كتاب طابا.. كامب ديفيد: رحلة ثرية في أروقة الدبلوماسية المصرية والعالمية للراحل نبيل العربي - بوابة الشروق
السبت 14 سبتمبر 2024 5:10 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كتاب طابا.. كامب ديفيد: رحلة ثرية في أروقة الدبلوماسية المصرية والعالمية للراحل نبيل العربي

أسماء سعد وعبد الله قدري
نشر في: الجمعة 30 أغسطس 2024 - 6:42 م | آخر تحديث: الجمعة 30 أغسطس 2024 - 6:42 م

مجموعة من المحطات التاريخية حول أروقة الدبلوماسية المصرية والعالمية، إطلالة قوية على أسس التفاوض والتحكيم وفض النزاع، قدمها الدبلوماسى القدير نبيل العربى وزير الخارجية المصرى الأسبق، والأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، الذى رحل عن عالمنا منذ أيام، وذلك فى كتاب «طابا.. كامب ديفيد.. والجدار العازل ــ صراع الدبلوماسية من مجلس الأمن إلى المحكمة الدولية» ــ الصادر عن دار الشروق.
تميز الكتاب بقدرته الفائقة على الجمع بين الدقة والوضوح الشديد، ففى الوقت الذى تناول فيه قضايا حساسة ودقيقة، فإنه فعل ذلك بلغة سلسة وواضحة؛ حيث كشف النقاب عن الكثير من المحطات التاريخية، وذلك فى معرض سرده للعمل القانونى والسياسى والدبلوماسى المكثف والشاق لاستعادة طابا من خلال التحكيم الدولى.
وركز العربى فى كتابه على أهمية العمل الجماعى وضرورة الاستفادة من خبرات المتخصصين وبناء القرارات على أساس من المعلومات والتحليل، فكان فى كثير منه سياسيا وقانونيا، ما يكشف عن عمق فكر مؤلفها وإلمامه الواسع بموضوع الكتاب.
اشتمل المؤلف على هذا المزيج النادر بين التحليل العميق واللغة السلسة؛ حيث يسد نقصًا كبيرًا فى المكتبة العربية، فمؤلفه دبلوماسى مصرى استثنائى، وهو الدكتور «نبيل العربى» الذى شغل مواقع دبلوماسية بالغة الأهمية داخل مصر وخارجها، وكان مسئولًا عن أهم الملفات السياسية المصرية على مدى نصف القرن الأخير. يقدم الدكتور «نبيل العربى» فى هذا الكتاب الحقيقة الكاملة عن مُجريات ملف المفاوضات المصرية ـ الإسرائيلية التى انتهت باسترجاع طابا واستكمال تحرير الأرض المصرية، وقد كان الدكتور «نبيل العربى » رئيس الوفد المصرى فى هذه المفاوضات التى اعتُبرت انتصارًا دبلوماسيًّا ساحقًا.
غير أن المؤلف يأخذنا إلى جذور القضية منذ عام 67، ويكشف من موقعه المهم فى أروقة الدبلوماسية المصرية والعالمية باعتباره من صُناع الحدث، عن أهم محطات الصراع العربى الإسرائيلى منذ ذلك الحين. من ناحية أخرى، يُقدم الكتاب شهادة حية على تاريخ الدبلوماسية المصرية بما يتمتع به المؤلف من مصداقية ومسئولية رَجُلٍ عَملَ رئيسًا لمجلس الأمن الدولى، وبضمير قاضٍ فى محكمة العدل الدولية، وبوعى مثقف وأكاديمى نال الدكتوراه فى القانون الدولى من جامعة نيويورك.
يمثل هذا الكتاب إضافة نوعية للمكتبة العربية، فهو لا يقتصر على تقديم معلومات قيمة حول القانون الدولى وقواعد التفاوض، بل يتجاوز ذلك ليقدم رؤية عميقة لأعمال الدبلوماسية الدولية وكيفية اتخاذ القرارات فى المحافل الدولية. إن المؤلف، الدكتور نبيل العربى، بصفته دبلوماسيًا مخضرمًا، يمنح القارئ نظرة فريدة من نوعها على عالم الدبلوماسية، مستفيدًا من خبرته الواسعة فى التعامل مع أهم الملفات السياسية.
يشير فيه نبيل العربى إلى أن أزمة طابا بدأت قبيل 25 أبريل 1982، الموعد المقرر لانسحاب إسرائيل الكامل من سيناء. منذ ذلك الوقت، بدأت المحاولات والاتصالات لإيجاد حل للنزاع. وأوضح أن إسرائيل كانت على علم بأن الحكم القضائى لن يصدر لصالحها، وأن هدفها كان إفشال المحكمة فى إصدار حكم نهائى، مما يدفع مصر للعودة إلى التفاوض والدخول فى متاهات جديدة.
ويعلق العربى ــ حسب استعراض بوابة الشروق للكتاب ــ قائلاً: «إسرائيل قدمت موقعين مختلفين لمكان العلامة 91، وكان القاسم المشترك بينهما هو إبقاء منطقة طابا تحت السيطرة الإسرائيلية، وهو ما يعد موقفًا غير جاد بالنسبة لدولة تسعى لكسب قضية أمام محكمة دولية».
بعيدًا عن تصوير النزاع كمعركة عسكرية، يوضح العربى أن القضية كانت فى جوهرها نزاعًا قانونيًا. تولت وزارة الخارجية، وتحديدًا الإدارة القانونية والمعاهدات، مسئولية دراسة الوثائق وإعداد المواقف لمواجهة إسرائيل فى مختلف مراحل النزاع، بدءًا من المفاوضات وحتى إعداد مشارطة التحكيم، التى استغرقت تسعة أشهر من المفاوضات المكثفة.
ويذكر العربى أن القيادة السياسية كانت تتابع جميع التطورات عن كثب، مشيرًا إلى أن الرئيس حسنى مبارك أكد له شخصيًا أنه يعتبره المسئول الأول عن ملف طابا. أدار الفريق الحكومى المصرى النزاع بأسلوب علمى متحضر، وتم تشكيل لجنة قومية من كبار الخبراء فى مختلف المجالات ذات الصلة، تضم شخصيات بارزة مثل الدكتور يونان لبيب رزق، والدكتور أبو الحجاج يوسف، وكبار القانونيين مثل الدكتور وحيد رأفت والدكتور مفيد شهاب.
ويشير العربى أيضًا إلى أن التعاون الوثيق بين مختلف الجهات الحكومية واللجنة القومية كان له دور كبير فى النجاح الذى تحقق، مؤكدًا على الجهود الكبيرة التى بذلها الفريق الدبلوماسى العامل معه فى وزارة الخارجية، والذى ضم عددًا من السفراء والمسئولين الذين قدموا إسهامات مهمة خلال السنوات الخمس التى استغرقتها المفاوضات وتنفيذ الحكم.
وفى منتصف يناير 1986، وافقت الحكومة الإسرائيلية على عرض النزاع بشأن طابا على التحكيم الدولى، وبدأت المباحثات لصياغة مشارطة التحكيم. كانت مصر قد اتخذت موقفًا استراتيجيًا واضحًا لا تنازل عنه، يتمثل فى ضرورة إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل احتلال إسرائيل لسيناء.
خلال هذه المرحلة، استعان الدكتور نبيل العربى بخبرة الدكتور جورج أبى صعب، الذى كان لديه تجربة عملية فى بعض منازعات الحدود الدولية التى نظرتها محكمة العدل الدولية. ومع الأخذ فى الاعتبار أن جميع إجراءات التحكيم، بما فى ذلك المذكرات، ستتم باللغة الإنجليزية، وكون عدد من أساتذة القانون المصريين لا يجيدون هذه اللغة، تقرر ضرورة الاستعانة بعدد من المحامين المتخصصين فى التحكيم الدولى وذوى الكفاءة فى اللغة الإنجليزية.
قبل انعقاد هيئة التحكيم، تم تشكيل الوفد المصرى الذى سيعرض وجهة نظر مصر وحججها القانونية والتاريخية والجغرافية أمام الهيئة، برئاسة نبيل العربى بصفته وكيل الحكومة المصرية. كان له نائبان: السفير أحمد ماهر السيد، الذى تولى إدارة الشئون القانونية الدولية بعد مغادرة العربى لتلك الإدارة وانتقاله إلى جنيف، والسفير مهاب مقبل، الذى كان يشغل منصب مدير مكتب وزير الخارجية فى ذلك الوقت.
بعد انتهاء المرافعات الشفوية، التى جرت على جولتين فى مارس وأبريل 1988، وبفضل محاولات المحكم الفرنسى بيليه للتوفيق بين الطرفين واقتراحه قبول الموقف المصرى، أصبح من الواضح أن هيئة التحكيم تتجه نحو إصدار حكم لصالح مصر. وبدأت تتسرب بعض الأنباء غير المؤكدة حول ذلك.
ورغم محاولات إسرائيل المتكررة للمماطلة والتنصل من الالتزام بالتحكيم، أصدر مجلس الوزراء الإسرائيلى بيانًا فى 14 يناير 1986 يؤكد فيه قبول إسرائيل اللجوء إلى التحكيم الدولى.
تحددت جلسة 29 سبتمبر 1988 فى قاعة ألاباما الشهيرة بمقر حكومة مقاطعة جنيف للنطق بالحكم. وجاء حكم هيئة التحكيم قاطعًا وحاسمًا، إذ قضى بأن منطقة طابا تقع غرب الهضبة المطلة على خليج العقبة، وبذلك تكون ضمن الأراضى المصرية. وقد استند الحكم إلى أدلة مساحية وتاريخية وجغرافية لا جدال فيها.
كان كل طرف على علم مسبق بأن الحكم سيصدر لصالح مصر، وذلك بأغلبية أربعة أصوات مقابل صوت واحد.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك