شهدت نهاية الأسبوع الماضى 3 حوادث إطلاق نار على قوات الجيش الإسرائيلى فى منطقة شمالى الضفة ومواجهات بين فلسطينيين ومستوطنين وجنود إسرائيليين فى منطقتى جنين ونابلس.
تصاعد التوتر فى شمالى الضفة فى أعقاب مقتل تلميذ اليشيفيا فى بؤرة حومش الاستيطانية. أفراد الخلية الذين نفّذوا الهجوم هم من قرية سيلة الحارثية، وقد أُلقيَ القبض عليهم فى عملية سريعة للجيش والشاباك.
المقصود تنظيم محلى، لكن حركة «حماس» تحاول الآن إشعال شمالى الضفة، حيث سيطرة الأجهزة الأمنية الفلسطينية ضعيفة، بواسطة إطلاق نار وعمليات «مقاومة شعبية» تشمل أعمال شغب ورشق حجارة وزجاجات حارقة ومسيرات شعبية وغيرها.
إذا نجحت «حماس» فى إشعال شمالى الضفة، فمن الممكن أن تمتد النيران إلى سائر أنحائها، فى ضوء ضعف السلطة الفلسطينية وغياب سيطرتها على عدد من المناطق؛ لذلك، كثف الجيش الإسرائيلى قواته فى منطقتى جنين ونابلس، وفى المقابل، يقوم الشاباك بتحقيق مكثف للكشف عن مهاجمين أفراد أو خلايا مسئولة عن الحوادث الأخيرة لإطلاق النار.
تشعر حركة «حماس» بأنها تراهن على «الحصان الجيد»، ومنذ نهاية نوفمبر، وقعت 15 حادثة إطلاق نار وطعن ودهس. المسئول فى «حماس» عبدالحكيم حنينى قال فى 16 ديسمبر إن «الثورة الشعبية فى شمالى نابلس وجنين ستهزم بربرية المستوطنين واعتداءاتهم على الشعب الفلسطينى، كما ستهزم حكومة الاحتلال الفاشية». كذلك طالب حسين الشيخ، وهو أحد المسئولين الكبار فى الضفة ومن المقربين من رئيس السلطة، المجتمع الدولى بالدفاع فورا عن الفلسطينيين فى مواجهة المستوطنين.
يبدو أن «حماس» لا تريد فى هذه المرحلة إشعال حدود قطاع غزة، بل تحديدا مناطق الضفة الغربية. لم تنتهِ «حماس» بعد من إعادة بناء قوتها العسكرية التى تضررت خلال عملية «حارس الأسوار»، وهى تريد البدء بإعادة إعمار القطاع وترميم أضرار الحرب الأخيرة.
من جهة أُخرى، أعلنت مصر بداية المرحلة الثانية من عملية إعادة إعمار القطاع، بعد أن أشرفت على المرحلة الأولى من العملية، من خلال إزالة ركام المنازل، التى دُمِّرت فى الحرب الأخيرة، بواسطة طواقم تقنية وهندسية جاءت من مصر وعملت طوال عدة أشهر، ولا تزال تعمل الآن بفضل منحة لغزة قدرها 500 مليون دولار لبناء ثلاثة مجمعات سكنية فى القطاع، يضم كل منها 3 آلاف وحدة سكنية.
وأعلنت الأونروا أنها ستبدأ بإعادة بناء المنازل التى دُمِّرت بصورة كاملة فى عملية «حارس الأسوار»، بدءا من الشهر الجارى. وسيحصل قطاع غزة فى الفترة المقبلة على تسهيلات اقتصادية إضافية من إسرائيل، ولا تريد «حماس» خسارتها. مصدر أمنى كبير قال إن المؤسسة الأمنية تتوقع زيادة عدد تصاريح العمل لسكان القطاع فى إسرائيل والسماح لهم بالمجيء إلى المسجد الأقصى للصلاة بعد خضوعهم لفحص أمنى من الشاباك، والهدف ترسيخ وضع التهدئة فى القطاع وتحريك ضغط شعبى هناك للتأثير فى «حماس» ومنعها من تصعيد الوضع الأمنى.
«حماس» تبحث عن وقود جديد من أجل إشعال الأرض وتحريض سكان الضفة الغربية، بالإضافة إلى حملة التحريض التى تقوم بها فيما يتعلق بالوضع فى القدس الشرقية وفى الحرم القدسى الشريف.
توترات وسط الأسرى الأمنيين فى السجون
التوترات بين الأسرى الأمنيين وسلطات السجون فى إسرائيل يمكن أن تُستخدم، فى رأى مسئولى «حماس»، كمادة جيدة لإشعال الحريق والعنف فى المناطق. موضوع الأسرى الأمنيين هو موضع إجماع لدى المجتمع الفلسطينى، ومن السهل استخدامه للقيام بعمليات على الأرض وعمليات احتجاج فى السجون بحد ذاتها. وضع الأسرى الأمنيين فى السجون الإسرائيلية متوتر منذ فرار الأسرى الستة من سجن جلبوع فى 6 سبتمبر 2021.
اليوم، هناك إضراب الأسير الأمنى هشام أبوهواش عن الطعام، وهو أسير فى الـ40 من العمر، من بلدة دورا فى منطقة الخليل، معتقل إداريا ومضرب عن الطعام منذ 132 يوما، ونُقل أمس إلى مستشفى أساف الطبى. وتهدد حركة الجهاد الإسلامى بأن «إسرائيل ستدفع ثمنا غاليا»، إذا حدث له أى مكروه.
بالاستناد إلى مصادر فى القطاع، نقلت «حماس»، عبر الاستخبارات المصرية، رسائل إلى إسرائيل تحذرها من تصعيد الوضع على الحدود مع القطاع جرّاء التوترات التى وقعت فى الأسبوع الماضى فى سجن نفحا، بعد الحديث عن إساءة سلطات السجون إلى 5 أسيرات أمنيات، بعد هذا التوتر، أقدم أسير من «حماس» على طعن أحد السجّانين الإسرائيليين بأداة حادة، وهو ما أدى إلى إصابته بجروح طفيفة نُقل فى أثرها للمعالجة. ويدّعى الفلسطينيون أن 45 أسيرا أمنيا نُقلوا بعد الحادثة من سجن نفحا، وجرى توزيعهم على السجون فى شتى أنحاء البلد.
التوترات فى داخل السجون الإسرائيلية هى أيضا نتيجة الحائط المسدود الذى وصلت إليه المفاوضات بين إسرائيل و«حماس» بشأن صفقة جديدة لتبادل الأسرى. فى الأسبوع قبل الماضى، زار وفد استخباراتى مصرى القطاع والتقى قيادة «حماس»، ثم نقل جوابا سلبيا من إسرائيل عن الاقتراح الأخير لـ«حماس» بشأن الصفقة.
التكتيك الذى تستخدمه «حماس» الآن هو المحافظة على الهدوء فى القطاع من أجل ترميم أضرار الحرب وإشعال الضفة والقدس الشرقية، وقد نجحت فى هذه الأثناء، بواسطة التحريض من خلال وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعى، فى خلق موجة هجمات يعمل الشاباك والجيش الإسرائيلى والأجهزة الأمنية الفلسطينية معا، ويبذلون جهدا كبيرا لوقف هذه الموجة ومنع امتدادها إلى كل مناطق الضفة الغربية.