الحب على الكوبري! - سامح فوزي - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 6:37 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الحب على الكوبري!

نشر فى : الثلاثاء 3 يناير 2023 - 8:05 م | آخر تحديث : الثلاثاء 3 يناير 2023 - 8:05 م
شىء صادم أن ينشغل المجتمع بموضوع هامشى وسط هذا الكم من التحديات الاقتصادية والاجتماعية التى تواجهه. قد يرى البعض فى مشاهد عاطفية بين شاب وفتاه على أحد الكبارى مسألة اخلاقية مريعة، او انحرافا سلوكيا ينذر بسوء العاقبة، ولا يرون نفس الفاجعة فى الانفلات الأخلاقى والسلوكى الذى يعج به الشارع المصرى على كل المستويات.
بالتأكيد لا أحد يبرر سلوكا خاطئا، أو يطالب جهات التحقيق بغض الطرف عن ذلك، ولكن ما يلفت الانتباه هو حالة الفراغ النفسى الشديد التى يعانى منها المجتمع إلى الحد الذى يحتل فيه فيديو يسجل الواقعة أعلى مشاهدة، وأكثر بحثا على محركات البحث على الإنترنت، ويضطر الاعلام إلى مناقشة الحادثة، طالما اكتسبت طابعا جماهيريا.
بالتأكيد هى قصة هامشية كشفت حالة الفراغ التى يعيشها الناس بدءا من الشاب والفتاة البائسين اللذين لم يجدا سوى رصيف كوبرى للتعبير عن مشاعرهما، حتى لو كان ذلك يمثل خطأ أخلاقيا، مرورا بالشخص الذى قام بتصوير ونشر الفيديو، وهو المخطئ الأكبر فى رأيى، وانتهاء بمرتادى مواقع التواصل الاجتماعى، الذين ينشغلون بالإثارة.
إن نشر الفيديو والجدل حوله دليل على أن الناس لم تعد لديهم القدرة على ترتيب أولويات الاهتمام فى حياتهم.
يذكرنى ذلك دوما بالتفرقة فى علم الاجتماع بين ثقافة الذنب وثقافة العار... ثقافة الذنب أن تشعر بالمشكلة، وتسعى إلى حلها، بينما ثقافة العار أن تعرف المشكلة، وتحاول التعتيم عليها.
قد يكون فى حكاية العاشقين الشباب أسباب جديرة بالدراسة مثل تدهور التربية الأسرية، وزيادة الضغوط النفسية على الشباب، وصعوبة الزواج، وتدهور الظروف المعيشية، وشكلانية الخطابات الدينية التى لا تذهب مباشرة إلى وجدان الأجيال الشابة، ودور وسائل التواصل الاجتماعى فى إثارة مشاعر الشباب، وضعف المضمون الأخلاقى لمؤسسات التعليم، وغيرها. كل ذلك أسباب جديدة بالدراسة.. علينا أن نسأل أنفسنا قبل أن نعاقب الشاب والفتاة، وهما أهل له، عن السبب الذى دفعهما إلى ذلك، لأننى أظن أن هناك الكثير من أوجه الانحراف فى العلاقات بين الجنسين لا نعرفها، أو نعرفها ونتجاهلها، أو لم يكشف عنها النقاب، أو لم تجد متطفلا بيده كاميرا يقوم بتصويرها.
من هنا لا يجب أن نتعامل مع الواقع مدفوعين فقط بثقافة العار، فقد صار الشارع المصرى مليئا بكل صور الفوضى من معاكسات إلى تحرش مرورا بالخناقات والسباب. ويكفى أن هناك شوارع رئيسية اتجاه واحد صارت الآن اتجاهين نتيجة مرور التوكتوك بها، واحتلال الباعة المتجولين لأرصفتها، وممارسة البلطجة، ويكفى أن هناك الآن موقفا للتوكتوك بجوار قصر القبة!
بالطبع شىء مؤسف ان نرى مشهدا غير أخلاقى لشاب وفتاه على كوبرى، ولكن الأكثر إيلاما منه الواقع الذى به الكثير من المشاهد اللاأخلاقية التى نراها، ونطبع أعيننا عليها، ونهيل عليها تراب التجاهل!
سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات