مناقشة رواية «أصدقائي» للأديب هشام مطر في مهرجان «فيستيفاليتريتورا» الإيطالي - بوابة الشروق
الجمعة 20 سبتمبر 2024 1:52 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مناقشة رواية «أصدقائي» للأديب هشام مطر في مهرجان «فيستيفاليتريتورا» الإيطالي

منى غنيم
نشر في: الثلاثاء 17 سبتمبر 2024 - 4:20 ص | آخر تحديث: الثلاثاء 17 سبتمبر 2024 - 4:20 ص

هشام مطر: "فكرة «أصدقائي» ظلت في عقلي لعدة سنوات قبل كتاباتها..والكاتب دائمًا ما تطارده التكهنات المحمومة بشأن مايكتبه ولا يهدأ له بالًا حتى يرى العمل الأدبي النور"


هشام مطر يكشف عن أسلوبه في الكتابة.. ينبذ فكرة "سيادة" الكاتب المطلقة .. ويميل إلى "استثمار" أفكاره وأدواته ككاتب مخضرم في تطويع فكرة بعينها من أجل تقديمها للقارىء

هشام مطر عن عملية الإبداع: "كل شيء يمر به الكاتب من تفاصيل وأشخاص يساهم في صناعته.. وكل الأشياء تتناغم داخل عقل الكاتب حتى تخرج على الورق سيمفونية بديعة من الإنتاج الأدبي"

هشام مطر: "الأدب هو محاولة التعبير عن غير المنطوق.. والحالة التي يود الكاتب الكتابة عنها تتملك عقله وقلبه وتدفعه للعثور على الكلمات التي يبث بها الحياة على الورق"



حل الكاتب العالمي هشام مطر في السادس من شهر سبتمبر الجاري ضيفًا لمهرجان "فيستيفاليتريتورا" الإيطالي الأدبي في دورته هذا العام للحديث عن أحدث رواياته «أصدقائي» التي فاز "مطر " بفضلها بجائزة أورويل للرواية السياسية لهذا العام وترشحت مؤخرًا للقائمة الطويلة لجائزة الكتاب الوطنية الأمريكية، كما أجرت إدارة المهرجان معه مقابلة شخصية استفاض الكاتب الليبي الأصل من خلالها في الحديث عن أفكاره الشخصية وخواطره تجاه عمليتيّ الكتابة والإبداع، وبالأخص فيما يتعلق بكواليس كتابة رواية «أصدقائي».

في البداية، تحدث الكاتب العالمي هشام مطر عن حقيقة أن فكرة هذه الرواية الأخيرة «أصدقائي» راودته منذ فترة طويلة، ومضت سنوات عديدة قبل أن يقوم بكتابتها بالفعل، ووصف "مطر" منطق تبلور الفكرة في عقله أولًا هذا بكونه "ترياقًا للجنون"؛ وذلك لأن الكاتب يكون منشغلًا حتى النخاع بالفكرة التي يود الكتابة عنها، وهي تصول وتجول برأسه بصورها المتعاقبة، ومشاهدها المختلفة، ولحظاتها المميزة، بالإضافة إلى الجمل الحوارية بين الشخصيات بعضها البعض.

وقال إن الكاتب يكون غارقًا داخل عالمه الخاص الذي يحاول إخراجه على الورق، ويكون أسيرًا لمفردات ذلك العالم الخاص وسبل بناء قواعده وركائزه، وهو لا يتعمد في هذا الصدد الغموض على الإطلاق، بل ماهناك أن الفكرة تظل متأججة في عقله لفترة طويلة حتى لأنه يسائل نفسه - وكأنما مسّه طائف من الجنون: هل سينجح الأمر؟ هل سأتمكن من كتابة ما يدور بعقلي على الورق؟ أم أنني فقط أتخيل كل تلك الحبكة والشخصيات؟ وتظل تلك الأسئلة تطارد الكاتب - وتؤرقه - حتى يرى عمله الأدبي النور ويُكلل بالنجاح، حينها فقط يشعر بالراحة والعزاء.

وأشار "مطر" إلى أنه يميل دائمًا لتأمل الحد الفاصل - المُعقد - بين العلاقات المتنوعة الحقيقية في حياة الأفراد وبين الخيال، وأية حدود يمكن للقلم أن يأخده إليها ككاتب مخضرم؛ فالعديد من المواد المطروحة أدبيًا قد تكون لا علاقة لها البتة بحياة القارىء وأنشطته اليومية، وذكر مثالًا على ذلك أنه قد يجلس شخصًا ما في مكان ما ويكتب كتابًا عن أحد الكلاب الذي يقبع فوق سطح القمر، فسيكون ذلك بالطبع خارج نطاق مفهوم الكتابة عن الحياة الشخصية؛ لذا فإن هذا التقسيم بين هذا وذاك يعد أقل وضوحًا بالنسبة له، وأوضح أنه كلما كتب أكثر، كلما أصبح ذلك الفارق أقل وضوحًا.

وقال "مطر" إنه لا يحب فكرة أو مفهوم أن الكاتب مُخوّل لفعل أي شىء على الإطلاق؛ لأنها تعطي المعنى وكأن الكاتب أصبحت لديه فجأة "سُلطة" أو "ترخيص" للقيام بما يريد على الورق، وأضاف أن هذا بعيد كل البعد عن طريقته في الكتابة؛ فهو يشعر أنه "يستثمر" أفكاره وأدواته في لفتة خيالية بعينها، ومن الغريب أن الكاتب يفعل ذلك بمفرده وهو جالس في حجرته يكتب ويكتب حتى يخرج العمل الي النور ويكون عليه اسمه، ومن هذا المنطلق تبدو عملية الكتابة أكثر "جماعية"منها فردية.

وبيّن "مطر" أنه يعتقد أن السبب في ذلك هو أنه في حقيقة الأمر كل شيء يساهم في صناعة الكاتب؛ من أصغر الأشياء وحتى أكبرها؛ كل من عرفه في حياته، وكل ما عرفه، وكل ما عاشه؛ الأشياء - كلها - تتناغم داخل عقل الكاتب حتى تخرج على الورق سيمفونية بديعة من الإنتاج الأدبي، وبهذا المعنى فإن الكاتب لا يكتب منفردَا على الإطلاق.

وأوضح أنه يشعر أنه نتاج كل الأدب الذي قرأه أو الذي تأثر به في حياته، وأن كل الكُتّاب الذين قرأ لهم ظلوا معه - بداخله - بطريقة غامضة ولكنها حقيقية، وقال إنه قبل أن يشرع في أن يصبح مؤلفًا، كانت تشغله - في مرحلة قراءاته العديدة - فكرة كيف تتم صناعة العمل الأدبي؟ أو كيف يتم تجميع كل تلك الأفكار والخوطر المتناحرة بداخل صفحات كتاب واحد؟ واستشهد في ذلك بانبهاره بالكاتبة الإنجليزية فيرجينيا وولف؛ حيث كان يسائل نفسه: كيف تمكنت من كتابة عمل إبداعي على هذا القدر من البراعة كقصتها «إلى المنارة» ؟

وذكر أنه - في الماضي - كان يعتقد طوال الوقت أن المتحكم الأصلي في النص هو الكاتبة بعينها؛ فهي الآمر والناهي في العملية الإبداعية، أو بعبارة أخرى، كان يعتقد أن فيرجينا وولف تتحكم في المادة الأدبية أو الفكرة ثم تكتبها على الورق ، ولكن عندما بدأ الكتابة بدوره، وجد أن الأمر ليس كذلك على الإطلاق، على الأقل بالنسبة له؛ ففي الواقع كانت المفارقة أنه كان يبدأ الكتابة عندما كانت تعوزه الكلمات - أو عندما كان يشعر أنه لا يدري حقًا ماذا يكتب، وهذا عكس اعتقاده السابق قبل بدءه الكتابة.

وقال إن السبب وراء ذلك يكمن في أنه يعتقد أن الحالة أو الشعور الذي يحاول الكتابة عنها دائمًا ما تملأ عقله وقلبه حتى لا يجد لها بُدًا أو مُتنفسًا سوى بالاستجابة لنداءها، ومن ثمّ يتعين عليه العثور على الكلمات التي تبث فيها الحياة على الورق، ولذلك فإن الكتابة بالنسبة لهشام مطر هي عملية العثور على الكلمات المناسبة لشيء ما لا يمكن قوله أو التعبير عنه.

وأضاف أن هذا الأمر أسره على الدوام في عوالم الأدب؛ لأنه يعتقد أن الأدب هو محاولة لـ "التعبير عن غير المنطوق"، وتابع أنه كان دائمًا حريصًا على كتابة ما يمس الآخرين، وما يشكل أهمية بالنسبة إليهم، وهو في هذا الصدد ليس مهتمًا بالكتابة عن تجارب منفردة إن جاز التعبير لم يختبرها أي شخص آخر من قبل، وأكد أن كل ما يهمه هو استعمال جل أدواته ككاتب للحديث عن الأشياء والتجارب التي نتشاركها جميعًا كبشر ولكننا نصل إليها عبر طرق الحياة المختلفة والمتشعبة.

وأكد أنه يعتقد أن أهمية السمات المحددة لحياتنا تكمن حقًا في معرفة إلى أين تقودنا تلك السمات من مشاعر وأفكار وأحاسيس مختلفة؛ فكل تلك الأمور مترابطة، والدليل على ذلك هو أن كتابه لم يكن ليعني شيئًا للقراء إذا لم يكن لديه معهم الكثير من القواسم المشتركة، وقال إن الكتب التي قرأها، والتي كانت تعني الكثير بالنسبة له، كتبها أشخاص مختلفين كل الاختلاف عنه، ولكن اتضح له فيما رأى أنهم في الواقع متشابهون تمامًا معه.

جدير بالذكر أن مهرجان "فيستيفاليتريتورا" يُقام في مانتوفا بإيطاليا بانتظام كل عام منذ عام 1997 حيث تمتد فعالياته على مدار ٥ أيام على هيئة لقاءات قصيرة نسبيًا مع مختلف المؤلفين من جميع أنحاء العالم، وتُقام المحاضرات في أماكن وساحات تاريخية، وقد امتدت فعاليات الدورة الحالية بين الخامس والتاسع من شهر سبتمبر الجاري.

 

 

 


صور متعلقة


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك