أوجه متشابهة بين مدينتين إيطالية ونمساوية تنم عن تصاعد التيار الشعبوي قبيل الانتخابات الأوروبية - بوابة الشروق
الأحد 30 يونيو 2024 10:44 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أوجه متشابهة بين مدينتين إيطالية ونمساوية تنم عن تصاعد التيار الشعبوي قبيل الانتخابات الأوروبية

بيزا (إيطاليا)/فيلز (النمسا) - د ب ا
نشر في: الثلاثاء 21 مايو 2019 - 4:02 م | آخر تحديث: الثلاثاء 21 مايو 2019 - 4:02 م

تقول سوزانا سيكاردي "في أوروبا مثلما هو الحال في مدينة بيزا، نحن نساند الأوضاع والمواقف التي يجب أن تؤخذ على أنها أمور مسلم بها، مثل القانون والنظام وفكرة الأسرة الطبيعية المكونة من أم وأب".

وتضيف سيكاردي وهي نجم صاعد في حزب الرابطة الإيطالي اليميني المتطرف الذي ينتمي إليه وزير الداخلية الإيطالي ماتيو سالفيني، "لماذا يتمتع حزب الرابطة وغيره من الأحزاب الشعبوية والراغبة في تأكيد سيادتها الوطنية بهذه الدرجة العالية من الشعبية بين المواطنين ؟. السبب في ذلك إننا نعبر عما يعتقده رجل الشارع العادي".

وقد يختلف الكثيرون مع هذا الرأي بشدة، غير أنه من المؤكد أن حزب الرابطة إلى جانب حزب الحرية النمساوي، وحزب التجمع الوطني الفرنسي (الجبهة الوطنية سابقا) ،يهدفون إلى قلب المشهد السياسي في أوروبا رأسا على عقب، وذلك في انتخابات البرلمان الأوروبي التي ستجرى الأسبوع الحالي.

ويأمل تحالف الأحزاب الشعبوية اليمينية المتطرفة إلى إعادة إنتاج النجاح المحلي ليصبح على المستوى الأوروبي، وهو النجاح الذي حققه سياسيون من أمثال سيكاردي التي تشغل منصب الزعيم الإقليمي لحزبها في توسكانيا وأيضا منصب عمدة مدينة كاشينا الكائنة بالقرب من مدينة بيزا، كما أنها مرشحة بارزة في الانتخابات الأوروبية.

وتعد سيكاردي التي تبلغ من العمر 32 عاما القوة المحركة وراء الزلزال السياسي الذي هز بيزا في يونيو من العام الماضي، حيث انتخبت هذه المدينة الشهيرة ببرجها المائل والتي تستضيف جامعة توسكانا أول عمدة لها يميني الاتجاه في تاريخها فيما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.

وتمسك الأحزاب الشعبوية بالفعل بالسلطة في العديد من الحكومات الوطنية في أوروبا، ولرؤية مدى تغير اتجاهات الحياة على المستوى المحلي، وما يمكن أن يخبئه المستقبل بالنسبة للمحليات عبر أوروبا في حالة استمرار صعود التيار الشعبوي، زارت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.ا) مدينتي بيزا بإيطاليا وفيلز بالنمسا التي تعد مدينة أخرى تحولت لتقع تحت سلطة الشعبويين.

وعند الوصول إلى بيزا نجد أن منهاج عمدتها ميشيل كونتي واضحا على الفور لأعين الزوار.

فمثلا كانت محطة القطارات تحيط بها سمعة أنها منطقة حافلة بالمشكلات، حيث تشيع فيها تجارة المخدرات والمشاجرات المتكررة بين المهاجرين، وردا على ذلك زادت الإدارة الجديدة من تواجد رجال الشرطة وحولت متجرا سابقا للمراهنات إلى مكتب للشرطة.

وفي إطار حملة التطهير التي قامت بها العمدة كونتي أزالت الأرائك الخشبية الموجودة بالقرب من محطة القطارات، والتي كانت مأوى مفضلا للمشردين والمهاجرين بشكل غير نظامي.

وفي أماكن أخرى استهدفت الإدارة الطلاب المشاغبين المتواجدين بوسط المدينة، حيث قامت برش درجات سلالم التماثيل الشهيرة بسائل صابوني، لمنعهم من الجلوس عليها وإحداث جلبة ليلا أو ارتكاب أعمال غير مشروعة.

ومن القرارات البارزة الأخرى رفض إقامة مسجد، وتغيير قواعد الإسكان الاجتماعي لمنع الأجانب من التقديم في مشروعاته.

ويعرب أندريا رومانيللي صاحب فندق قريب من محطة القطارات عن سعادته إزاء أسلوب معالجة إدارة المدينة للجرائم التي يرتكبها الأجانب في الشوارع.

غير أن ثمة سكان آخرون بالمدينة أقل تحمسا إزاء سياسات العمدة كونتي.

وشعر البعض بالاستياء من سياسات الإدارة المعادية للمثليين والمتحولين جنسيا.

ومن ناحية أخرى قال سيرجيو كورتوباسي، وهو عمدة اشتراكي سابق لمدينة بيزا إن حزب الرابطة "ملأ فراغا"، تركته الأحزاب اليسارية " التي خسرت كل نفوذها خلال الأعوام الثلاثين الماضية، بعد أن نسيت أنها ولدت لكي تدافع عن الفئات التي تعاني في قاع المجتمع".

ويمكن سماع تفسيرات مماثلة في مدينة فيلز الكائنة بشمالي النمسا، حيث فاز أندرياس رابل في الانتخابات على منصب العمدة بنسبة 63% من مجموع الأصوات عام 2015، وأدى فوزه لصالح حزب الحرية النمساوي إلى إنهاء سيطرة الاشتراكيين الديمقراطيين التي استمرت لعقود على هذه المدينة الغنية المزدهرة بالتجارة.

وعلقت لوريان شيانيكر عضو مجلس المدينة وتبلغ من العمر 31 عاما قائلة ل (د.ب.ا) إن "حزب الحرية النمساوي كان ماهرا في استغلال المزاج الشعبي الذي يشعر بالاستياء"، بين المواطنين.

وقالت إن إدارات المدينة السابقة اتسمت بالبطء البالغ في جهود إدماج المهاجرين بالمدينة، كما ارتكبت خطأ بتجميع الأجانب بشكل مركز داخل مشروعات للإسكان الاجتماعي قليلة العدد، مما جعل السكان المحليين يشعرون بأنهم أقلية في مدينتهم.

ويأتي معظم الأجانب الذين يمثلون ما نسبته ربع سكان المدينة من دول البلقان وتركيا، وجاءوا عبر عدة عقود وليس مثل اللاجئين الذين وصلوا مؤخرا.

ويعترف رالف دراك وهو مواطن يشارك في عدة مبادرات ثقافية ومتعلقة بالمجتمع المدني بمدينة فيلز، بأن مجيء الأجانب "يخلق حالة من القلق".

ويرجع السبب في ذلك جزئيا إلى الافتقار للتواصل بين مواطني النمسا والمهاجرين، وذلك وفقا لما يقوله دراك الذي يعمل إخصائيا اجتماعيا في فيلز.

وفي مكتب العمدة الكائن بميدان المدينة الذي تم تجديده مؤخرا، يعبر أندرياس رابل الذي يبلغ من العمر 46 عاما عن وجهة نظر مختلفة إزاء إدماج الأجانب.

ويقول "إننا نفذنا العديد من السياسات لزيادة الضغط من أجل الاندماج"، مستشهدا "بإرشادات تتعلق بالقيم" بالنسبة لمراكز الرعاية اليومية التي تهدف إلى ترسيخ الثقافة المحلية في أسر المهاجرين، وتم إدخال المهارات الألمانية كشرط لتلقي طلبات الإسكان الاجتماعي.

ومثله في ذلك مثل السيدة كونتي عمدة مدينة بيزا يعول رابل على القانون والنظام، وقام بنشر كاميرات المراقبة في شوارع المدينة ومارس ضغوطا كللت بالنجاح لتحويل مركز كان من المخطط إقامته لاستضافة اللاجئين إلى مدرسة لتخريج رجال الشرطة.

غير أن ذلك ليس هو العنصر الوحيد الذي يربط بين رابل وإيطاليا، فعندما أعلنت جزيرة مايوركا الإسبانية صيف العام الماضي أنها لا ترحب بوزير الداخلية الإيطالي سالفيني بسبب سياساته المعادية للهجرة، قام رابل بدعوته لقضاء عطلة في فيلز.

ومع ذلك أكد سالفيني توجهاته الشعبوية باختياره تمضية العطلة على شواطئ بلاده.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك