شراء الجنسية الثانية.. طموح الأثرياء وحلم الفقراء في لبنان - بوابة الشروق
الجمعة 20 سبتمبر 2024 3:42 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

شراء الجنسية الثانية.. طموح الأثرياء وحلم الفقراء في لبنان

وكالة أنباء العالم العربي
نشر في: الجمعة 22 مارس 2024 - 9:00 م | آخر تحديث: الجمعة 22 مارس 2024 - 9:00 م

في العاصمة اللبنانيّة بيروت، كان الشاب السوري قُصيّ عيسى (28 عاما) يقف عند نافذة منزله المطلة على لوحة ضخمة تحمل إعلانا يروّج للحصول على جنسيّة أجنبية مقابل 100 ألف دولار أميركي، تُمكّن الحاصل عليها من دخول أكثر من 100 دولة بدون تأشيرة.

يقول عيسى، الذي يراوده حلم السفر والهجرة، "معظم أبواب السفارات في العالم مغلقة بوجهنا، خاصة السوريين؛ وخلال السنوات الأخيرة، زادت التعقيدات، في حين من استطاعوا الخروج خلال السنوات الأولى من الحرب (التي اندلعت شرارتها الأولى في عام 2011) استفادوا من حقّ اللجوء والسفر".

يمضي عيسى في حديثه لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) قائلا إن "الحصول على جنسية ثانية تمنحني حق التنقّل هو حلمي؛ ولكن شراء الجنسيّة بهذا المبلغ هو المستحيل، ولو كنت أملكه لما ترددت لحظة للتواصل مع المكتب لشراء الجنسية".

يضيف "لو أن المهاجرين عبر البحر يملكون خيار الوصول دون مغامرة ومخاطرة إلى أوروبا، فهل كانوا سيرمون بأنفسهم أمام خيار الموت؟ لا يمكن إلقاء اللوم عليهم حين تنسد الخيارات أمامهم".

وخلال سنوات الأزمة الاقتصادية التي أدت إلى زيادة الطلب على الهجرة، انتشرت ظاهرة بيع الجنسيّات الأجنبية في لبنان بشكل مطّرد، حيث استغلّت بعض مكاتب السفر والمؤسسات المتخصصة هذه الفرصة وفتحت باب التقدّم للحصول على الجنسيات وفقا لشروط قانونيّة وماليّة محددة.

* جنسيّة أم استثمار
من جانبه، تحدّث جورج رافي، المهندس في شركة اتصالات ببيروت، عن خيار دفع المبلغ لشراء الجنسيّة أو الاستثمار به في لبنان، قائلا إنّ "المنطق يفرض مسار الاستثمار بدلا من دفعه (المبلغ) بشكل كامل لمجرّد شراء جنسيّة بلد ثان والانطلاق بحياة مختلفة في مكان جديد".

أضاف "الواقع لا يتناسب مع هذا المنطق؛ فما الذي يضمن لنا عدم حدوث أزمة اقتصادية جديدة في المستقبل تُشبه ما نعيشه ونخسر كل ودائعنا بالمصارف؟"

وتساءل: "إذا أردت الاستثمار بمبلغ ضخم يعادل 100 ألف دولار، فمن سيحميني من الفساد والزبائنية بأن أكون تابعا لسياسي أو مرجعيّة حزبية لتحميني ويكون شريكا معي في المشروع حتى أتمكن من العمل؟"

ويرى رافي أن التنقل بين الدول قد يمنحنه "فرصة كبرى لإعادة تحصيل المبلغ المدفوع".

* إجراءات قانونيّة
وأوضح المحامي شربل كامل الشروط التي تحددها تلك الدول للحصول على جنسيّاتها، قائلا إن "العديد من الحكومات اتّخذت خطة استقطاب المستثمرين إليها من خلال تقديم تسهيلات بطرق متنوّعة؛ ففي اليونان، يُمكن شراء عقار بقيمة 250 ألف يورو للحصول على إقامة دائمة".

أضاف: "بعض الدول تقدّم تسهيلات في الأوراق الشخصية المطلوبة، كالحصول على مستند يُثبت أهليّته (الشخص الراغب في الهجرة) وعدم صدور أحكام جرميّة بحقه؛ فالأولويّة بالنسبة لتلك الحكومات هي تأمين المبلغ، تليه الإجراءات القانونية".

وأشار إلى أنّ الدول التي تنشط فيها حركة بيع الجنسيات من بينها دول منطقة الكاريبي "مثل أنتيغوا وباربودا والدومينيكان وغرينادا وسانت كيتس ونيفيس وسانت لوسيا".

وقال: "هذه الدول تصدر أوراق الإقامة دون الحاجة إلى مقابلة شخصية ولا اختبار لغة؛ ومدّة الموافقة قد تستغرق ستّة أشهر فقط ولا تفرض شرط الإقامة فيها.. معظم الراغبين في الشراء يتوجّهون إليها، كونها تؤمّن لهم حريّة التنقل في أوروبا دون الحاجة إلى تأشيرة والإقامة في المملكة المتحدة لمدة نحو ستة أشهر، إضافة إلى عدد من البلدان في آسيا وأميركا اللاتينية وأفريقيا".

لكنّه حذّر مما وصفها بعمليات احتيال تقوم بها مكاتب غير مرخّصة؛ وقال "قبل التوجّه إلى شراء الجنسيّة، يجب التأكد من المكتب الوسيط الذي تتم من خلاله العملية، عبر الاستعانة بمحامين أو جهات رسميّة نقابية في مجال السياحة والسفر، وعدم الانجرار وراء الإعلانات عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي".

أضاف "الجنسيّات التي تصل تكون عبر الأمن العام اللبناني؛ وكلّ ما لا يمرّ عبر هذه القناة الرسمية يكون غير قانوني".

* خطوات غير مشروعة
من جانبها، حذّرت أستاذة القانون الدولي نتالي صايغ من خطورة التوجّه لشراء الجنسيات الثانية دون الانتباه إلى توابعها.

وقالت في حديث لوكالة أنباء العالم العربي إن: "الإغراءات التي تقدّمها الشركات، تُنسي الزبون أنّه له حقوق وعليه واجبات في البلد الذي سيكتسب فيه صفة مواطن".

أضافت: "قبل الشراء، يجب السؤال عن النظام الضريبي والخدمة العسكرية، وإن كان يُفرَض على صاحب الجنسيّة مدة إقامة معينة والمشاركة في الانتخابات المحلية".

وتابعت: "معظم من يختارون الجنسية الثانية يريدون الاستثمار؛ فبحثهم سيكون عن معدّل الضريبة وسهولة الحركة والتنقل والتجارة بين البلدان وتطوير رؤوس أموالهم".

وأشارت إلى أنّ بعض رجال الأعمال يتوجّهون إلى إخراج مبلغ كبير من المال "ضمن عملية غير شرعية هي تبييض الأموال؛ فيكون شراء الجنسية والاستثمار في بلد آخر فرصة للهروب من المُساءلة القانونية".

وأردفت قائلة إن عددا من التقارير الصحفيّة ضمن مشروع (باسبورات الكاريبي) الاستقصائي العابر للحدود "تشير إلى توجه عدد من السياسيين ورجال الأعمال العرب إلى تلك الدول للاستثمار بأموالهم بطريقة غير مشروعة".

أضافت: "يختلف الأمر بين شراء الجنسيّة واكتسابها عن طريقة الإقامة؛ فمن يريد اكتساب الجنسيّة الكندية تفرض عليه مدّة إقامة خمس سنوات، فتكون الحماية القانونيّة أكثر تماسكا بالنسبة لمكتسب الجنسية؛ في حين أن الدولة التي تمنح حقّ الجنسية عن طريق الشراء، فما المانع من أن تصدر تشريعات تفرض فيها شروطا وأحكاما جديدة على الحاصلين عليها قد تصل إلى حدّ سحبها منهم".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك