حان وقت الكلام - محمد علاء عبد المنعم - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 12:46 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حان وقت الكلام

نشر فى : الخميس 2 مارس 2023 - 8:10 م | آخر تحديث : الخميس 2 مارس 2023 - 8:10 م
يحتاج المواطنون والمواطنات فى أوقات الأزمات للاستماع إلى توضيح من النخب السياسية عن أسباب الأزمة ومناطق التقصير وسبل الحل.
لذا فإن الكلام السياسى فى أوقات الأزمات ليس رفاهية، حتى وإن كان من المستقر لدى عدد كبير من الأفراد حول العالم أن السياسة تمثل نوعا من الصراع على السلطة أساسه الشعارات، ومن ثم فهى كلام فارغ دون فعل. ولهذا المنطق ما يبرره.
ولكن أوقات الأزمات تفرض طرح رسائل من قيادات العمل العام تستطيع مخاطبة مشاعر الناس وعقولهم وآمالهم، وتتمكن من شحذ جهودهم لتجاوز الأزمة نفسيا وعمليا. وبحسب الأزمة يتحدد مستوى الخطاب.
خلال أزمة الصواريخ الكوبية سنة 1962، التى وضعت العالم على حافة حرب نووية مدمرة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى، خرج الرئيس كيندى فى حديث إذاعى من المكتب البيضاوى للشعب الأمريكى، والكوبى، فى مصارحة عن خلفيات وطبيعة الأزمة وخطته للتعامل معها.
وحين انفجر المكوك الأمريكى Challenger فى 28 يناير سنة 1986 بعد ثوانٍ من إطلاقه، ومات جميع رواد الفضاء السبعة على متنه، خرج الرئيس الأمريكى الأسبق رونالد ريجان للشعب الأمريكى فى حديث تليفزيونى من المكتب البيضاوى، تحدث خلاله عن الحادثة وعن برنامج الفضاء الأمريكى، وكرّم رواد الفضاء الذين قضوا نحبهم على متن المكوك، وقدم العزاء لأسرهم.
وبعد هجمات 11 سبتمبر 2001، خرج الرئيس الأمريكى الأسبق جورج بوش الابن فى أكثر من مناسبة للحديث مباشرة إلى الناس، كان أشهرها حديثه من موقع الأبراج المنهارة فى نيويورك.
ظهر الرئيس جمال عبدالناصر فى أعقاب الهزيمة المريرة فى 5 يونيو 1967، موجها خطابه إلى الشعب المصرى بجميع طوائفه، شارحا لأسباب الهزيمة ومعلنا مسئوليته عنها، وأكد أن مصر قادرة على تخطى هذه الأزمة.
وخلال أحداث الأمن المركزى فى فبراير سنة 1986، خرج الرئيس الأسبق حسنى مبارك فى حديث تليفزيونى لشرح خلفيات الأزمة، والخطوات التى تم اتخاذها ومبرراتها.
وحين خرج مبارك إلى الناس خلال أحداث ثورة 25 يناير، كان ما قدمه قليلا جدا، ومتأخرا جدا. وربما لعبت عوامل السن واللياقة وطول فترة البقاء فى السلطة دورا فى خروج الفعل بهذه الطريقة.
وتتعدد الأمثلة حول العالم لأهمية الكلام، أو السياسة، خاصة فى أوقات الأزمات.
• • •
لا أشك فى أن مصر قادرة على تخطى الأزمة الاقتصادية الراهنة وما ارتبط بها من تداعيات على أصعدة عدة سياسية واجتماعية.
يوجد العديد من الآليات للحوار مع المواطنين والمواطنات، ودمجهم فى قنوات المشاركة.
الحوار الوطنى أحد هذه القنوات، وربما يبدأ عقب شهر رمضان، أى بعد عام من دعوة الرئيس.
من المهم أن يسعى المشاركون فى الحوار، من الجنسين، إلى تحقيق مشاركة مجتمعية فى فعالياته، مع تأكيد أن السوشيال ميديا واللقاءات التليفزيونية بين الحين والآخر مهمة ولكنها غير كافية لاستعادة زخم الحوار والآمال التى تعلقت به فى بداياته.
إن استمرار ابتعاد النخب السياسية عن الشعب سيحدث فراغا تملأه خطابات أخرى معادية، قد يدرك المتلقى أنها لا تبغى إصلاحا، لكنه لا يجد غيرها شارحة ومتكاملة وراسمة لطريق حتى وإن كان ضبابيا وبلا هدف محدد.
إن الحاجة قائمة لخطاب متماسك يشرح أبعاد الوضع الاقتصادى وخطة التعامل معه. كما توجد حاجة حقيقية لتقديم شرح متكامل وواقعى عن الأسباب المؤدية إليه، التى يمكن إرجاع بعضها إلى عوامل خارجية نابعة من وباء كورونا والحرب الروسية الأوكرانية.
يجب فتح النقاش والحوار ومخاطبة الناس مباشرة، ويجب أن تكون لغة الحوار سياسية بالمعنى الواسع لكلمة «سياسة»، فتركز على السياسة بمعنى المنافسة بين الأفكار والتوجهات politics، والسياسة بمعنى التدخلات الحكومية لضبط الأسواق وتنشيط الاقتصاد policy.
محمد علاء عبد المنعم عضو هيئة التدريس بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة
التعليقات