من اهم نتائج دستور العراق لعام 2005 الذى تم بناؤه على قانون ادارة الدولة «المرض الأول» والذى وضع أسسه الرئيسية اقطاب ما يعرف بـ«المعارضة العراقية السابقة» خلال مؤتمر لندن عام 2002، الأطوار الغريبة والتخريبية التى عاشها العراقيون فى ظل هذا الدستور والعملية السياسية.
وإذا كان التعليم الأساس الذى اعتمده جميع البلدان التى خرجت من حروب ودمار وحصار فإن الذين حكموا العراق بعد حصار طويل وقاس أول نشاط لهم غير معلن كان محاربة التعليم فى العراق، وبدلا من السير فى خطوات عراقية رصينة نتج عنها تخلص العراق من الأمية بالكامل فى بداية تسعينيات القرن الماضى فإن دستور العملية السياسية وسلوك رموزه رفعوا عدد المدارس المشيدة من الطين إلى اكثر من خمسمائة مدرسة، وتم العبث بالمناهج ضمن برامج تخريب الروابط المجتمعية العراقية الأصيلة وابعاد الكفاءات من العلماء والتربويين والإتيان بالطائفيين والأميين والجهال ليبسطوا سيطرتهم على جميع مفاصل التعليم، ولكى يمعنوا أكثر فى تخريب هذا القطاع الحيوى والمهم فقد اعطوه مرة لهذا الحزب الطائفى ومرة واخرى لحزب طائفى آخر، وبسبب المرض المتأصل فإن كل حزب يأتى يريد هيمنة طائفته على قطاع التعليم فى العراق، ويبدأ ماراثون التلاعب بالمناهج الدراسية لصالح الطائفة الفلانية، ويأتى الوزير بمستشارين مهمتهم الاساسية لا علاقة لها بتطوير التعليم ومسايرة ما يحصل فى دول العالم الأخرى وإنما البحث فى جميع الادوات والوسائل التى تزرع الأمراض فى المجتمع العراقى، ويلمس هذا السلوك جميع المختصين والتربويين الذين يتابعون التغييرات الممنهجة فى مناهج الدراسة وفى مختلف مراحلها، ويمكن العثور على بصمات الطائفيين المرضى فى تلك المناهج، كما أن المناصب العلمية التى يفترض تبوؤها من قبل العلماء تجدها مسندة للحزبيين من الطائفيين الذى ينتمى إليه الوزير وحصل على المنصب التربوى والتعليمى ليس وفق حسابات الارتقاء بالتعليم فى البلد وإنما وفق محاصصة أسس لها بول بريمر وكرسها قانون ادارة الدولة وثبتها بقوة دستور عام 2005، وفى كل مرحلة تسير فيها العملية السياسية إلى امام زمنيا يحصل التردى والتراجع الجوهرى فى جميع مفاصل التعليم فى العراق، وقد وصلت اعداد المتسربين فى العراق ارقاما كبيرة جدا، كما أن اعداد الذين يكملون الدراسة الابتدائية ولا يعرفون الكتابة ليس بالقليل ناهيك عن تفشى الامية فى بلاد الرافدين بعد أن تم القضاء عليها نهائيا قبل ربع قرن.
عندما تريد تخريب بلد وفق منهج وبرنامج دقيق، يجب البدء بالتربية والتعليم، لأن بناء البلاد السليم يبدأ واقعا من التربية والتعليم، ومن يدقق فى واقع التعليم فى العراق بما فيه بناء مدارس فاشلة بمبالغ طائلة وحرمان المدارس من المختبرات العلمية وعدم الاهتمام بمئات الآلاف من الطلبة النازحين وتشريد مئات الآلاف من الطلبة خلال اكثر من عقد مع عوائلهم خارج العراق، يكتشف المرء من كل ذلك وبسهولة أن التخريب وفق ما تريده العملية السياسية وادواتها من المسئولين والسياسيين قد حقق الكثير من اهداف التخريب المتعمد وفى مقدمة ذلك العبث بالتعليم.
الوطن ــ عمان
وليد الزبيدى