شهرزاد.. بضع ليالٍ أخرى: سيرة الحكاءة العظيمة قبل ألف ليلة وليلة - بوابة الشروق
الجمعة 31 يناير 2025 12:43 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

شهرزاد.. بضع ليالٍ أخرى: سيرة الحكاءة العظيمة قبل ألف ليلة وليلة

محمود عماد
نشر في: الثلاثاء 28 يناير 2025 - 7:21 م | آخر تحديث: الثلاثاء 28 يناير 2025 - 7:21 م

 

ألف ليلة وليلة تلك التحفة الإبداعية الخالدة فى تاريخ الحكاية، التى ألهمت من فى الشرق والغرب بلا استثناء، وأسست لمدارس كتابية فى الكتابة الحديثة، وألهمت كتابا لطرق سردية بديعة، ألف ليلة وليلة بكل غرائبيتها المشهورة عنها، وبشهريار وشهرزاد حكاءة هذه الليالى العجيبة التى تجاوزت الألف ليلة بليلة، وهى لها مكانة عظيمة وأسطورية فى الأدب بشكل عام، فهى أسطورة من الأساس عن ذلك الملك شهريار الذى يتزوج من فتاة كل يوم، ويقتلها فى كل ليلة بسيف الجلاد مسرور ليحاول الانتقام من ذكرى ما عن الخيانة، حتى تأتى شهرزاد والتى تقرر أن تنقذ ما تبقى من فتيات البلاد، والتى اقتربنا من الفناء وتتزوج شهريار، وعند سيف مسرور أغوته بالحكايات، والتى استمرت فى سردها له لألف ليلة وليلة.

أما فى كتابنا «شهرزاد.. بضع ليالٍ أخرى» للكاتب مصطفى الشيمى، رسومات نور الترزى، والصادر عن دار الشروق فى أواخر العام الماضى، فنحن نرى سيرة أخرى للحكاءة شهرزاد، وهى سيرة ما قبل الليالى الألف وواحد، هى قصتها قبل لقائها بشهريار، وكأنها سردية جديدة يؤسسها الشيمى فى أسطورة مغايرة لحكايات ألف ليلة وليلة.

إننا هنا نعود بالزمان إلا ما قبل الليالى الألف وواحد المعهودة لنا، نعود بشخصية شهرزاد وأختها ودينازاد وحياتهما فى قصر أبيهما الوزير، شهرزاد التى تريد الحرية ترى فى قصر أبيها سجنًا كبيرًا تريد المغامرة، ونرى أيضا تلك الغرائبية التى نعلم أننا سنواجهها من البداية، والتى تبدأ معنا بقزم الساعة السحرية، وهنا نتأكد بأننا أمام ليالٍ لا تقل عجائبية أو فانتازيا عن الليالى المعهودة.

رحلة هروب شهرزاد ستكون نقطة انطلاق روايتنا، والتى ستنضم لنا فيها دنيازاد وأحد أقزام الساعة العابثين بالوقت، والذين يمثلون رمزية فريدة عن الزمان، ثم سينضم أصدقاء آخرون، وهم عنان وبليغ، وسنبدأ معا فى استكشاف ذلك العالم العجائبى الذى نرى فيه الأشياء المستوحاة من الليالى الألف وواحد، نرى العمالقة، وسوق المخلوقات العجيبة، نسمع عن الأساطير والجنيات، ونمر من عند الأربعين حرامى، ونرى الغيلان، ونعيش مغامرات ألف ليلة وليلة، ولكن بشكل شبابى أكثر.

إننا أيضا نرى فى الرواية تلك الشجاعة والمغامرة فى روح ونفس وشخصية شهرزاد، والتى اشتهرت بهم فعلا بعد ذلك، وذلك تصدير جيد يراعى تفاصيل الحكاية الحقيقية المستوحاة منها الرواية، ونرى كيف تستطيع شهرزاد الإغواء بشخصيتها وحضورها بالإضافة لجمالها، وهذا ما سيحدث مستقبلا مع الملك شهريار سفاح زوجاته من النساء.

إننا أيضا هنا لسنا أمام رواية يافعين بذلك الشكل المتعارف عليه، بل إننا هنا أمام رواية عابرة للنوع، وعابرة للأجيال، وعابرة لتصنيف العمرى، هى كتابة مختلفة ومغايرة لأدب اليافعين، والذى يحترفه الكاتب مصطفى الشيمى، وهذا ما سيشعر به أى قارئ للرواية فهو سيستشعر منذ الوهلة الأولى أن تلك الرواية عبرته من اليافعين إلى فكرة أكثر حكايتية.

فإن فكرة روايات اليافعين هنا ربما عندما نقرأ ستتلاشى من رءوسنا، فإن الرواية التى بين أيدينا هى رواية عابرة لفكرة النوع والتصنيف، وهى التمثيل والرمز الحقيقى لفكرة الكتابة الصادقة الكتابة الحقيقية، والتى هى بالأساس خارج كل التصنيفات، ولهذا فإننا نرى فى رواية «شهرزاد.. بضع ليالٍ أخرى» ذلك الخروج عن التصنيف فهى رواية صالحة لجميع الأعمار.

هى تلك الرواية التى تحمل حكاية غرائبية خيالية فانتازيا ممتعة، وفى نفس الوقت مكتوبة بطرق كتابية ليست مستسهلة، بل بلغة متزنة ليست ركيكة أو ضعيفة، ولكنها سلسلة وبسيطة، وبسرد متداخل بين الراوى العليم العالم بكل شىء، وبين حوارات أبطال الرواية، ومع كل ذلك نرى أيضا تأسيس السردية الجديدة لأسطورة ألف ليلة وليلة بليالٍ أخرى لشهرزاد الشابة، ولا تخلو الرواية أيضا من رسائل إيجابية، ودروس مستفادة عن الإيمان بالنفس والمحاولة دائما، والتعاون، وأخذ زمام المغامرة، وربما عن الحب أيضا.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك