•• قبل سنوات توقعت أن يذهب بيب جوارديولا إلى إنجلترا، بعد أن قرأت كتابه «السيد بيب» وقرأت تصريحاته وتابعتها منذ عام 2013.. وتوقعت قبل أسابيع أن يدرب مانشستر سيتى، على الرغم من تكهنات أكبر الصحف الرياضية فى العالم ومنها الإيكيب الفرنسية أن المدرب الإسبانى سيتوجه إلى أحد تلك الفرق الإنجليزية بالترتيب: تشيلسى، مانشستر يونايتد، مانشستر سيتى. وكانت الإيكيب تستند فى ترتيبها على المأزق الفنى الذى يعيشه مانشستر يونايتد وتشيلسى، وأن جوارديولا سيكون بالنسبة لأحد الفريقين طوق نجاة.. وأنه سيرحب بذلك لعشقه للتحديات..
•• كان ذلك تفكيرا تقليديا، وفهما مغلوطا للتحديات التى يعشقها هذا المدرب الإسبانى المتوج رقم (1) فى العالم. فمن يتابع رحلة جوارديولا التدريبية، سيجده تألق مع برشلونة وتركه وتوجه إلى ألمانيا لقيادة بايرن ميونيخ الفائز بثلاث بطولات، فهو لم يتول فريقا يعانى فنيا ولكنه ذهب لتدريب بطل، وكانت رغبة إدارة بايرن ميونيخ متوافقه مع رغبة جوارديولا، وهى إجراء تطوير يمزج بين البطولات ومتعة الأداء.. وهذا الهدف بات خطا استراتيجيا لأكبر الأندية الأوروبية لصناعة شعبية واسعة على المستويين الإقليمى والعالمى..
•• الاتصال بين مانشستر سيتى وجوارديولا قديم، وساعد على إتمام الصفقة أن جوارديولا له فلسفة، تعنى بالمواهب والمهارات، كى تبقى أسلوبه، فهو ليس من المدربين الذين يلعبون بأساليب دفاعية تجارية بحثا عن النقاط وتسولا لها، وهو ليس من المدربين التقليدين، الذين يلعبون كل مباراة بحسابات خاصة ومختلفة. ولكنه مدرب نجم ومبدع. والنجم يحتاج إلى نجوم ومبدعين لصناعة فريق نجم يحتاج إلى مهارات فردية ومهارات جماعية.. هكذا حقق مع برشلونة نجومية، وحقق مع بايرن، ويسعى إلى تحقيق الهدف نفسه مع مانشستر سيتى. وهو ما تريده إدارة النادى أيضا. تريد الانطلاق إقليميا وعالميا. ولذلك ستوفر لجوارديولا 150 مليون جنيه استرلينى فور توليه المسئولية فى الصيف المقبل..
•• عملية التعاقد مع جوارديولا من جانب إدارة مانشستر سيتى، وسط الموسم الإنجليزى، وبينما الفريق يقوده المدرب التشيلى بلجرينى، تعد درسا فى أسلوب العمل المحترف احترام المدربين والأجهزة الفنية، فقد أبلغت إدارة سيتى مدرب الفريق برغبتها فى التعاقد مع جوارديولا مع نهاية الموسم، وأبلغته بأن من حقه هو أولا الإعلان عن هذا التعاقد، وأن يدرك أن حقوقه الأدبية والمادية مصونة ومحمية، خاصة أنه حقق نجاحا لا بأس به مع الفريق. وفى مؤتمره الصحفى الأخير قال بلجرينى: « سأرحل يوم 30 يونيو. وأخبرونى بتولى جوارديولا المسئولية قبل شهر»..
•• الأهم من هذا الأسلوب المتحضر فى التعاقدات، هناك الهدف من التعاقد مع مدرب جديد. فلا يحكم التعاقد بالضرورة هدف تقليدى مثل إنقاذ فريق. ولا يحكم اختيار مدرب تاريخه التدريبى ونتائجه السابقة فقط، ولكن الأهداف تتنوع.. ومنها بناء فريق جديد. القبول بفلسفة النادى فى الدفع بناشئين. أو صناعة فريق قوى ينافس على البطولة. أو صناعة فريق نجم بأداء ممتع جميل يوسع من شعبية الفريق محليا وإقليميا وعالميا.. والأهم من الأهم أن تعرف الإدارة التى تتعاقد مع مدرب جديد ماذا تملك من مواهب ومهارات، وما هو أسلوب لعب الفريق الذى تملكه.. هكذا يتعاقدون مع المدربين.. يا أنديتنا ؟!