الأيتام ومعرض «صوت الصورة».. عندما تكون «الرسمة» أبلغ من أي تعبير - بوابة الشروق
الجمعة 20 سبتمبر 2024 3:36 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأيتام ومعرض «صوت الصورة».. عندما تكون «الرسمة» أبلغ من أي تعبير

معروض صوت الصورة
معروض صوت الصورة
هايدي بحيري
نشر في: السبت 31 ديسمبر 2022 - 4:00 ص | آخر تحديث: السبت 31 ديسمبر 2022 - 4:00 ص

للصورة دائما معنى يعبر عن صاحبه دون داع للحديث.. كلمات ودلالات تحمل المشاعر الإنسانية المختلفة، وتعكس رؤية صاحبها.. أحيانًا تكون لتوثيق الأحداث التي يمر بها، وأخرى لإظهار المشاعر والأفكار حين يتعذر الكلام أو عندما تكون الصورة أكثر إفصاحا وإبلاغا، ويمكن تستخدم لنشر الوعي بقضية ما، ومن هنا نبدأ حديثنا، هل للصورة صوت؟

 

صوت الصورة

شعار رفعته جمعية "وطنية" لتنمية وتطوير دور الأيتام، في معرض أقامته بعنوان "صوت الصورة"، لعرض وتسليط الضوء على تحديات الشباب الأيتام، وذلك من خلال عرض صور تم التقاطها بواسطتهم، لتعبر عن آرائهم، وتعرض جزءا من خبراتهم وتجاربهم داخل وخارج دور  الأيتام، بالإضافة إلى توجيه رسالة لكل من يهمه الأمر في المجتمع، لتسليط الضوء على قضية تمكين الشباب الأيتام في مصر.

 

صورة وحكاية

 

المعرض حضرته نخبة من الزوار المهتمين بالقضية والفن معًا، فجزء كبير من الرسالة معتمد على الفن، الذي يعبر عن أصوات المشاركين في المعرض.

 

وكأنهم فرقة موسيقية متكاملة الأركان، رفع شباب الأيتام صوتهم من خلال صورهم، مطالبين الجميع بالإنصات لرسالتهم، منهم من يبحث عن الأمان بعد خروجه من الدار، ومنهم من يوثق تعرضه للعنف خلال طفولته لعدم آهلية الإخصائيين الاجتماعيين للتعامل مع الأطفال، وآخرين يعبرون عن تطلعهم لأن يتعلموا كيفية التعامل مع المجتمع عند مواجهته.

 

الأحلام تتحقق تباعًا.. بالسعي والإرادة

بحضور نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي، وعزة عبد الحميد رئيس مجلس إدارة وطنية لتنمية وتطوير دور الأيتام، وحسن خليل أحد كبار مشايخ الأزهر، بالإضافة إلى المهندس توفيق الرشيدي، المؤسس والأمين العام لجمعية وطنية، ونخبة من أصحاب القرار والمهتمين بالقضية، انطلقت فعاليات المعرض.

 

تم عرض فيديو لشباب المشاركين لتوضيح رؤيتهم، قدمته نهلة النمر أخصائي أول الرعاية اللاحقة، وتم اختيارها كأول سفيرة لوزارة التضامن الاجتماعي، قائلة: "من 10 سنوات حضرت أول فعالية هنا وكانت أيضًا معرض للصور ولكن رسالته أننا نعرف الناس بوجودنا، والأن وبعد مرور السنوات، أنا هنا، شاهدة على إتاحة الفرصة لنا للحلم والطموحات، لدينا أفكار كثيرة لطرحها وحلول لكل الأيتام نحاول توصيلها لمن يهمه الأمر.

 

قال الشباب المشاركون إن المعرض تجربة لإتاحة الفرصة للتعبير عن مشاعرهم ومطالبهم، مضيفين أنهم لم يتقيدوا بشيء بعينه، بل كان الهدف توصيل الرسالة، عن أهمية الدعم النفسي.

 

"خالد" أحد الشباب المشاركين بصورة عن "المواهب المهملة"، أوضح أن هدفه كان تسليط الضوء لإعطاء فرص حقيقية للشباب الموهوبين بدور الأيتام، وأهمية توجيه الإدارات والمسؤولين للإهتمام بها وعدم تجاهلها.

سوسن الصاوي، شاركت بصورة عن الونس، وقالت عنها: "أقرب صورة قريبة لقلبي، هي الونس، كلنا في دايرة واحدة، بتشعرني بالدعم الذي نحتاجه عبر الطريق".

أما مروة أسامة اختارت أن تكون صورتها أمام البحر بالأبيض والأسود، للتعبير عن تقلبات الحياة التي تواجهنا جميعًا، قائلة: "لا يوجد شيء أبيض أو أسود فقط، فدائمًا ما يختلط اللونين سويًا في الحياة".

"دائمًا ما نبحث عن شخص يشاركونا الحديث عما يدور في رأسنا"، "عمو حسام" كان أحد هؤلاء الأشخاص الذي لجأ إليه علاء يوسف، للحديث معه والتعبير عن ضيقه، وبعد فقدانه لم يجد إلا الطريق ليصبح رفيقه الجديد فأختار أن تكون عجلته هي قصته الجديدة.

 

عمو حسام.. طريق طويل للأمام

بعد مشاهدة الفيديو التسجيلي، عبرت نيفين القباج عن سعادتها بالتواجد وسط الشباب الواعد، مؤكدة اهتمامها بالسماع لهم ومساندتهم خلال الرحلة، قائلة: "هذا الفيديو شاهد على العصر، كنت اتخيله غامق ولكني وجدت العكس، مشرق يرسم الابتسامة على الوجوه".

وأضافت: "حق من حقوقكم هو التعبير عن النفس"، نافية أنه حق مكتسب، ناصحة الشباب بألا يرتدوا للخلف أبدا، وتقديم المساعدة لغيرهم.

 

وقالت القباج:" الفيديو أعطاني أملا مختلطًا بخوف، أكيد هناك الكثير لا نراهم ولا نسمعهم، اتمنى تفكروا معايا في طريقة للوصول لهم ومساعدتهم.. انتوا السند لنا ونقطة البداية مثل عجلة عمو حسام.. طريق طويل ميرجعش للخلف أبدًا".

 

وأشارت إلى الأمل المنبعث من كل قصة تروى في الفعاليات، وكيف أنه كان الطريق لمعرفة ما تريد تحقيقه فيما بعد، مؤكدة اهتمامها بالقضية كإنسانة بخلاف وظيفتها كوزيرة للتضامن.

 

جلسة نقاشية مع الشباب

عقدت بعد ذلك جلسة نقاشية لعرض كل أفكار الشباب، وذلك تحت عنوان "من نفسي للعالم.. لقطات من الرحلة".

 

وأدارت الجلسة فرح شاش، شريك مؤسس لشركة "ذا كوميونتي هب"، مع مجموعة من شباب جمعية وطنية.

 

قال عمر محمد، إن تعرضه لعنف كبير في أحد دور الأيتام، جعله يفكر في السفر، ولم يعلم أن هناك نورا في نهاية الطريق حتى رآه في جمعية وطنية، التي أعطته الأمل والدعم الذى احتاجه طوال حياته، مؤكدًا أهمية الرعاية اللاحقة للأيتام بعد بلوغهم السن القانوني والخروج للمجتمع.

 

وأضاف أن الشاب عندما يخرج من بيت أهله يعود للأب والأم للنصيحة، ولكن اليتيم لا يجد من يذهب إليه لتقديم النصيحة.

 

سمر محمود، إحدى مؤسسي حملة الاستقلالية، قالت:" صورة المترو مثل حياتي.. مراحل كتير ووشوش أكتر"، معبرة عن خوفها الدائم منذ الصغر لمشاركة قصتها، إلى أن قررت حضور جلسات نقاشية بين الشباب ضمن حملة "مبادر" لتعلم كيفية المواجهة والتعبير.

 

وأضافت: "كنا خايفين نشارك قصصنا.. وصلنا لسن كبير من غير ما نقول إحنا مين، اتعلمنا نشارك ونتكلم وبنحس بفخر في كل مرة نشارك القصة".

 

لبنى صلاح، من مؤسسي حملة " استراحة نفسية"، اختارت صورة تعبر عن الحواجز النفسية التي طالما شعرت بها، ولم تترك المجال لنفسها لتستمتع بالحياة كما يجب، قائلة:" كنت فاكرة العالم برة كله واحد، زي الدار مفيش فروقات، ووضعت حواجز كثيرة حولي، وفي يوم قررت أكسرها".

 

وأكدت أهمية الصحة النفسية، وافتقاد كثير من دور الأيتام لها، لذلك كان هدفها من حملة "استراحة نفسية، تسليط الضوء على نفسية الشباب والحديث معهم عن الاعتزاز والثقة بالنفس، وضرورة  وجود طبيب نفسي في كل دار، كما أكدت أهمية التعاون بين إدارة الدور والشباب لمعرفة متطلباتهم.

 

وأضاف خالد محمد، طالب بالثانوية العامة ومدرب سباحة، أن هناك الكثير من التحديات التي تواجههم ولكن الإيمان بالقدرات والاعتماد على النفس، يجعلهم قادرين على المواجهة، مشيرًا إلى تأسيس حملة بعنوان" كن إيجابي"، لتوعية الشباب واكتشاف المواهب، كما توفر استراتيجية لكيفية التعامل مع الصعاب التي تواجههم في الحياة.

 

وعن تلقي الدعم في حياتهم، قالوا إن وطنية كانت أكبر  داعم لهم طول الطريق، بالإضافة إلى إخوتهم في الدار الذين يؤمنوا بقدراتهم.

 

لقاء مع متخصصين

بعد سماع الشباب جاء دور المتخصصين للرد على أسئلتهم ، وأدارت الحوار ياسمين الحاجري، المدير التنفيذي لجمعية وطنية.

 

وشكر محمد القماري المستشار القانوني بوزارة التضامن الاجتماعي، نيفين القباج على مجهودتها في الوزارة، مؤكدًا اهتمامهم بقضية الأيتام، ووجود استراتيجية لدراسة الفجوات والشكاوي التي تقدم من دور الأيتام المختلفة، موضحًا أن أهم القضايا هو الرعاية اللاحقة، وذلك لعدم إهتمام أغلب الدور بها وإغفالها رغم أهميتها.

 

وأوضح أن الرعاية اللاحقة تبدأ منذ الصغر في تعريف الأطفال بأن الدار هي مرحلة في حياتهم، يأتي بعدها الاستقلالية و النزول إلى سوق العمل، قائلًا:" بعد وصولهم للسن القانوني وخروجهم من الدار يشعرون بالصدمة، وعدم قدراتهم على المواجهة، ولذلك يجب علينا تأهيلهم لأرض الواقع"، مؤكدًا أهمية تعريفهم على حقوقهم والواجبات المطلوبة منهم.

 

وأكد دور المجتمع بالإضافة إلى جهود الوزارة، وتوفير الخدمات المختلفة للشباب، مضيفًا أن القطاع الخاص له دور كبير في توفير فرص  الشباب وانخراطهم في المجتمع.

 

فيما عبرت دكتورة إقبال السمالوطي أستاذة التنمية والتخطيط الاجتماعي، عن حزنها بوصف الأيتام" فاقدي الرعاية"، لأنها كلمة غير منصفة لهم، لما يتمتعون به من نضج لا يتواجد في كثير من الشباب، مؤكدة ضرورة بناء شبكات اجتماعية لهم للانخراط في المجتمع.

 

وأكدت أهمية تواجد دبلومة متخصصة للاخضائيين الاجتماعيين العاملين بالدور المختلفة، لتوعيتهم على كيفية التعامل مع الشباب، متمنية أن يكون الشباب الواعي سواعد لغيرهم.

 

وقال الدكتور نبيل القط، استشاري الطب النفسي، إن أهمية الوعي النفسي تكمن في رعاية ودعم الشخص  لنفسه، مضيفا: "نحن نولد بمرونة نفسية وهي القدرة على المرور للصعاب فلا يجب الاستسلام للإكتئاب بل مواجهته".

 

وعن دور الإعلام، قالت الدكتورة ميرفت أبو عوف رئيس قسم الصحافة والإعلام بالجامعة الأمريكية سابقًا، إن انفتاح العالم على الاعلام الإلكتروني، أظهر تناقضات كبيرة في الشخصية، ومعاناة الكثير من الشباب مع التوتر والقلق، واصفة التكنولوجيا بأنها سارقة للوقت وصفاء النفس.

 

وأكدت أن الوعي هو الرسالة التي يجب تبنيها في الإعلام، وخاصة غير المباشر من خلال الدراما والشعر والأفلام والأغاني، التي تجذب الجمهور لتلقيها والعمل بها.

 

وأوضحت أن الرسالة المباشرة دائمًا ضعيفة في توصيل الرسالة، كما أشارت إلى أهمية استخدام لغة بسيطة مفهومة لكل فئات الشعب والبعد عن المصطلحات الغير مفهومة للبعض.

 وأختتم المهندس توفيق الرشيدي، مؤسس وأمين عام جمعية وطنية، وصاحب إحدى دور الأيتام الحوار قائلًا:" عندى 16 حفيد في الدار، يجب على كل منهم أن يتصالح مع نفسه ويبقى عند الثقة الكبيرة في قدراته"، مضيفًا أن برنامج مبادر ساعدهم للنزول لسوق العمل و التعرف عليه ومواجهة الحياة.

 

في النهاية، وجهت عزة عبد الحميد رئيس وطنية الشكر لجميع الحضور، خاصة بالذكر نيفين القباج وزيرة التضامن الإجتماعي، ومشيدة بدورها في الإهتمام بقضية الأيتام، مضيفة أن حلمها تحقق بوصول صوتها وصوت الشباب للجميع.

 

فيما أشادت وزيرة التضامن بدور عزة عبد الحميد وفريق عمل وطنية، قائلة:" فريق عمل اسم على مسمى.. كلكم محبة للوطن، وتاج رأسه".

 

وأكدت خلال كلمتها، توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسي، لإقامة مؤتمر خاص للأيتام لمناقشة قضاياهم و التعرف عليهم، مضيفة أن الدولة تهتم بهم وتنظر إليهم، ووفرت لهم شقق سكنية لمن بلغ الـ

 عامًا.

 

وأضافت أن الدولة وفّرت بطاقات تموين وخبز وبطاقات ميزة بها مبلغ مالي يساعدهم على المعيشة، كما تعمل على توفير فرص عمل لهم، محاولة توفير كمبيوتر محمول لكل من أكمل تعليمه ليساعده في العمل، بما يخلق سوق عمل جديدا أمام الشاب.

 

وعبرت عن سعادتها بإغلاق 38 مؤسسة للرعاية، وذلك لخروج الأطفال إلى البيوت البديلة في سن صغيرة ما أدى إلى غلقها نهائيا، وهذا ما تسعى له الدولة، مشيدة بدور الإعلام في توعية المجتمع.

 

لكنها عبرت عن حزنها في عدم إيجاد الكثير من الشباب الذين خرجوا من الدور، بعد بلوغهم السن القانوني لإعطائهم حقوقهم، ولذلك قامت الوزارة بعمل قاعدة بيانات مميكنة للمساعدة إلى الوصول إليهم، مشيدة بدور وزارة الداخلية في هذا الملف.

 

وأشارت إلى أهمية عمل مجموعات دمج بين الشباب مقترحة اسم "مننا فينا"، لأهميتها في وعي الآخرين ممن يتلقوا الرعاية.

 

واختتمت حديثها بوعد كل من اشترك في المعرض الفني بكاميرا متطورة  لممارسة هوايته في التصوير والتعبير عن نفسه من خلال الصورة.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك