جريمة فى حق كرة القدم! - حسن المستكاوي - بوابة الشروق
الإثنين 16 سبتمبر 2024 12:09 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جريمة فى حق كرة القدم!

نشر فى : الثلاثاء 3 سبتمبر 2024 - 7:55 م | آخر تحديث : الثلاثاء 3 سبتمبر 2024 - 7:55 م

** كانت كرة القدم تمارس قديما بقدرات الأفراد. اللاعب الموهوب. كانت الفردية تظهر، فى المساحات الواسعة، والإيقاع البطىء، وهذا منح الكرة البرازيلية سيطرة شبه مطلقه على العالم، حتى السبعينيات من القرن الماضى. (شاهد مباريات البرازيل فى كاس العالم بالمكسيك، سترى فريقًا يساوى فى كرة القدم فرقة البولوشوى الروسية فى فن الباليه). ولم يدرك البرازيليون أن المهارة وحدها لا تكفى بعد المدرب زاجالو فى مونديال 1970، وأن الدفاع وحده لا يكفى حتى مع دونجا وبعده عقب مونديال 1994. اللعبة الآن أكثر جماعية، وأكثر تعقيدًا، والقضية ليست اسم لاعب ومن يلعب مكان من، ولا هى مسئولية خط واحد من خطوط الفريق. إنها منظومة جماعية دقيقة، للغاية حتى لو بدت أسهم التكتيك مجرد رسومات فضائية سريالية وفوضوية، لكنها الفوضى الجماعية المعقدة الخلاقة!

** الحلول الفردية موجودة قطعًا باللاعبين السوبر، والحل يأتى بنتاج عمل جماعى، كما كان يأتى لميسى، ورونالدو، وكما يأتى لهالاند، ولصلاح. (ركز هنا على صلاح فكيف يمنح المساعدة بما يسمح له بالحرية والإبداع). إنها جريمة كبيرة ترتكب فى حق كرة القدم وفى حق رؤية المباريات وتقييمها، أن يرتبط الرأى الفنى الأهداف. فإن تأخرت يسارع فريق التحليل إلى المطالبة بالتغييرات، وخروج لاعب والدفع بلاعب آخر، وهى نظرية تتعارض مع فهم جماعية اللعبة. باستثناء ضرورية الدفع باللاعب لسبب تكتيكى يعالج ثغرة فى مركز أو ثغرة فى دور وواجب، أو لاختراق ثغرة فى صفوف الفريق المنافس (أشرح ذلك بما يلى: إحدى السلبيات القليلة التى واجهها أرنى سلوت مدرب ليفربول خلال 270 دقيقة لعبها عندما اضطر إلى استبدال جاريل كوانساه ودفع بإبراهيما كوناتى محل كوانساه أمام إيبسويتش، بسبب قلقه من عدد المواجهات التى خسرها كوانساه).

** وهذا يقودنا إلى السؤال المهم: هل الكرة الممتعة هى كرة مانشستر سيتى وحده أم كرة ريال مدريد.. هل للمتعة فى اللعبة عدة وجوه وأساليب؟ ثم يلى ذلك السؤال التالى: هل الهجوم الساحق هو متعة كرة القدم الأولى وهل يجب تهاجم الفرق الكبيرة فقط أم أنها مطالبة بالهجوم والدفاع؟

** كلاهما السيتى والريال يقدم كرة ممتعة. وإن إختلف إسلوبه. حتى لا يبدو هذا مجرد كلام. دعونا نتعرف كيف يرى أرنى سلوت تفوق ليفربول فى ثلاث مباريات، وكيف يرى تين هاج سلبية مانشستر يونايتد خلال 16 يومًا من الموسم؟

** منذ سنوات قال السير أليكس فيرجسون: «الهجوم يفوز لك بالمباريات، والدفاع يفوز لك بالألقاب». لكن كيف يكون الدفاع من أين يجب أن يبدأ؟ لقد استقر أربعة من المدافعين الخمسة فى ليفربول لفترة طويلة. وهم أليسون وترينت ألكسندر أرنولد وفيرجيل فان ديك وآندى روبرتسون. وكانت إحدى المشكلات التى واجهت ليفربول هى الدفاع الضعيف الذى سمح بالكثير من التسديدات. ولا يزال ألكسندر أرنولد كما كان مع كلوب قادرًا على التحرك إلى خط الوسط. لكنه أحيانًا يفتقد التمريرة الدقيقة والسريعة كان المدير لا يزال ينتقد تمريرات ألكسندر. ومع سلوت يهتم ليفربول أكثر بالاحتفاظ بالكرة، مع وجود رايان جرافينبيرش متأخرًا فى الوسط قليلًا. وقد براعته أظهر فى أولد ترافورد فى قراءة اللعبة، حيث اعترض تمريرة كاسيميرو وصنع هجمة مرتدة  سجل منها لويس دياز. وجاء كل هدف فى مرمى يونايتد من العدوانية فى خط الوسط، والضغط لارتكاب الأخطاء. ويقدم سلوت الثقة والحرية بنفس القدر لدياز وديوجو جوتا ومحمد صلاح للتعبير عن أنفسهم. تلك جزئية مهمة فى منظومة الفريق الجماعية.

** فى المقابل فى مانشستر يونايتد لم يكن كاسيميرو هو المذنب الوحيد. ففى مركز المهاجم، أهدر جوشوا زيركزى، فرصًا واضحة. كما لعب أندريه أونانا الكرات العالية مباشرة خارج الملعب أو إلى الخصم. وكان أليخاندرو جارناتشو وكذلك برونو فرنانديز، ثم الحالة الغريبة لماركوس راشفورد. إنه لغز آخر يواجهه تين هاج. والخلاصة أن فريقه كان ضعيفًا أمام ليفربول. ضعيفًا فى كل خط وفى كل مركز ومن الدفاع إلى الأمام.. تلك مشكلة فريق، وليست مشكلة لاعب واحد يستحق التبديل لأنه أخطأ.. فنحن أمام فريق بلاهيكل متماسك!

** رؤية الفرد اللاعب فقط جريمة فى حق كرة القدم سواء بالنظرة الإيجابية أو بالسلبية وتقييم فريق بالنتيجة وبهدف جريمة فى حق كرة القدم!

حسن المستكاوي كاتب صحفي بارز وناقد رياضي لامع يعد قلمه وكتاباته علامة حقيقية من علامات النقد الرياضي على الصعيد العربي بصفة عامة والمصري بصفة خاصة ، واشتهر بكتاباته القيمة والرشيقة في مقالته اليومية بالأهرام على مدى سنوات طويلة تحت عنوان ولنا ملاحظة ، كما أنه محلل متميز للمباريات الرياضية والأحداث البارزة في عالم الرياضة ، وله أيضا كتابات أخرى خارج إطار الرياضة ، وهو أيضا مقدم برنامج صالون المستكاوي في قناة مودرن سبورت ، وهو أيضا نجل شيخ النقاد الرياضيين ، الراحل نجيب المستكاوي.