توجد مصطلحات قانونية توضع فى شكل ثنائى ومتتالٍ ويتم الخلط بينهما حتى بين بعض من يشتغل بالقضاء، مثل الحكم النهائى والحكم البات، وسبق الإصرار والترصد، وهتك العرض والاغتصاب. فى هذا المقال سأتناول ثنائيتين، وفى مقال آخر الفرق بين هتك العرض والاغتصاب.

الفرق بين الحكم النهائى والبات
الحكم النهائى هو الذى يصدر من محكمة ثانى درجة أو المحكمة الاستئنافية، ولا يُقبل الطعن عليه بالطرق العادية مثل المعارضة والاستئناف مرة أخرى، ما يعنى أن الشخص المتقاضى لا يمكنه استئناف الحكم المستأنف من محكمة ثانى درجة، لكنه يستطيع الطعن عليه بطرق غير عادية مثل النقض والتماس إعادة النظر.
أما الحكم البات فهو الحكم الذى لا يستطيع المتقاضى الطعن أو الاعتراض عليه بأى طريقة من طرق الطعن سواء العادية أو غير العادية. ما يعنى نهاية طريق التقاضى.
وهل معنى إن إمكانية الطعن بالنقض أن النقض درجة ثالثة للتقاضى؟ أى الأولى هى الابتدائى، والثانية هى الاستئناف، والثالثة هى النقض؟ كنت أعتقد ذلك، لكن لا، النقض ليس درجة ثالثة: درجات التقاضى درجتان فقط وهى التى تنظر فى موضوع النزاع نفسه وملابساته ووقائعه. ولذلك تُسمى هذه المحاكم محاكم الموضوع. لكن النقض ينظر فى مدى صحة تطبيق محكمة الموضوع لنصوص القانون فى ضوء ما يُعرض عليها من وقائع النزاع، فإذا كان يوجد شك فى مخالفة القانون فيمكن إحالة الحكم للنقض لمراجعته ولذلك تُسمى محكمة قانون وليس محكمة موضوع.

الفرق بين سبق الإصرار والترصد
عندما كنت أسمع تهمة «القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد» كنت دائمًا على اعتقاد أن سبق الإصرار لا بد أن يكون متلازمًا مع الترصد، لكن لا، من الممكن أن تكون الجريمة قتل عمد مع سبق الإصرار، أو قتل عمد مع الترصد فقط، والاثنان بمفردهما ممكن أن يُشددا عقوبة القتل لتصل للإعدام.
والفرق بينهما أن سبق الإصرار يدل على تصميم شخص ما على إيذاء شخص آخر سواء بقتله أو ضربه أو جرحه أو إعطائه مادة ضارة. ويجب أن يكون سبق الإصرار مرتبطا بالزمن أى يجب أن يكون الشخص عاقد العزم على ارتكاب الجريمة قبل وقوعها وليس كرد فعل جعله يرتكب الجريمة وقتها. ويجب أن يكون الشخص فى حالة نفسية جعلته يُفكر ويُدبر ويرسم خطة لارتكاب الجريمة فى الوقت بين تصميمه على ارتكابها وتنفيذها. وممكن أن يكون سبق الإصرار متوقفًا على فعل يقوم به المجنى عليه المحتمل مثل أن يقول الجانى: «لو الشخص قام بهذا التصرف سأقوم بإيذائه».
أما الترصد فيحدث عندما يتربص شخص لشخص فى مكان معين مدة من الزمن لا يهم تعيينها ويرتكب الجريمة عندما يظهر المجنى عليه فى مكان الجريمة. كما لا يهم فى حالة الترصد البحث فى نفسية الجانى، لكن بماديات الجريمة وطريقة ارتكابها، ولهذا السبب يكون الزمان والمكان مهمين فى الترصد.