الشرق الأوسط - لندن: الغاز الطبيعى كجسر للانتقال إلى مرحلة تحول الطاقة - صحافة عربية - بوابة الشروق
الأحد 22 ديسمبر 2024 1:24 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الشرق الأوسط - لندن: الغاز الطبيعى كجسر للانتقال إلى مرحلة تحول الطاقة

نشر فى : الأربعاء 4 أغسطس 2021 - 7:45 م | آخر تحديث : الأربعاء 4 أغسطس 2021 - 7:45 م
نشرت صحيفة الشرق الأوسط اللندنية مقالا للكاتب وليد خدورى، تناول فيه أهمية الغاز الطبيعى وسبب كونه جسرا فى الانتقال إلى عصر الطاقات المستدامة... جاء فيه ما يلى.
يلعب الغاز الطبيعى، خلال السنوات القريبة المقبلة، دور الجسر للانتقال إلى عصر الطاقات المستدامة. يعود السبب فى ذلك إلى انخفاض الكربون فيه ــ نسبيا ــ إلى بقية أنواع الوقود الأحفورى، بالذات مقارنة بالفحم الحجرى الذى يعتبر من أكثر أنواع الوقود الملوث للبيئة.
أدت النسب الأقل للكربون فى الغاز الطبيعى هذه، إلى اعتباره «وقود الانتقال إلى عصر الطاقات المستدامة»؛ مما يعنى إمكانية استخدامه بشكل واسع أثناء الفترة الانتقالية. لكن ما سيعطى الغاز المسال (وهو الغاز الأكثر تجارة فى العالم) دوره المرجح مستقبلا هو محاولة «تحييده كربونيا».
إن الطريق إلى «صفر الانبعاثات 2050» تواجه تحديات عدة. فمن غير الممكن، ومن غير الواقع، افتراض نهاية الصناعة الهيدروكربونية خلال الفترة الانتقالية هذه، باستثناء إغلاق الدول إغلاقا كاملا ونهائيا لصناعة الفحم فى الدول الصناعية. ورغم المحاولات العديدة لوضع حد نهائى لصناعة الفحم الحجرى، بعد استمرارها عقودا من التقليص والتهميش، إنْ لأسباب بيئية بحتة أو لأسباب اقتصادية تعود إلى منافسة الغاز لاقتصاديات الفحم. فرغم كل هذه العقبات أمام الفحم، استطاعت الصناعة الاستمرار ولو مهمشة ومتقلصة، وذلك لاعتبارها من قبل الدول المنتجة لها مصدرا طاقويا وطنيا (محليا) يعفيها من استيراد الطاقة الأجنبية. ونظرا لدور الفحم سابقا، تميزت نقابات الفحم بنفوذها السياسى فى دولها. وآخر مثال على ذلك، دور صناعة الفحم الأمريكية فى مساندة دونالد ترمب فى حملته الانتخابية الرئاسية لعام 2016، لقاء وعده بمساندة ودعم صناعة ونقابات عمال الفحم رغم احتجاجات المنظمات البيئية.
ويتوقع على ضوء التشريعات العديدة التى تم سنّها فى الدول الصناعية، وبناءً على التقدم التكنولوجى المستمر لصناعات الطاقات المستدامة، تقليص الاستهلاك البترولى بحلول منتصف هذا القرن. وفى الوقت نفسه، وبناءً على التجارب العلمية والمحاولات الجارية لسحب وتجميع ثانى أكسيد الكربون من النفط والغاز لـ«تخضيرهما» بحيث تتقلص الانبعاثات منهما إلى الحدود الدنيا الممكنة بحيث يتم استعمال البترول «الأخضر». ثانيا: إمكانية استخراج الهيدروجين من البترول ليصبح الوقود الجديد مستقبلا. طبعا، هذا بالإضافة إلى سحب وتجميع الهيدروجين من الماء.
ويتم خلال هذه الفترة إنتاج نحو 95 مليون برميل يوميا من النفط الخام ونحو 375 مليار قدم مكعبة يوميا من الغاز الطبيعى. ويرتفع الطلب على الغاز، بالذات فى الأسواق الآسيوية، بحيث ازداد سعر الغاز المسال فى جنوب شرقى آسيا إلى نحو 15.6 دولار للمليون وحدة بريطانية. ومعادلات أسعار الغاز مرتبطة بأسعار النفط الخام. فازدياد أسعار النفط مؤخرا إلى أعلى من 75 دولارا للبرميل قد أدى بدوره إلى ارتفاع أسعار الغاز المسال المصدر إلى الأسواق الآسيوية.
تختلف نتائج الدراسات حول التوقعات المستقبلية. إذ تتوقع دراسة لمؤسسة «ماكينزى» الاستشارية استمرار ارتفاع الطلب على الغاز نظرا لانخفاض انبعاثاته للكربون، ولإمكانات سحب الكربون منه، وذلك فى حال النجاح والتقدم التقنى فى التجارب الجارية حاليا.
لكن تتباين هذه التوقعات مع دراسات أخرى. فرغم الاهتمام والإجماع العالمى لتحسين المناخ، تشير وزارة الطاقة الأمريكية من ناحية إلى احتمال زيادة استهلاك الغاز العالمى نحو 40 إلى 45 فى المائة بحلول منتصف القرن؛ هذا فى الوقت الذى تشير فيه وكالة الطاقة الدولية فى دراستها حول «صفر الانبعاثات لعام 2050» إلى أن الطلب العالمى على الطاقة سينخفض 8 فى المائة بحلول عام 2050، رغم أن مجموع سكان العالم سيزداد نحو مليارى نسمة عما هو عليه الآن، ناهيك عن تحسن مستوى المعيشة فى الدول الناشئة كالصين والهند وجنوب أفريقيا وكوريا الجنوبية والبرازيل؛ الأمر الذى سيعنى بدوره ازدياد استهلاك الطاقة. ومما يثير الغموض أكثر على توقعات وكالة الطاقة الدولية هو معلوماتهم الصادرة مؤخرا التى تشير إلى أنه بعد عقد من الاستثمارات القياسية فى الطاقات البديلة، يتم استمرار توسع الاستثمار فى مجالات الطاقة البديلة رغم جائحة «كوفيدــ19». فحجم استهلاك الوقود الأحفورى فى ازدياد (باستثناء الفحم الحجرى)، حيث زود الأخير الأسواق العالمية بنحو 83 فى المائة من إمدادات الطاقة فى عام 2020.
تكمن أهمية الغاز ليس فقط فى صداقته للبيئة، بل أيضا فى الإمكانات المتعددة لاستهلاكه. إذ يستعمل فى تغذية محطات توليد الكهرباء، والصناعات البتروكيماوية، وغيرها من الصناعات الثقيلة (الحديد والصلب والألومنيوم)، والتدفئة، وتغذية محطات تحلية مياه البحر، ووسائل المواصلات.
وبسبب التطورات العلمية، فالمجالات واسعة للتوسع فى كلٍ من مجالى العرض والطلب. فعلى سبيل المثال وليس الحصر، استطاعت شركات النفط خلال الأعوام الخمسة الماضية من تطوير صناعة التكسير للنفط الصخرى ودمجها بصناعة حفر آبار النفط الصخرى. وقد نتج من تطوير هاتين الصناعتين فى الولايات المتحدة خلال النصف الثانى من العقد الماضى (2015 ــ 2019) زيادة إنتاج الغاز الصخرى الأمريكى نحو 70 فى المائة. الأمر الذى أدى إلى تغذية السوق الأمريكية، بالإضافة إلى التصدير للأسواق الدولية وتزويد إمدادات كبيرة من الغاز الصخرى القليل الانبعاثات والمنافس البيئى لإمدادات الطاقة الأخرى بأسعار مناسبة. من الأرجح أن السبب الرئيسى فى بروز صعود دور الغاز خلال المرحلة الانتقالية وزيادة الطلب عليه فى الفترة المقبلة هو محاولة تحويل الغاز المسال ليصبح «حيادى الكربون» وصديقا لقوانين البيئة الحديثة.
ومن الجدير بالذكر، أن أبحاث تطوير الطاقات المستدامة تأخذ بنظر الاعتبار أيضا التنافس مع الطاقات البديلة نفسها، وليس فقط التنافس مع النفط والغاز. فعلى سبيل المثال، لقد تحقق نجاح واسع خلال الفترة الأخيرة فى تقليص حجم انبعاثات الميثان. وهناك فى الوقت نفسه بحوث جارية لتقليص الانبعاثات الناتجة من تجميع وتخزين الانبعاثات عن تكسير البترول الصخرى. وأيضا، تقليص الانبعاثات من التكرير أو النقل. هذا بالإضافة، إلى تحديث المكائن والأدوات القديمة. ناهيك عن المحاولات الدءوبة لإيقاف حرق الغاز الطبيعى. وأخيرا وليس آخرا تُجرى الأبحاث الآن لـ«تحييد الكربون» فى الغاز المسال.
التعليقات