الكرة المصرية مصابة بمرض (فصام الشخصية) - حسن المستكاوي - بوابة الشروق
السبت 21 ديسمبر 2024 8:36 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الكرة المصرية مصابة بمرض (فصام الشخصية)

نشر فى : الجمعة 3 سبتمبر 2010 - 9:42 ص | آخر تحديث : الجمعة 3 سبتمبر 2010 - 9:42 ص

أتأكد كل يوم أن كرة القدم المصرية مصابة بمرض «فصام الشخصية».. فلا معايير ولا قواعد، ولا أوراق ولا عقود تحترم.. ففى الزمالك رسخ حسين ياسر المحمدى القاعدة الهزلية الجديدة التى تسمى تجديد العقد المتجدد.. فطالب بزيادة قيمة تعاقده مع النادى، وهو الذى اعتبر يوما وجوده فى الزمالك حلما يرد به اعتباره لما جرى له فى الأهلى..

ما حكاية تجديد العقود المبرمة، ولماذا تنفرد الكرة المصرية بتلك الظاهرة الفريدة التى لا يحترم فيها اللاعب عقده الموقع، ولا يملك النادى شجاعة رفض مطالب اللاعب.. وماذا جرى للناس التى لم تعد تحترم عقودها ووعودها وكلمتها..؟!

من البدع والمظاهر والحكايات الغريبة أن الأهلى ظل يطارد عماد متعب، لمدة عام، وكانت مانشيتات الصحف، وقضية البرامج الرياضية اليومية مثل المسلسل التركى، فلا فرق بين متعب أو مهند.. «متعب يبقى فى الأهلى».. «متعب يغادر إلى أوروبا»..

متعب يرفض عرض الأهلى.. ثم طار متعب إلى بلجيكا وعاد بأسرع مما ذهب، ولم يعلن صراحة سبب عودته، أو تراجعه عن الاحتراف فى بلجيكا.. إلا أنه ضحى بأربعة ملايين جنيه من أجل هذا السبب الذى لا يعرفه أحد على وجه الدقة، وسارع الأهلى بالموافقة على التعاقد، على الرغم من تكلفة العقد الكبيرة والظروف المالية غير الجيدة للنادى،

لكنها الحاجة التى أصبحت «أم الاحتراف» فالفريق بلا مهاجمين تقريبا.. ولكن بعض الجمهور يحاسب متعب فى مجالسه على قراره بالعودة وعلى قراره بسداد الملايين الأربعة من أجل الحل الودى الذى ينقذه من مقصلة الفيفا.. إن سلوك النجوم يكون محسوبا عليهم.. ولابد أن يكونوا قدوة.. خاصة فى ظروف يعانى فيها ملايين الشباب بحثا عن عمل!

شيكابالا أيضا يحذر الزمالك من الالتزام بالاتفاق المبرم معه وبعدم تخفيض قيمة عقده وهو عقد بالملايين. وإدارة النادى تدرك جيدا أنها بين المطرقة والسندان. مطرقة شيكابالا بالرضوخ لمطالبه المالية، وسندان الجمهور بالاتفاق مع اللاعب.. لأن إدارة الزمالك ستحاسب بقسوة من قبل جماهير الفريق فى حالة التخلى عن اللاعب لاندرلخت.

وفى الوقت نفسه قد تخسر نفس الإدارة إذا تعاقدت مع اللاعب بما يفوق قدرات النادى المالية فالزمالك شأن عشرات الأندية المصرية يعانى ماديا وهو مطالب بالتعاقد مع أفضل اللاعبين بأغلى الأسعار دون إيرادات تغطى النفقات فى لعبة خاسرة ومفلسة وفقيرة.. هنا تظهر شجاعة الذين يجلسون فى مقعد القيادة وتظهر حكمتهم وحسن تقديرهم للموقف، وتقع الكارثة حين يمنح هؤلاء مقعد القيادة لمن يجلس بجوارهم أو من يقف فوق الرصيف!

وفى هذا الإطار نؤكد أن التعاقد مع شيكابالا بما يفوق قدرات النادى المالية وما يترتب عليه من احتمال ظهور فتنة، هو أمر يسرى على جميع الأندية.. إلا أننا فى الوقت نفسه نرفض هذا المنطق الاشتراكى فى المساواة بين المواهب.. وهو نظام يسعى عشرات اللاعبين إلى فرضه على إدارات الأندية بما لا يتفق مع كل القواعد والأعراف الخاصة بتميز الموهبة..

فلا يوجد ناد فى العالم يبرم مع لاعبيه عقودا موحدة ومتساوية القيمة.. فلاعبو برشلونة ليسوا جميعا ليونيل ميسى، ولاعبو مانشستر يونايتد لم يكونوا كلهم ديفيد بيكهام.. إن شيوع المساواة بين المواهب وأنه لا توجد فروق بين لاعب ولاعب وبين عقد وعقد، بدعة من بدع الكرة المصرية، بل وبدعة من بدع المجتمع.


رسالة أخلاقية.. ورياضية

 

فى سياق التفاعل مع القراء، وتخصيص مساحة كل فترة لنشر آرائهم ومناقشتها، تلقيت رسالة أراها مهمة ورياضية بحق من أحمد نور.

يقول فيها: «هذه هى المرة الأولى فى حياتى التى أكتب فيها إلى إحدى الصحف ولعل ما حدث بعد مباراة الأهلى والشبيبة من قلة من بعض جماهير الأهلى فى التعامل مع الجهاز الفنى لإظهار غضبهم هو ما دعانى للكتابة لكم بخصوص هذا الموضوع. أنا يا سيدى أهلاوى وغير متعصب..

وما حدث من بعض جماهير الأهلى أثناء خروج الجهاز الفنى بعد المباراة سلوك مرفوض تماما والعجيب أنه صدر من رواد المقصورة والدرجة الأولى والذين من المفترض أنهم من الأناس المثقفين أو على الأقل الأكثر وعيا من غيرهم من الجماهير وإن كان ما حدث أثبت العكس تماما».

نعم من حق جماهير الأهلى على اختلاف فئاتها أن تحزن لضياع الثلاث نقاط ومن حقها أن تعبر عن غضبها لاهتزاز المستوى فى الآونة الأخيرة ولكن أيضا واجب حتمى عليها أن تتعامل مع هذا الغضب بما يليق أولا بإنسانية كل فرد ثم بما يليق بالنادى الأهلى الذى هو مادام ناديا للمبادئ..

يجب أن تكون الجماهير على قدر ناديها وعلى مستواه، حتى وإن كان المدرب هو شخصا آخر بخلاف حسام البدرى الذى صفقت له نفس الجماهير فى نهائى الكأس رغم الهزيمة من حرس الحدود والذى حمل على الأعناق بعد مباراة ليبيا وانهارت دموعه حبا عندما رأى تشجيع الجمهور.

وهنا أوجه سؤالا لكل من ألقى بزجاجة مياه على مدرب الأهلى (أى مدرب للنادى) بغض النظر عن حسام البدرى، هل يقبل أى من هذه الجماهير أن يقوم أحد عملائه أو رئيسه فى العمل أو أستاذه فى المدرسة أو الجامعة أن يلقى بزجاجة مياه فى وجهه لأنه أخطأ؟ هل يقبل ذلك؟ هل يقبل أن يشتمه مديره بالعمل لأنه أخطأ فى العمل؟ لا أعتقد. فما بالك سيدى بغضب جماعى وسباب جماعى؟!»

أنت رجل يملك المنطق، وتدرك معنى الرياضة، وأهمية احترام كل إنسان مهما كان الخطأ، بقدر اهتمامى بأن يحاسب ويعاقب إداريا كل من يقع فى خطأ. وأشفق دائما على المدربين، وعلى الحكام من السباب الجماعى الذين يتعرضون له فى بعض الأحيان بما يمثل إهدارا للكرامة الإنسانية.

وكل من تعرض للبدرى أو يتعرض لمدرب أو حكم أو ناد بالسباب لا يقبل أن يناله من أستاذه أو رئيسه، ولا حتى يقبل من والده نفس الغضب ونفس السباب. تلك مسألة إنسانية مهمة.. أراها مثلك غائبة عن ساحة الرياضة، هذا النشاط الإنسانى الجميل..

وربما وقع البدرى فى أخطاء، وقد يعاب عليه أنه عصبى، وربما لا يحسن إدارة النجوم والسيطرة عليهم.. تلك أمور تستوجب وقفة ومراجعات لدوره ربما، لكن هذا أو غيره لا يبرر أن ينهش جمهوره فى لحمه بتلك الصورة.. أوافقك تماما من المنظور الأخلاقى والرياضى والإنسانى.

حسن المستكاوي كاتب صحفي بارز وناقد رياضي لامع يعد قلمه وكتاباته علامة حقيقية من علامات النقد الرياضي على الصعيد العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة ، واشتهر بكتاباته القيمة والرشيقة في مقالته اليومية بالأهرام على مدى سنوات طويلة تحت عنوان ولنا ملاحظة ، كما أنه محلل متميز للمباريات الرياضية والأحداث البارزة في عالم الرياضة ، وله أيضا كتابات أخرى خارج إطار الرياضة ، وهو أيضا مقدم برنامج صالون المستكاوي في قناة مودرن سبورت ، وهو أيضا نجل شيخ النقاد الرياضيين ، الراحل نجيب المستكاوي.