على وقع تثبيت وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني تصنيف مصر، يرى عدد من خبراء الاقتصاد أن القرار يعد أمرًا إيجابيًا في ظل ما تمر به المنطقة من توترات جيوسياسية، ولكن لا بد من العمل على رفع التصنيف خلال الشهور القادمة لزيادة ثقة المستثمرين في الاقتصاد.
مساء أمس، أعلنت وكالة موديز العالمية للتصنيف الائتماني تثبيت تصنيف الحكومة المصرية بالعملة الأجنبية والمحلية على المدى الطويل عند Caa1، مع المحافظة على النظرة المستقبلية الإيجابية.
رفع التصنيف مرهون بتوسيع دور القطاع الخاص
قالت عالية المهدي، الخبيرة الاقتصادية، إن تثبيت التصنيف الائتماني لمصر من قبل «موديز» يدعم الاقتصاد المصري وسط ما تمر به المنطقة من توترات جيوسياسية.
وطالبت الحكومة بالعمل على رفع التصنيف الائتماني لمصر، خاصة أن التصنيف الحالي يظهر أن الاقتصاد ما زال عرضة للمخاطر، مشيرة إلى أن رفع التصنيف مرهون بتوسيع مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد عن طريق الإسراع بتنفيذ وثيقة سياسة ملكية الدولة، مؤكدة أن الحكومة بدأت تتخذ خطوات إيجابية لدعم القطاع الخاص، ظهر ذلك في تشكيل لجان استشارية مُتخصصة لتعزيز التواصل بين الحكومة والخبراء في مجالات القطاع الخاص المختلفة.
القرار يعزز قدرة الاقتصاد على الحصول على التمويلات الخارجية
من جانبه، قال أحمد شوقي، الخبير المصرفي، إن تثبيت التصنيف الائتماني لمصر يعني تعزيز الثقة به أمام مؤسسات ومصادر التمويل الخارجي، ما يسهل حصوله على مزيد من التمويلات الخارجية.
وتابع أن تثبيت التصنيف الائتماني جاء بسبب سداد مصر الكثير من الالتزامات الخارجية عليها، وارتفاع الاحتياطيات الدولية إلى 47 مليار دولار، مع بدء وتيرة انخفاض معدلات التضخم.
وسددت مصر مستحقات ديون بلغت 38.7 مليار دولار في العام الماضي، وتم دفع نحو 7 مليارات دولار خلال شهري نوفمبر وديسمبر، بحسب تصريحات سابقة لرئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، مؤكدًا أن الدولة ملتزمة بسداد ما عليها من التزامات، وأنها لم تتخلف يومًا عن سداد تلك المستحقات، وذكر أن المبلغ المستحق خلال عام 2025 سيكون أقل مما تم سداده في 2024.
وتراجعت معدلات التضخم لشهر يناير الماضي للشهر الثالث على التوالي، لتصل إلى 23.4% في ديسمبر السابق، وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، التي أشارت إلى عودة التضخم الشهري إلى الارتفاع بنسبة 1.6% خلال يناير 2025، بعد استقراره خلال ديسمبر 2024.
المتغيرات الحالية قد لا تكون محفزة لرفع الجدارة الائتمانية لكنها على الأقل كافية لإعطاء نظرة إيجابية
ويرى محمد فؤاد، الخبير الاقتصادي وعضو لجنة الاقتصاد الكلي الاستشارية لمجلس الوزراء، أن تقرير موديز كان في مجمله إيجابيًا، مضيفًا أن المتغيرات الحالية، بالإضافة إلى عدم استغراق وقت كافٍ في الإصلاحات، قد لا تكون محفزة لرفع الجدارة الائتمانية في هذا الوقت، لكنها على الأقل كافية لإعطاء نظرة إيجابية.
وأضاف فؤاد، في تصريحاته لـ«الشروق»، أن التطورات الجيوسياسية المحتملة قد تُصعّب من قدرة البلاد على تمويل الديون، وبالتالي تؤثر على سعر الصرف.
وتؤثر تصاعد حدة التوترات في غزة والتهديد باستئناف الحرب مرة أخرى سلبًا على مؤشرات الاقتصاد المصري، خاصة فيما يخص إيرادات السياحة وقناة السويس، بالإضافة إلى أن الضغط المستمر من قبل الرئيس الأمريكي على مصر والأردن للقبول بسيناريو التهجير يزيد من حدة التوترات الجيوسياسية.
وأشار إلى أن موديز حذرت من مخاطر محتملة مع ارتفاع الطلب على العملة الأجنبية، في حال أدت التطورات الإقليمية إلى تدفقات خارجة أو انخفاض الثقة في الجنيه، هذا إلى جانب احتمالية ظهور تحديات تتعلق بالسياسة المالية، في ظل سعي الحكومة المصرية لتعزيز الإنفاق الاجتماعي، وأكدت ضرورة وجود تحسينات مستدامة في فعالية السياسة النقدية والمالية.
قدرة مصر على سداد التزاماتها الخارجية حافظت على استقرار التصنيف الائتماني
من جانبه، قال محمد حسن، العضو المنتدب لشركة ألفا لإدارة الاستثمارات المالية، إن قرار موديز بتثبيت التصنيف الائتماني يرجع إلى حالة الاستقرار التي شهدها الاقتصاد خلال الفترة الماضية، بالإضافة إلى قدرة مصر على سداد التزاماتها الخارجية.
وأضاف حسن أن الوضع الاقتصادي يسير بشكل جيد، كما أن لدينا القدرة على سداد المديونيات في موعدها، ولكن تصاعد التوترات الجيوسياسية ساهم في تأجيل قرار موديز برفع التصنيف الائتماني، لأن هذه التوترات من الممكن أن تؤثر بالسلب على الاقتصاد المصري.
وأوضح أن انتظار قرار رفع التصنيف الائتماني جاء أيضًا لقراءة معدلات التضخم خلال الفترة المقبلة، ومدى تأثرها بالزيادة التي تشهدها الأسعار، فضلًا عن أن مستويات الفائدة ما زالت مرتفعة، وبالتالي من الممكن أن نشهد تحسنًا في التصنيف عندما تبدأ معدلات الفائدة بالانخفاض، وهو الأمر المتوقع أن يحدث في النصف الثاني من العام الحالي.
وكانت «موديز» قد توقعت في تقرير سابق صدر في نوفمبر الماضي أن ينمو الاقتصاد المصري خلال العام المالي الحالي بنسبة 4%، كما توقعت أن يتراجع التضخم في مصر العام المالي المقبل إلى نحو 16%، مقابل نحو 27.5% خلال العام المالي الحالي.
وعدّلت الوكالة نظرتها للاقتصاد المصري من سلبية إلى إيجابية في مارس 2024، بعدما اتخذت الحكومة حينها عددًا من القرارات، أبرزها توحيد سعر الصرف ورفع سعر الفائدة بنسبة 6%، ثم أعلنت الحكومة عن التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي برفع قيمة قرض مصر إلى 8 مليارات دولار، فيما تنتظر الحكومة صرف الشريحة الرابعة بقيمة 1.2 مليار دولار خلال الشهر الحالي.