 204 نواب من أصل 300 في الجمعية، متجاوزًا بالكاد أغلبية الثلثين المطلوبة بعد انضمام 12 نائبًا من حزب يون إلى المعارضة، ورغم ذلك، فإن القرار لا يعني نهاية فورية لرئاسته.
تنتظر القضية الآن الفصل من قبل المحكمة الدستورية، التي ستقرر خلال 180 يومًا ما إذا كانت ستؤيد العزل وتقيل يون رسميًا، أو ترفض القرار وتعيد له سلطاته.
في حال تأكيد العزل أو استقالة الرئيس، ستُجرى انتخابات رئاسية جديدة خلال 60 يومًا.
وأدى التصويت إلى نقل سلطات يون الرئاسية على الفور إلى رئيس الوزراء هان دوك سو، الذي أصبح الآن رئيسًا مؤقتًا، وبذلك، يصبح يون سوك يول ثاني رئيس في تاريخ كوريا الجنوبية يواجه العزل بعد الرئيسة السابقة بارك غون هيه، التي أُطيح بها في عام 2017 بسبب قضايا فساد وإساءة استخدام السلطة، ومن المفارقات أن يون، الذي كان يشغل منصب المدعي العام آنذاك، لعب دورًا رئيسيًا في مقاضاتها.
القضية المحورية التي ستدرسها المحكمة الدستورية تتعلق بمزاعم انتهاك يون للدستور من خلال إعلان الأحكام العرفية، بالإضافة إلى اتهامات محتملة بالتخطيط للتمرد، وهي جريمة تصل عقوبتها إلى الإعدام. لتحقيق إدانة بتهمة التمرد، يجب على السلطات إثبات وجود نية لإسقاط النظام الدستوري إلى جانب تقديم أدلة ملموسة على أعمال عنف، بما في ذلك اقتحام القوات الخاصة للبرلمان أثناء، بإعلان الأحكام العرفية.
تتزامن هذه التحقيقات الجنائية مع الإجراءات الدستورية، مما يضيف بُعدًا معقدًا للقضية، إذا تم اعتقال يون خلال فترة العزل، فقد يؤثر ذلك على مداولات المحكمة الدستورية، ومع ذلك تواجه المحكمة تحديات إضافية، حيث تعمل حاليًا بتشكيلة ناقصة تضم ستة قضاة فقط بدلاً من تسعة، ولإقرار العزل، يجب أن توافق جميع الأصوات الستة على قرار الجمعية الوطنية، حيث أن صوتًا معارضًا واحدًا قد يمنح الرئيس فرصة للبقاء في المنصب.
ورغم هذا التعقيد القانوني، يشير الخبراء إلى أن المحكمة قد تطلب من الجمعية الوطنية الإسراع بتعيين القضاة الثلاثة الشاغرين قبل الشروع في مداولات القضية، نظرًا لحساسيتها السياسية.
على الأرض، احتشد الآلاف من المواطنين أمام الجمعية الوطنية للاحتفال بالتصويت، معربين عن دعمهم للقرار، وشهد النواب المغادرون للمبنى تصفيقًا حارًا من الحشود، لكن المشهد العام يبقى ضبابيًا، حيث تُطرح تساؤلات حول الخطوات المقبلة وما إذا كانت المحكمة ستؤيد قرار الجمعية أو تمنح يون فرصة أخرى.
وبينما يرى بعض المحللين أن يون قد خرج منهكًا سياسيًا حتى في حال رفض العزل، فإن هذه القضية تفتح صفحة جديدة في السياسة الكورية الجنوبية، التي شهدت سابقًا محاولات ناجحة وفاشلة لعزل رؤساء، ففي عام 2004، تم التصويت لصالح عزل الرئيس آنذاك روه مو هيون، إلا أن المحكمة الدستورية رفضت القرار بعد شهرين، مما سمح له بإكمال فترة ولايته.
القضية الحالية ليست مجرد اختبار قانوني أو دستوري، بل هي أيضًا اختبار لاستقرار النظام الديمقراطي في كوريا الجنوبية وقدرته على التعامل مع أزمات بهذا الحجم. مع استمرار الترقب، يبدو أن مصير يون سوك يول سيتحدد في قاعات المحكمة أكثر مما سيتحدد في أروقة السياسة.