ذكرى تأميم قناة السويس.. كواليس القرار التاريخيّ من منزل جمال عبد الناصر - بوابة الشروق
الجمعة 20 سبتمبر 2024 3:46 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ذكرى تأميم قناة السويس.. كواليس القرار التاريخيّ من منزل جمال عبد الناصر

محمد حسين
نشر في: الجمعة 26 يوليه 2024 - 5:26 م | آخر تحديث: الجمعة 26 يوليه 2024 - 5:29 م

تمر اليوم (26 يوليو) ذكرى إعلان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس بنقل ملكيتها من الحكومة الفرنسية إلى الحكومة المصرية مقابل تعويضات تمنح للأجانب، وجاء ذلك الإعلان في حشد جماهيري باحتفالات ثورة يوليو عام 1956. وأتى قرار تأميم القناة رداً على قرار البنك الدولي والولايات المتحدة وبريطانيا بسحب تمويلهم لمشروع بناء السد العالي. وفي تلك الذكرى، نستعرض كواليس الإعداد والترتيب للقرار من بيت الرئيس جمال عبد الناصر، كما رواها شهودها في كتابتهم ومذكراتهم.

مهمة صياغة القرار

ويعد الدكتور مصطفى الحفناوي من بين أبرز صناع قرار التأميم؛ حيث كلفه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بالصياغة القانونية للقرار التاريخي. ولأجل تلك المهمة تم استدعاء الحفناوي من الإسكندرية للقاهرة لمقابلة الرئيس عبد الناصر دون كشف تفاصيل، ما جعل الشكوك تتسرب لذهن الحفناوي. وعن تفاصيل اللقاء يقول مصطفى الحفناوي، في كتابه "هذا الفلاح وقناة السويس": "وكان ذلك اليوم شديد الفيظ، وكان الرئيس يجلس مع آخر بالحديقة، ولم أكن أعرف هذا الآخر يومئذ، ثم علمت بعد انصرافنا أنه علي صبري مدير مكتب الرئيس يومئذ للشئون السياسية وأذكر أنه بمجرد أن دخلت من الباب الحديدي للدار نهض الرئيس - رحمه الله - بمجرد أن لمح وجهي، ولقيني في منتصف الحديقة وصافحني بحرارة، وقال في أدب جم أسف أحد الأسف للطريقة التي استعملناها في إحضارك، فقد استعنا بالبوليس وأجهزة الأمن في القاهرة والإسكندرية. فبحثوا عنك في القاهرة، فوجدوا بيتك موصدا وكذلك مكتبك واتصلوا بنقابة المحامين وبجميع معارفك بالقاهرة للاهتداء إليك بدون جدوى واتصلوا بنقابة وكلاء المحامين للتعرف على وكيل مكتبك لعله يرشد عنك بلا فائدة، ثم نجح بوليس الإسكندرية ولما عرف مكانك تم عمل الترتيب اللازم لنقلك بالطائرة".

ويضيف الحفناوي عن المقابلة: "واستطرد الرئيس جال عبد الناصر، وقال: أتعرف لماذا دعوتك لمقابلتي؟ قلت: لا. قال الرئيس إنه قرر تأميم شركة قناة السويس، وتكريما للجهود الضخمة التي بذلتها في هذه القضية عهد إلي بأن أكتب مشروع قرار جمهوري بتأميم الشركة، وأن الأمر جد عاجل، وأنه سيعلن هذا القرار للعالم كله في خطاب قرر أن يلقيه بعيدان المنشية بالإسكندرية في الساعة الثامنة من مساء يوم 26 يوليو سنة 1956 وجرى بيننا حديث طويل امتد إلى وقت متأخر من الليل، حيث طلب مني - رحمه الله - أن أبسط القضية، بدءا بالتاريخ، منذ قناة فرعون، وألا أوجز قط، وقال: أنا لا عمل لي الآن سواك. ألديك مانع من أن تستمر جلستنا إلى الصباح؟".

وواصل: "وانتهت المقابلة بأمر لي من الرئيس بأن ألقاه في الليلة التالية ومعي مشروع القرار الجمهوري في ساعة عينها، وتمت المقابلة في الليلة التالية بحجرة الرئيس بمبنى قيادة الثورة بالجزيرة، وجرى فيها من الأحاديث ما جرى، وكان الأمر المشدد الذي صدر لي، هو ألا يعرف كائن من كان أني موجود بالقاهرة؛ وذلك مراعاة لأقصى درجات السرية، كي لا يتنبه العدو فيأخذ حذره. وبقيت منقطعا عن العالم مختفيا بين جدران سكني بالقاهرة إلى الساعة والدقيقة التي تحدث فيها الرئيس وأعلن القرار، فانتقلت إلى مقر شركة القناة بجوار منزلي في جاردن سيتي ودار حديث حاد بيني وبين الكونت دي جرابيه الرئيس المحلي للشركة بمصر حتى حضور قوة الشرطة المكلفة بتنفيذ إجراء التأميم بمقر القاهرة وهنا رأيتني أفتح في نفس الدقيقة أول محضر لأول مجلس إدارة مصري للقناة السويس".

كلمة السر دليسبس

وتقدم لنا مذكرات السيدة تحية عبد الناصر زاوية أخرى لرواية تفاصيل القرار التاريخي، وذلك في أحد فصول كتابها "ذكريات معه" الصادر عن دار الشروق.

تقول تحية عبد الناصر: "في صيف سنة 1956 ذهبنا للإسكندرية في نفس البيت الذي كنا فيه في الصيف السابق. وقت الاحتفال بأعياد الثورة وقبل 23 يوليو رجعت والأولاد للقاهرة كما هي عادتنا، وفي 25 يوليو ذهبت إلى الإسكندرية مرة أخرى. وفي يوم 26 يوليو في المساء حضر الرئيس للإسكندرية لإلقاء الخطاب في ميدان المنشية، وبعد أن صافحني قال إن عنده اجتماعا مع الوزراء في الصالون في البيت، وسيحضرون بعد قليل. وكنت سأذهب لسماع الخطاب في عمارة بجوار المبنى الذي سيكون فيه الرئيس في ميدان المنشية".

وتابعت عبد الناصر حديثها: "خرجت.. وهو لا يزال مجتمعا مع الوزراء في الدور الأول في الصالون، وذهبت قبل وصوله وجلست في شرفة لأراه وأسمعه وهو يلقي الخطاب. حضر جمال عبد الناصر وألقى خطابه التاريخي. بعد رجوعي للبيت حضر الرئيس وجاء كثير من الزوار، وامتلأ الدور الأول وظل معهم ثم صعد للدور الثاني.. ولم ينم وظل طول الليل يتحدث بالتليفون وقال لي: لم يكن أحد من الوزراء يعلم بتأميم القناة غير اثنين.. والباقي ذهل عند سماعه الخبر ونحن مجتمعون في الصالون. وحدثني عن كلمة السر دليسبس.. فقلت له: عندما كنت تذكر دليسبس ــ وقد قلتها عدة مرات ــ كنت أقول في نفسي: لماذا يتحدث عن دليسبس؟ وكانت المفاجأة عند سماعي بتأميم قناة السويس.. وسمعته بصوته ونبراته الرنانة وهو يقول «قرار من رئيس الجمهورية بتأميم الشركة العالمية لقناة السويس». أمضى الرئيس ليلتين في الإسكندرية في اتصالات وشغل متواصل ثم رجع للقاهرة".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك