حارسة الحكايات.. سجون نختار أن نحيا فيها - بوابة الشروق
السبت 1 فبراير 2025 2:49 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

حارسة الحكايات.. سجون نختار أن نحيا فيها

إيمان صبرى
نشر في: الجمعة 31 يناير 2025 - 8:51 م | آخر تحديث: الجمعة 31 يناير 2025 - 8:51 م

علاقة غريبة تلك التى تجمعنا بالماضى، ماضى الأشياء والأحداث وحتى الماضى الخاص بالآخرين، مشغولون نحن بما حدث حتى تحول إلى سجن كبير لا نستطيع الخروج منه والسبب لسخرية القدر أننا المسجون والسجان فى آن واحد، نحن من نستدعى الماضى مهما كان للواقع من غلبة وحضور قوى، فدائما يطل الماضى فى صور مختلفة باختلاف شخصية كل منا بين الحنين والندم.

فى قصص حارسة الحكايات أحدث أعمال الكاتب إبراهيم فرغلى الموجودة ضمن أحدث إصدارات دار الشروق فى معرض القاهرة للكتاب، يستحضر الكاتب طريقة تعامل كل منا مع الماضى، فيستعرض السجون التى بداخلنا ونعيش فيها بمحض إرادتنا فنتشابه بالرغم من اختلاف الزمان والمكان والشخصيات وذلك من خلال ثمانى حكايات تدور أحداثها بين عوالم متعددة، بين الحقيقة والفانتازيا التى نكتشف أنها الواقع ولكن بصورة مختلفة.

• أشباح المغارة


لا أحد يعرف كيف وقعت هذه المجموعة من الرجال فى الأسر، أو ما هى طبيعة المعركة وأسبابها، حتى أسباب خروجهم بعد سنوات من السجن ظلت مجهولة، لكن ما يعرفه الجميع أن حصولهم الكامل على حريتهم يشترط أن يستعد كل واحد منهم لمواجهة ماضيه، عليهم أن يخرجوا فى مجموعات منتظمة وفق معلومات محددة يجب تنفيذها بدقة لتحقيق المواجهة، لكن المشكلة الأكبر أن صورة كل منهم فى الماضى مجهولة الهوية، لا أحد يعرف الهيئة التى سوف يظهر عليها ماضيه مما أدى إلى تفاقم الأمور ووقوع معارك غير محسوبة وبالتبعية المزيد من الخسائر.

فى هذه الحبكة إسقاط روائى على رغبة كل منا فى تصحيح أخطاء الماضى التى ندركها وفق معطيات الحاضر، وهنا السؤال هل التغيير الذى ندرك أهميته يمكن أن يتحقق إذا حدثت المعجزة بالرجوع بالزمن أى عودة الماضى؟ وإذا رجعنا بالزمن هل تتغير معطيات هذا الزمن وظروفه؟ فالإدراك الذى نعيشه الآن كان يقتضى مرور الأيام، أى أن يصبح ما حدث ماضيا. وإن حدثت المواجهة وبدأنا التغيير وتصحيح ما حدث، هل يمنعنا ذلك من ارتكاب أخطاء جديدة تحول الحاضر إلى شبح جديد وقد تزيد من تشويه الماضى؟ وإن حدث التغيير بسلام دون المزيد من الخسائر هل يمكن أن نغير مصير الضحايا أو نعوضهم عن معاناتهم؟

سينيمافيليا يحدث كثيرا أن يحرق أحدهم مراكب الحياة من خلفه ويذهب فى رحلة جديدة، يظن بذلك أنه قد تخلص نهائيا من ماضيه، من هزائم الوطن والهزائم الشخصية، فتأتى الغربة والوحدة لتواجهه بهذا الماضى بل تصبح فرصة للتفكير فيما تركه خلفه، ويزداد الأمر حدة على النفس حين يلتقى أحد يشبهه فى الفعل والرغبة بالرغم من انتمائه إلى بلاد أخرى، لكن الهزائم الإنسانية دائما تتشابه.

فيتحول كل منهم إلى فرصة يغتنمها الآخر للهروب من واقع اللحظة التى تستوجب مواجهة واعترافات تبدو لحظية كطيف ينسينا مروره السريع أنه كذلك يحجب الرؤية للحاضر فإذا بالماضى ماثل أمام أعينهم وكأنه لم ينته. هذا ما يعانى منه بطل الحكاية حيث ذهب إلى فرنسا للبحث عن فرصة جديدة للخلاص من أثر هزائمه أو لعلها تصالحه على ماضيه، فهل يمكن أن تتحقق تلك الأمنية؟

• قصر العزلة

فى قصر العزلة فرصة للصحفى النابه الذى طالما وضع على كاهله العديد من المهام الصحفية والإنسانية بهدف إنقاذ الآخرين لمواجهة نفسه. فى مهمته الجديدة التى تأخذه إلى واحدة من دور المسنين وحيث ينتظر لساعات، يستعيد المهام التى أفنى فيها حياته، هل كان على صواب؟ هل الجانب الذى عرفه من الحكايات يكفى لأن يكون الحقيقة التى يطلق على أساسها الأحكام؟

العديد من التساؤلات والإشكاليات يواجهها بطل الحكاية فى صحبة مكتبة كبيرة ينتظر لحظة تنفيذ مهمته الجديدة التى تقتضى تسليم مظروف يجهل ما فيه لشخص لا يعرفه.

فى هذه الحكاية بالتحديد روابط مشتركة بين القصص التى يرويها الكاتب، فيها الواقع بحقيقته، والفانتازيا، وتنوع السرد، أساليب السرد، فضلا عن الحضور الطاغى للأدب بعناوين لأعمال روائية من الأدب العالمى، والحيرة التى يفرضها تداخل السرد والشخصيات بين المعلوم والمجهول من الشخصيات، حيرة بينك وبين الآخر الذى تشعر أنه أنت ولكن الاختلاف الوحيد فى الظروف.

• حارسة الحكايات

فى هذه الحكاية يدق الكاتب بابا من أبواب التاريخ، يروى حادثة من أحداث الأندلس حيث تقوده الصدفة إلى أحد القصور التاريخية التى كان يظن أنه يعرف حكايته الحقيقية ويحفظها عن ظهر قلب، فإذا به أمام حقيقة الحكاية التى لم يهتم بشواهدها أحد، ترويها سيدة لم تفارق القصر منذ بنائه لتظل حارسة للحكاية حتى وإن لم يبحث عنها أحد.

وتظل الأحداث تنتقل بك بين التاريخ والحاضر، وبين الحقيقة والخيال فيرصد الكاتب شغفنا بالتاريخ الذى تحددت على أثره مصائرنا ولم يفكر أحد أنها فى أول الأمر وآخره كانت أحداث لبشر أخطاء إنسانية حتما تحتمل الصدق أوالكذب، ولكن هل معرفة حقيقة ما كان يمكن أن تغير فى الواقع من شيئا؟



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك