رواية «كان» لـ نور عبدالمجيد.. رحلة ممتعة لاكتشاف قيم الهوية والانتماء - بوابة الشروق
الجمعة 20 سبتمبر 2024 1:37 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رواية «كان» لـ نور عبدالمجيد.. رحلة ممتعة لاكتشاف قيم الهوية والانتماء

أسماء سعد
نشر في: الجمعة 23 أغسطس 2024 - 5:42 م | آخر تحديث: الجمعة 23 أغسطس 2024 - 5:42 م


تجربة أدبية غنية ومؤثرة، يطوف القارئ معها ليختبر طيفاً واسعاً من المشاعر الإنسانية، حيث سيل من الأفكار والمشاعر في رواية "كان" للكاتبة نور عبدالمجيد، في عملها الصادر عن دار المصرية اللبنانية، حيث تغوص رواية "كان" في أعماق النفس البشرية، مستكشفة متاهات الهوية والانتماء.

تسلط الرواية الضوء على الوجه القبيح للعنصرية والازدواجية، وتطرح تساؤلات جوهرية حول طبيعة الحرية والسلام. هل هما حق حصري لشعوب معينة؟ أم هما سراب يلاحقه الإنسان طوال حياته؟ تسافر الرواية بنا عبر الزمان والمكان، من القاهرة إلى مرسيليا، في رحلة بحث عما يضفي معنى للحياة، وفي محاولة لفهم معنى الوطن والهوية في عالم متغير.

يطوف الكاتب داخل الرواية بين خليط من المشاعر، من الحزن الأليم إلى الفرح المنتصر، ومن الألم الحاد إلى الراحة البالغة، تتناول الكاتبة المبدعة نور عبد المجيد في هذا العمل الفني الرقيق مجموعة من القضايا الإنسانية الوجدانية التي تلامس أعماق النفوس، مثل معاناة الأبناء تحت وطأة آباء قساة لا يعرفون سوى القمع والسلطة، ودفعهم إلى البحث عن ملاذ آمن في أحضان غير قادرة على تقديم الحب الحقيقي، فضلاً عن قضية الهوية العربية في الغرب، وكيف يتعرض العرب للتمييز العنصري حتى وإن كانوا من نفس الديانة.

في خضم السرد الروائي الشيق للرواية، تبرز أسئلة وجودية كبرى، هل نحن محكومون بمصيرنا، أم أن لدينا القدرة على تغيير مسار حياتنا؟ هل الوطن هو المكان الذي نولد فيه، أم هو الشعور بالانتماء إلى مجموعة من الناس، حيث تتجاوز رواية "كان" حدود الزمان والمكان، لتقدم لنا رؤية عميقة عن طبيعة الإنسان وعلاقته بالعالم من حوله. إنها دعوة للتفكير والتأمل في حياتنا، وفي القيم والمبادئ التي نؤمن بها.

يتسرب يقين لدى القارئ أن رواية "كان" تخطو خطوات ثابتة نحو فضاء أدبي مميز، حيث تنسج نور عبد المجيد أفكارها، متجاوزة بذلك حدود الرواية النسوية التقليدية. ففي هذه الرواية، نجد أنفسنا أمام رحلة بطلة شجاعة تختار الهروب من قيود الواقع، تاركة وراءها كل ما ألفته، في رحلة بحث عن ذاتها. تبدو فرنسا وجهة هذه الرحلة، لكنها في الحقيقة بداية لمغامرة داخلية عميقة. تستحضر الكاتبة تفاصيل دقيقة، ترسم بها لوحات حية من واقع البطلة، لتجعل القارئ شريكًا في هذه التجربة الانسانية المعقدة.

لا تتوقف نور عبد المجيد عند حدود الحكي، بل تغوص في أعماق المعرفة لتثري روايتها. ففي "كان"، نجد أن الكاتبة قد أجرت بحثًا دقيقًا في مجالات متعددة، كالهندسة الوراثية، لتقدم لنا رؤية شاملة ومتكاملة عن عالم الرواية، هذا الاهتمام بالتفاصيل العلمية يضفي على الرواية عمقًا إضافيًا، ويجعلها تجربة فكرية ممتعة للقارئ.

تُعتبر رواية "كان" ساحة فنية قوامها الحروف والكلمات، تتداخل فيها الألوان الداكنة للصراع والمعاناة مع ألوان فاتحة للأمل والحب، حيث تروي الرواية قصة أبطال يبحثون عن أنفسهم في عالم مليء بالتناقضات، فينخرط القارئ سريعا مع إيقاع جذاب نحو سرد الرواية حول حكايات الهجرة والجهاد، وعن الخيبات والأحلام التي تتلاشى، لتثير الرواية في النفس تساؤلات عميقة حول معنى الوجود، وحول قدرة الإنسان على التغلب على الصعاب.

بأسلوبها السلس وأفكارها المبتكرة، تدعونا نور عبد المجيد في "كان" إلى رحلة استكشافية داخل أعماق النفس البشرية. ففي هذا النص الأدبي الرقيق، تتجسد معاناة المرأة بحثًا عن الحرية والهوية، في عالم يفرض عليها قيودًا اجتماعية وثقافية. تنجح الكاتبة في أن تجعلنا نشعر بكل ما تمر به بطلتها، وأن نشاركها أحلامها وآمالها وخيباتها.

تبرهن نصوص رواية "كان" على أنها أكثر من مجرد عمل أدبي، فهي دعوة للتأمل في قيم الإنسانية الأصيلة، مثل التسامح والتفاهم والعدل. إنها تذكرنا بأهمية الحب والعطف في بناء مجتمعات قوية متماسكة، وتدعونا إلى محاربة الظلم والتمييز بكل أشكاله.

يشار إلى أن نور عبدالمجيد، كاتبة سعودية ولدت بمصر لأبوين سعوديين، حصلت على ليسانس الآداب من جامعة أم القرى، وعلى دبلوم في التربية وعلم النفس من جامعة عين شمس في القاهرة. شغلت منصب مسؤول تحرير مجلة «مدى» السعودية لمدة عامين، ومنصب مساعد رئيس تحرير مجلة «روتانا» لمدة عام واحد. كتبت العديد من الروايات التي لاقت نجاحًا كبيرًا في الوطن العربي مثل "صولو- الحرمان الكبير - رغم الفراق" وبعض الروايات الأخرى التي تحولت إلى مسلسلات بسبب نجاحها الكبير مثل "أريد رجلًا - أنا شهيرة أنا الخائن".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك