إسرائيل وأوروبا - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الأحد 22 ديسمبر 2024 3:41 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إسرائيل وأوروبا

نشر فى : الأحد 1 يونيو 2014 - 9:00 ص | آخر تحديث : الأحد 1 يونيو 2014 - 9:00 ص

كان الأسبوع الماضى أسبوعا أوروبيا. فقد أثار كل من زيارة البابا وانتخابات البرلمان الأوروبى ومقتل يهوديين فى عاصمة أوروبا بروكسل، تساؤلات عميقة بشأن شبكة العلاقات المعقدة بين أوروبا ودولة إسرائيل. ومع كل الاحترام لحليفتنا الكبيرة أمريكا، فإن أوروبا هى القارة الأقرب إلينا، ونحو نصف الإسرائيليين هم أبناء وبنات الناجين من المحرقة التى حدثت هناك. ومع كل الاحترام للمالكين الجدد لشركة تنوفا (التى اشتراها مستثمرون صينيون)، فإن أوروبا هى الطرف الدولى القريب، ومن دون صلة وثيقة بها من الصعب علينا الصمود والازدهار فى الشرق الأوسط.

شئنا أم أبينا، فإن أوروبا لها دور بارز فى طريقة تصرفاتنا السياسية والاقتصادية والأخلاقية والثقافية. وشئنا أم أبينا، فإن العلاقة الأوروبية ــ الإسرائيلية هى علاقة حب/كراهية يجب إصلاحها.

إن السيئ فى هذه العلاقة معروف وواضح: فخلال أكثر من ألف سنة كان اليهود هم «الآخر» المختلف فى أوروبا المسيحية، والضحية المطلقة فى أوروبا الحديثة. لذا، فإن أوروبا الموحدة اليوم، تتحمل المسئولية التاريخية عما اقترفه الكثير من الأوروبيين فى الماضى ضد الكثير من اليهود. طبعا من حق أوروبا انتقادنا والتنديد بالأعمال المستنكرة التى نقوم بها، لكن يتعيّن عليها دائما ألا تنسى الصلة التاريخية الواسعة. وكما تقوم أمريكا البيضاء اليوم.

بغض الطرف عندما تنظر إلى أمريكا السوداء، فإن أوروبا مضطرة إلى أن تحنى رأسها عندما تنظر إلى الشعب اليهودى والدولة اليهودية.

بيد أن الجيد يفوق السيئ: فالمشروع الأوروبى الكبير ما بعد المحرقة كانت الغاية منه مواجهة خطايا أوروبا وإخفاقاتها. من هنا، فإن الاتحاد الأوروبى تجربة جريئة لتقديم رد شامل على الحربين العالميتين الأولى والثانية، وعلى أشوفيتس (معسكر الإبادة النازية لليهود). والرسالة التى تكمن فى أساس هذا الاتحاد هى: لا مجال بعد اليوم للقوميات ولا للعنصرية ولا للعنف. وبناء على ذلك، فإن الجزء الأكبر من التحفظات الأوروبية الحالية على إسرائيل، لا تنبع من مشاعر معادية لليهود، بل هى نتيجة توصل الأوروبيين واليهود إلى استنتاجات متعارضة بشأن المحرقة. ففى حين عاد الشعب اليهودى إلى التاريخ والسيادة والقوة والوجود القومى، يحاول الاتحاد الأوروبى تجاهل التاريخ، وإعادة تعريف السيادة وتحديد القوة وخلق كيانات لا قومية.

ومن سخرية الأقدار أن محاولة أوروبا شفاء نفسها من أمراض الماضى، وكذلك محاولة اليهود التغلب على ضعف الماضى، وضع الطرفين على مسار تصادمى. فالذين كانوا جلادين ينظرون الى الذين كانوا ضحاياهم كما لو أنهم جلادون جدد ويتصرفون بطريقة عفا عليها الزمن وغير مفهومة.

إن انتخابات البرلمان الأوروبى تغير شيئا من هذه الصورة، فقد اتضح فجأة أنه تحت أوروبا الجديدة ما تزال هناك أوروبا القديمة. كما تبين أنه كان يكفى وقوع أزمة اقتصادية وموجة هجرة، كى يعود الكثير من الأوروبيين إلى كراهية الأجانب. إن دولا أوروبية كثيرة، عندما تواجه تحديات أقل بكثير من التحديات التى تواجهها إسرائيل، تتخلى عن اتزانها وتختار زعماء لا تقل ميولهم القومية عن ميول الزعماء القوميين الإسرائيليين.

بعد صدمة هذا الأسبوع، على الأوروبيين والإسرائيليين الجلوس للتحاور فى جوهر المسائل. سيقف الماضى الأليم بيننا إلى الأبد، لكن أيضا ستبقى المحاولات للتغلب عليه. لذا، لا مجال هنا للمواقف المتغطرسة، كما أنه لا مجال لعقدة الاضطهاد. لا تستطيع أوروبا أن تسمح لنفسها بالتخلى عن دولة اليهود، كما أن دولة اليهود لا تستطيع البقاء من دون دعم أوروبا.

التعليقات